الباحث القرآني
﴿قُلْ﴾ تَبْكِيتًا لَهم ﴿لَنْ يُصِيبَنا﴾ أبَدًا ﴿إلا ما كَتَبَ اللَّهُ لَنا﴾ أيْ: ما اخْتَصَّنا بِإثْباتِهِ وإيجابِهِ مِنَ المَصْلَحَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ أوِ الأُخْرَوِيَّةِ كالنُّصْرَةِ أوِ الشَّهادَةِ المُؤَدِّيَةِ لِلنَّعِيمِ الدّائِمِ، فالكَتْبُ بِمَعْنى التَّقْدِيرِ، واللّامُ لِلِاخْتِصاصِ، وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ المُرادُ بِالكَتْبِ الخَطَّ في اللَّوْحِ واللّامُ لِلتَّعْلِيلِ والأجْلِ، أيْ لَنْ يُصِيبَنا إلّا ما خَطَّ اللَّهُ تَعالى لِأجْلِنا في اللَّوْحِ ولا يَتَغَيَّرُ بِمُوافَقَتِكم ومُخالَفَتِكم، فَتَدُلُّ الآيَةُ عَلى أنَّ الحَوادِثَ كُلَّها بِقَضاءِ اللَّهِ تَعالى، ورُوِيَ هَذا عَنِ الحَسَنِ، وادَّعى بَعْضُهم أنَّهُ غَيْرُ مُناسِبٍ لِلْمَقامِ وأنَّ قَوْلَهُ تَعالى: ( ﴿هُوَ مَوْلانا﴾ ) أيْ: ناصِرُنا ومُتَوَلِّي أُمُورِنا يُعَيِّنُ الأوَّلَ لِأنَّهُ يُبَيِّنُ أنَّ مَعْنى اللّامِ الِاخْتِصاصُ ويُخَصِّصُ المَوْصُولَ بِالنَّصْرِ والشَّهادَةِ أيْ لَنْ يُصِيبَنا إلّا ذَلِكَ دُونَ الخِذْلانِ والشَّقاوَةِ كَما هو مَصِيرُ حالِكم لِأنّا مُؤْمِنُونَ وأنَّ اللَّهَ مَوْلى الَّذِينَ آمَنُوا وأنَّ الكافِرِينَ لا مَوْلى لَهم، وقَدْ يُقالُ: هو تَعْلِيلٌ لِما يُسْتَفادُ مِنَ القَوْلِ السّابِقِ مِنَ الرِّضا أيْ لَنْ يُصِيبَنا إلّا ما كَتَبَ مِن خَيْرٍ أوْ شَرٍّ فَلا يَضُرُّنا ما أنْتُمْ عَلَيْهِ ونَحْنُ بِما فَعَلَ اللَّهُ تَعالى راضُونَ لِأنَّهُ سُبْحانَهُ مالِكُنا ونَحْنُ عَبِيدُهُ، وقَرَأ ابْنُ مَسْعُودٍ ( هَلْ يُصِيبُنا ) وطَلْحَةُ ( هَلْ يُصَيِّبُنا ) بِتَشْدِيدِ الياءِ مِن صَيَّبَ الَّذِي وزْنُهُ فَيْعَلَ لا فَعَّلَ بِالتَّضْعِيفِ لِأنَّ قِياسَهُ صَوَّبَ لِأنَّهُ مِنَ الواوِيِّ فَلا وجْهَ لِقَلْبِها ياءً بِخِلافِ ما إذا كانَ صَيْوَبَ عَلى وزْنِ فَيْعَلَ لِأنَّهُ إذا اجْتَمَعَتِ الواوُ والياءُ والأوَّلُ مِنهُما ساكِنٌ قُلِبَتِ الواوُ ياءًا وهو قِياسٌ مُطَّرِدٌ، وجَوَّزَ الزَّمَخْشَرِيُّ كَوْنَهُ مِنَ التَّفْعِيلِ عَلى لُغَةِ مَن قالَ صابَ يُصِيبُ، ومِنهُ قَوْلُ الكُمَيْتِ:
؎واسْتَبى الكاعِبَ العَقِيلَةَ إذْ أسْهُمِي الصّائِباتُ والصُّيُبُ
( ﴿وعَلى اللَّهِ﴾ ) وحْدَهُ ( ﴿فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ﴾ ) بِأنْ يُفَوِّضُوا الأمْرَ إلَيْهِ سُبْحانَهُ، ولا يُنافِي ذَلِكَ التَّشَبُّثَ بِالأسْبابِ العادِيَّةِ إذا لَمْ يُعْتَمَدْ عَلَيْها، وظاهِرُ كَلامِ جَمْعٍ أنَّ الجُمْلَةَ مِن تَمامِ الكَلامِ المَأْمُورِ بِهِ، وتَقْدِيمُ المَعْمُولِ لِإفادَةِ التَّخْصِيصِ كَما أشَرْنا إلَيْهِ، وإظْهارُ الِاسْمِ الجَلِيلِ في مَقامِ الإضْمارِ لِإظْهارِ التَّبَرُّكِ والِاسْتِلْذاذِ بِهِ.
ووَضَعَ المُؤْمِنِينَ مَوْضِعَ ضَمِيرِ المُتَكَلِّمِ لِيُؤْذِنَ بِأنَّ شَأْنَ المُؤْمِنِينَ اخْتِصاصُ التَّوَكُّلِ بِاللَّهِ تَعالى، وجِيءَ بِالفاءِ الجَزائِيَّةِ لِتُشْعِرَ بِالتَّرَتُّبِ أيْ إذا كانَ لَنْ يُصِيبَنا إلّا ما كَتَبَ اللَّهُ أيْ خَصَّنا اللَّهُ سُبْحانَهُ بِهِ مِنَ النَّصْرِ أوِ الشَّهادَةِ وأنَّهُ مُتَوَلِّي أمْرَنا فَلْنَفْعَلْ ما هو حَقُّنا مِنِ اخْتِصاصِهِ جَلَّ شَأْنُهُ بِالتَّوَكُّلِ، قالَ الطِّيبِيُّ: وكَأنَّهُ قُوبِلَ قَوْلُ المُنافِقِينَ بِهَذِهِ الفاصِلَةِ، والمَعْنى دَأْبُ المُؤْمِنِينَ أنْ لا يَتَّكِلُوا عَلى حَزْمِهِمْ وتَيَقُّظِ أنْفُسِهِمْ كَما أنَّ دَأْبَ المُنافِقِينَ ذَلِكَ بَلْ أنْ يَتَّكِلُوا عَلى اللَّهِ تَعالى وحْدَهُ ويُفَوِّضُوا أُمُورَهم إلَيْهِ، ولا يَبْعُدُ تَفَرُّعُ الكَلامِ عَلى قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ( ﴿هُوَ مَوْلانا﴾ ) كَما لا يَخْفى، ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ هَذِهِ الجُمْلَةُ مَسُوقَةً مِن قِبَلِهِ تَعالى أمْرًا لِلْمُؤْمِنِينَ بِالتَّوَكُّلِ إثْرَ أمْرِهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِما ذُكِرَ، وأمْرُ وضْعِ الظّاهِرِ مَوْضِعَ الضَّمِيرِ في المَوْضِعَيْنِ حِينَئِذٍ ظاهِرٌ وكَذا إعادَةُ الأمْرِ في قَوْلِهِ تَعالى:
{"ayah":"قُل لَّن یُصِیبَنَاۤ إِلَّا مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَنَا هُوَ مَوۡلَىٰنَاۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡیَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق