الباحث القرآني

﴿إنَّ رَبَّكَ لَبِالمِرْصادِ﴾ تَعْلِيلٌ لِما قَبْلَهُ وإيذانٌ بِأنَّ كُفّارَ قَوْمِهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ سَيُصِيبُهم مِثْلُ ما أصابَ أضْرابَهُمُ المَذْكُورِينَ مِنَ العَذابِ كَما يُنْبِئُ عَنْهُ التَّعَرُّضُ لِعُنْوانِ الرُّبُوبِيَّةِ مَعَ الإضافَةِ إلى ضَمِيرِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، والمِرْصادُ المَكانُ الَّذِي يَقُومُ بِهِ الرَّصَدُ ويَتَرَقَّبُونَ فِيهِ مِفْعالٌ مِن رَصَدَهُ كالمِيقاتِ مِن وقَتَهُ. وفي الكَلامِ اسْتِعارَةٌ تَمْثِيلِيَّةٌ شُبِّهَ كَوْنُهُ تَعالى حافِظًا لِأعْمالِ العُصاةِ عَلى ما رُوِيَ عَنِ الضَّحّاكِ مُتَرَقِّبًا لَها ومُجازِيًا عَلى نَقِيرِها وقِطْمِيرِها بِحَيْثُ لا يَنْجُو مِنهُ سُبْحانَهُ أحَدٌ مِنهم بِحالِ مَن قَعَدَ عَلى الطَّرِيقِ مُتَرَصِّدًا لِمَن يَسْلُكُها لِيَأْخُذَهُ فَيُوقِعُ بِهِ ما يُرِيدُ، ثُمَّ أُطْلِقَ لَفْظُ أحَدِهِما عَلى الآخَرِ، والآيَةُ عَلى هَذا وعِيدٌ لِلْعُصاةِ مُطْلَقًا. وقِيلَ: هي وعِيدٌ لِلْكَفَرَةِ وقِيلَ: وعِيدٌ لِلْعُصاةِ ووَعْدٌ لِغَيْرِهِمْ وهو ظاهِرُ قَوْلِ الحَسَنِ،؛ أيْ: يَرْصُدُ سُبْحانَهُ أعْمالَ بَنِي آدَمَ. وجَوَّزَ ابْنُ عَطِيَّةَ كَوْنَ المِرْصادِ صِيغَةَ مُبالَغَةٍ كالمِطْعامِ والمِطْعانِ، وتَعَقَّبَهُ أبُو حَيّانَ بِأنَّهُ لَوْ كانَ كَما زَعَمَ لَمْ تَدْخُلِ الباءُ لِأنَّها لَيْسَتْ في مَكانِ دُخُولِها لا زائِدَةً ولا غَيْرَ زائِدَةٍ، وأُجِيبَ بِأنَّها عَلى ذَلِكَ تَجْرِيدِيَّةٌ نَعَمْ يَلْزَمُهُ إطْلاقُ المِرْصادِ عَلى اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ وفِيهِ شَيْءٌ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب