الباحث القرآني

﴿وما صاحِبُكُمْ﴾ هو رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ ﴿بِمَجْنُونٍ﴾ كَما تَبْهَتُهُ الكَفَرَةُ قاتَلَهُمُ اللَّهُ تَعالى. وفي التَّعَرُّضِ لِعُنْوانِ الصُّحْبَةِ مُضافَةً إلى ضَمِيرِهِمْ عَلى ما هو الحَقُّ تَكْذِيبٌ لَهم بِألْطَفِ وجْهٍ؛ إذْ هو إيماءٌ إلى أنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ نَشَأ بَيْنَ أظْهُرِكم مِنَ ابْتِداءِ أمْرِهِ إلى الآنِ فَأنْتُمْ أعْرَفُ بِهِ وبِأنَّهُ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ أتَمُّ الخَلْقِ عَقْلًا وأرْجَحُهم قِيلًا، وأكْمَلُهم وصْفًا وأصْفاهم ذِهْنًا، فَلا يَسْنِدُ إلَيْهِ الجُنُونَ إلّا مَن هو مُرَكَّبٌ مِنَ الحُمْقِ والجُنُونِ، واسْتَدَلَّ الزَّمَخْشَرِيُّ بِالمُبالَغَةِ في ذِكْرِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ وتَرْكِها في شَأْنِ النَّبِيِّ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلى أفْضَلِيَّتِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ عَلى النَّبِيِّ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ، وأجابُوا بِما بُحِثَ فِيهِ والوَجْهُ في الجَوابِ عَلى ما في الكَشْفِ أنَّ الكَلامَ مَسُوقٌ لِحَقِّيَّةِ المَنزِلِ دَلالَةً عَلى صِدْقِ ما ذُكِرَ فِيهِ مِن أهْوالِ القِيامَةِ، وقَدْ عَلِمْتَ أنَّ مِن شَأْنِ البَلِيغِ أنْ يُجَرِّدَ الكَلامَ لِما ساقَ لَهُ لِئَلّا يَعُدَّ الزِّيادَةَ لُكْنَةً وفُضُولًا ولا خَفاءَ أنَّ وصْفَ الآتِي بِالقَوْلِ يَشُدُّ مِن عَضُدِ ذَلِكَ أبْلَغَ شَدٍّ، وأمّا وصْفُ مَن أُنْزِلَ عَلَيْهِ فَلا مَدْخَلَ لَهُ في البَيْنِ إلّا إذا كانَ الغَرَضُ الحَثَّ عَلى اتِّباعِهِ؛ فَلِهَذا لَمْ تَدُلَّ المُبالَغَةُ في شَأْنِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ وعَدِّ صِفاتِهِ الكَوامِلِ وتُرِكَ ذَلِكَ في شَأْنِ نَبِيِّنا عَلَيْهِ أفْضَلُ الصَّلَواتِ والتَّسْلِيماتِ عَلى تَفْضِيلِهِ بِوَجْهٍ. وقالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ المُبالَغَةَ في وصْفِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ مَدْحٌ بَلِيغٌ في حَقِّ النَّبِيِّ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ؛ لِأنَّ المَلِكَ إذا أرْسَلَ لِأحَدِ مَن هو مُعَزَّزٌ مُعَظَّمٌ مُقَرَّبٌ لَدَيْهِ دَلَّ عَلى أنَّ المُرْسَلَ إلَيْهِ بِمَكانِهِ عِنْدَهُ لَيْسَ فَوْقَها مَكانَةٌ، وقَدْ عَلِمْتَ أنَّ المَقامَ لَيْسَ لِلْمُبالَغَةِ في مَدْحِ المُنَزَّلِ عَلَيْهِ وقِيلَ: المُرادُ بِالرَّسُولِ هو نَبِيُّنا صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ كالمُرادِ بِالصّاحِبِ وهو خِلافُ الظّاهِرِ الَّذِي عَلَيْهِ الجُمْهُورُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب