الباحث القرآني

سُورَةُ الغاشِيَةِ مَكِّيَّةٌ بِلا خِلافٍ، وعِدَّةُ آياتِها سِتٌّ وعِشْرُونَ كَذَلِكَ. وكانَ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَما أخْرَجَ مُسْلِمٌ وأبُو داوُدَ والنَّسائِيُّ (p-112)وابْنُ ماجَهْ عَنِ النُّعْمانِ بْنِ بَشِيرٍ يَقْرَؤُها في الجُمْعَةِ مَعَ سُورَتِها. ولَمّا أشارَ سُبْحانَهُ فِيما قَبِلَ إلى المُؤْمِنِ والكافِرِ والجَنَّةِ والنّارِ إجْمالًا بَسَطَ الكَلامَ هاهُنا فَقالَ عَزَّ قائِلًا: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. ﴿هَلْ أتاكَ حَدِيثُ الغاشِيَةِ﴾ قِيلَ: ﴿هَلْ﴾ بِمَعْنى قَدْ وهو ظاهِرُ كَلامِ قُطْرُبٍ حَيْثُ قالَ: أيْ: قَدْ جاءَكَ يا مُحَمَّدُ حَدِيثُ الغاشِيَةِ، والمُخْتارُ أنَّهُ لِلِاسْتِفْهامِ وهو اسْتِفْهامٌ أُرِيدَ بِهِ التَّعْجِيبُ مِمّا في حَيِّزِهِ والتَّشْوِيقُ إلى اسْتِماعِهِ والإشْعارُ بِأنَّهُ مِنَ الأحادِيثِ البَدِيعَةِ الَّتِي حَقُّها أنْ تَتَناقَلَها الرُّواةُ ويَتَنافَسَ في تَلَقُّنِها الوُعاةُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قالَ: «مَرَّ النَّبِيُّ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلى امْرَأةٍ تَقْرَأُ: ﴿هَلْ أتاكَ حَدِيثُ الغاشِيَةِ﴾ فَقامَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ يَسْتَمِعُ ويَقُولُ: «نَعَمْ قَدْ جاءَنِي».» و«الغاشِيَةُ» القِيامَةُ كَما قالَ سُفْيانُ والجُمْهُورُ وأُطْلِقَ عَلَيْها ذَلِكَ لِأنَّها تَغْشى النّاسَ بِشَدائِدِها وتَكْتَنِفُهم بِأهْوالِها. وقالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ وابْنُ جُبَيْرٍ: هِيَ النّارُ مِن قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وتَغْشى وُجُوهَهُمُ النّارُ﴾ وقَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿ومِن فَوْقِهِمْ غَواشٍ﴾ ولَيْسَ بِذاكَ فَإنَّ ما سَيُرى مِن حَدِيثِها لَيْسَ مُخْتَصًّا بِالنّارِ وأهْلِها بَلْ ناطِقٌ بِأحْوالِ أهْلِ الجَنَّةِ أيْضًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب