الباحث القرآني

﴿فَما لَهُ﴾ أيِ الإنْسانِ ﴿مِن قُوَّةٍ﴾ في نَفْسِهِ يَمْتَنِعُ بِها ﴿ولا ناصِرٍ﴾ يَنْتَصِرُ بِهِ ﴿والسَّماءِ﴾ وهي المِظَلَّةُ في قَوْلِ الجُمْهُورِ ﴿ذاتِ الرَّجْعِ﴾ أيِ المَطَرِ في قَوْلِهِمْ أيْضًا كَما في قَوْلِ الخَنْساءِ: ؎يَوْمَ الوَداعِ تَرى دُمُوعًا جارِيَهْ كالرَّجْعِ في المُدْجِنَةِ السّارِيَةِ وأصْلُهُ مَصْدَرُ رَجَعَ المُتَعَدِّي واللّازِمِ أيْضًا في قَوْلٍ، ومَصْدَرُهُ الخاصُّ بِهِ الرُّجُوعُ سَمَّوْا بِهِ المَطَرَ كَما سَمَّوْهُ بِالأوْبِ مَصْدَرَ آبَ ومِنهُ قَوْلُهُ: ؎رَبّاءُ شَمّاءُ لا يَأْوِي لِقُلَّتِها ∗∗∗ إلّا السَّحابُ وإلّا الأوْبُ والسَّبَلُ (p-100)لِيَرْجِعَ أوْ لِأنَّ السَّحابَ يَحْمِلُهُ مِن بِحارِ الأرْضِ ثُمَّ يُرْجِعُهُ إلى الأرْضِ، وبَنى هَذا غَيْرُ واحِدٍ عَلى الزَّعْمِ وفِيهِ بَحْثٌ، وعَنْ أوِ المُرادُ بِهِ فِيهِ النَّحْلُ؛ لِأنَّ اللَّهَ تَعالى يُرْجِعُهُ حِينًا فَحِينًا، وقالَ الحَسَنُ: لِأنَّهُ يَرْجِعُ بِالرِّزْقِ كُلَّ عامٍ أوْ أرادُوا بِذَلِكَ التَّفاؤُلَ. ابْنُ عَبّاسٍ ومُجاهِدٌ تَفْسِيرُ السَّماءِ بِالسَّحابِ والرَّجْعِ بِالمَطَرِ، وقالَ ابْنُ زَيْدٍ: «السَّماءُ» هي المَعْرُوفَةُ و«الرَّجْعُ» رُجُوعُ الشَّمْسِ والقَمَرِ والكَواكِبِ مِن حالٍ إلى حالٍ ومِن مَنزِلَةٍ إلى مَنزِلَةٍ فِيها وقَبْلَ رُجُوعِها نَفْسِها فَإنَّها تَرْجِعُ في كُلِّ دَوْرَةٍ إلى المَوْضِعِ الَّذِي تَتَحَرَّكُ مِنهُ، وهَذا مَبْنِيٌّ عَلى أنَّ السَّماءَ والفَلَكَ واحِدٌ فَهي تَتَحَرَّكُ ويَصِيرُ أوْجُها حَضِيضًا وحَضِيضُها أوْجًا وقَدْ سَمِعْتَ فِيما تَقَدَّمَ أنَّ ظاهِرَ كَلامِ السَّلَفِ أنَّ السَّماءَ غَيْرُ الفَلَكِ وأنَّها لا تَدُورُ ولا تَتَحَرَّكُ والَّذِي ذُكِرَ رَأْيُ الفَلاسِفَةِ ومَن تابَعَهم. وقِيلَ: «الرَّجْعُ» المَلائِكَةُ عَلَيْهِمُ السَّلامُ سُمُّوا بِذَلِكَ لِرُجُوعِهِمْ بِأعْمالِ العِبادِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب