الباحث القرآني

سُورَةُ الفَجْرِ مَكِّيَّةٌ في قَوْلِ الجُمْهُورِ. وقالَ عَلِيُّ بْنُ أبِي طَلْحَةَ: مَدَنِيَّةٌ وآيُها اثْنَتانِ وثَلاثُونَ آيَةً في الحِجازِيِّ، وثَلاثُونَ في الكُوفِيِّ والشّامِيِّ، وتِسْعٌ وعِشْرُونَ في البَصْرِيِّ. ولَمّا ذَكَرَ سُبْحانَهُ فِيما قَبْلَها ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ﴾ و﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ﴾ أتْبَعَهُ تَعالى بِذِكْرِ الطَّوائِفِ المُكَذِّبِينَ مِنَ المُتَجَبِّرِينَ الَّذِينَ وُجُوهُهم خاشِعَةٌ، وأشارَ جَلَّ شَأْنُهُ إلى الصِّنْفِ الآخَرِ الَّذِينَ وُجُوهُهم ناعِمَةٌ بِقَوْلِهِ سُبْحانَهُ فِيها: ﴿يا أيَّتُها النَّفْسُ المُطْمَئِنَّةُ﴾ وأيْضًا فِيها مِمّا يَتَعَلَّقُ بِأمْرِ الغاشِيَةِ ما فِيها. وقالَ الجَلالُ السُّيُوطِيُّ: لَمْ يَظْهَرْ لِي في وجْهِهِ ارْتِباطُها سِوى أنْ أوَّلَها كالإقْسامِ عَلى صِحَّةِ ما خَتَمَ بِهِ السُّورَةَ الَّتِي قَبْلَها أوْ عَلى ما يَتَضَمَّنُهُ مِنَ الوَعْدِ والوَعِيدِ هَذا مَعَ أنَّ جُمْلَةَ ﴿ألَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ﴾ مُشابِهَةٌ لِجُمْلَةِ ﴿أفَلا يَنْظُرُونَ﴾ وهو كَما تَرى. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴿والفَجْرِ﴾ أقْسَمَ سُبْحانَهُ بِالفَجْرِ كَما أقْسَمَ عَزَّ وجَلَّ بِالصُّبْحِ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿والصُّبْحِ إذا تَنَفَّسَ﴾ فالمُرادُ بِهِ الفَجْرُ المَعْرُوفُ كَما رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ تَعالى وجْهَهُ وابْنِ عَبّاسٍ وابْنِ الزُّبَيْرِ وغَيْرِهِمْ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهم. وقِيلَ: المُرادُ عَمُودُهُ وضَوْؤُهُ المُمْتَدُّ وأصْلُهُ شَقُّ الشَّيْءِ شَقًّا واسِعًا، وسُمِّيَ الصُّبْحُ فَجْرًا لِكَوْنِهِ فاجِرًا لِلَّيْلِ وهو كاذِبٌ لا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمُ الصَّوْمِ والصَّلاةِ، وصادِقٌ بِهِ يَتَعَلَّقُ حُكْمُهُما، وقَدْ تَكَلَّمُوا في سَبَبِ كُلٍّ بِما يَطُولُ، وتَقَدَّمَ بَعْضٌ مِنهُ، ولَعَلَّ المُرادَ بِهِ هُنا الصّادِقُ فَهو أحْرى بِالقَسَمِ بِهِ والمُرادُ عِنْدَ كَثِيرٍ جِنْسُ الفَجْرِ لا فَجْرُ يَوْمٍ مَخْصُوصٍ. وعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ومُجاهِدٍ فَجْرُ يَوْمِ النَّحْرِ، وعَنْ عِكْرِمَةَ فَجْرُ يَوْمِ الجُمْعَةِ، وعَنِ الضَّحّاكِ فَجْرُ ذِي الحِجَّةِ، وعَنْ مُقاتِلٍ فَجْرُ لَيْلَةِ جَمْعٍ. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ والبَيْهَقِيُّ في الشُّعَبِ عَنِ ابْنِ عَبّاسِ أنَّهُ قالَ: هو فَجْرُ المُحَرَّمِ فَجْرُ السَّنَةِ، ورُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ قَتادَةَ وعَنِ الحَبْرِ أيْضًا أنَّهُ النَّهارُ كُلُّهُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ أيْضًا أنَّهُ قالَ: يَعْنِي صَلاةِ الفَجْرِ، ورُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أسْلَمَ فَهو إمّا عَلى تَقْدِيرِ مُضافٍ أوْ عَلى إطْلاقِهِ عَلى الصَّلاةِ مَجازًا وهو شائِعٌ. وقِيلَ: المُرادُ فَجْرُ العُيُونِ مِنَ الصُّخُورِ وغَيْرِها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب