الباحث القرآني

وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿هَلْ في ذَلِكَ﴾ إلَخْ تَحْقِيقٌ وتَقْرِيرٌ لِفَخامَةِ الأشْياءِ المَذْكُورَةِ المُقْسَمِ بِها وكَوْنُها مُسْتَحِقَّةً لِأنْ تُعَظَّمَ بِالإقْسامِ بِها فَيَدُلُّ عَلى تَعْظِيمِ المُقْسَمِ عَلَيْهِ وتَأْكِيدُهُ مِن طَرِيقِ الكِنايَةِ فَذَلِكَ إشارَةٌ إلى المَقْسَمِ بِهِ وما فِيهِ مِن مَعْنى البُعْدِ لِزِيادَةِ تَعْظِيمِهِ؛ أيْ: هَلْ فِيما ذُكِرَ مِنَ الأشْياءِ ﴿قَسَمٌ﴾ أيْ: مُقْسَمٌ بِهِ ﴿لِذِي حِجْرٍ﴾ أيْ: هَلْ يَحِقُّ عِنْدَهُ أنْ يُقْسَمَ بِهِ إجْلالًا وتَعْظِيمًا، والمُرادُ تَحْقِيقُ أنَّ الكُلَّ كَذَلِكَ وإنَّما أُوثِرَتْ هَذِهِ الطَّرِيقُ هَضْمًا لِلْحَقِّ وإيذانًا بِظُهُورِ الأمْرِ، وهَذا كَما يَقُولُ المُتَكَلِّمُ بَعْدَ ذِكْرِ دَلِيلٍ واضِحِ الدَّلالَةِ عَلى مَدْعاةٍ: هَلْ دَلَّ هَذا عَلى ما قُلْناهُ. وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ التَّحْقِيقُ أنَّ ذَوِي الحِجْرِ يُؤَكِّدُونَ بِمِثْلِ ذَلِكَ المُقْسَمِ عَلَيْهِ فَيَدُلُّ أيْضًا عَلى تَعْظِيمِهِ وتَأْكِيدِهِ فَذَلِكَ إشارَةٌ إلى المَصْدَرِ أعْنِي الإقْسامَ هَلْ في إقْسامِي بِتِلْكَ الأشْياءِ إقْسامٌ لِذِي حِجْرٍ مَقْبُولٌ عِنْدَهُ يَعْتَدُّ بِهِ ويَفْعَلُ مِثْلَهُ ويُؤَكِّدُ بِهِ المُقْسَمَ عَلَيْهِ؟ وحاصِلُ الوَجْهَيْنِ فِيما يَرْجِعُ إلى تَأْكِيدِ المُقْسَمِ عَلَيْهِ واحِدٌ إلّا أنَّ الوَجْهَ مُخْتَلِفٌ كَما لا يَخْفى، ولَعَلَّ الأوَّلَ أظْهَرُ والحِجْرُ العَقْلُ؛ لِأنَّهُ يَحْجُرُ صاحِبَهُ؛ أيْ: يَمْنَعُهُ مِنَ التَّهافُتِ فِيما لا يَنْبَغِي، كَما سُمِّيَ عَقْلًا ونُهْيَةً لِأنَّهُ يَعْقِلُ ويَنْهى وحَصاةً مِنَ الإحْصاءِ وهو الضَّبْطُ. وقالَ الفَرّاءُ: يُقالُ إنَّهُ لَذُو حِجْرٍ إذا كانَ قاهِرًا لِنَفْسِهِ ضابِطًا لَها والمُقْسَمُ عَلَيْهِ مَحْذُوفٌ؛ وهو لَيُعَذِّبَنَّ كَما يُنْبِئُ عَنْهُ قَوْلُهُ تَعالى شَأْنُهُ:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب