الباحث القرآني

﴿وإذا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ﴾ أيِ انْقَضَتْ وسَقَطَتْ كَما أخْرَجَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ مُجاهِدٍ وقَتادَةَ، ومِنهُ: انْكَدَرَ البازِيُّ إذا نَزَلَ بِسُرْعَةٍ عَلى ما يَأْخُذُهُ. قالَ العَجّاجُ يَمْدَحُ عُمَرَ بْنَ عُمَرَ التَّمِيمِيَّ: ؎إذا الكِرامُ ابْتَدَرُوا الباعَ بَدَرْ تَقَضِّي البازِي إذا البازِي كَسَرْ ؎دانى جَناحَيْهِ مِنَ الطَّوْدِ فَمَرْ ∗∗∗ أبْصَرَ خِرْبانَ فَضاءٍ فانْكَدَرْ وهَذا إحْدى رِوايَتَيْنِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، ورُوِيَ عَنْهُ أنَّهُ قالَ: لا يَبْقى يَوْمَئِذٍ نَجْمٌ إلّا سَقَطَ في الأرْضِ، وعَنْهُ أيْضًا: أنَّ النُّجُومَ قَنادِيلُ مُعَلَّقَةٌ بَيْنَ السَّماءِ والأرْضِ بِسَلاسِلَ مِن نُورٍ بِأيْدِي مَلائِكَةٍ مِن نُورٍ، فَإذا ماتَ مَن في السَّماواتِ والأرْضِ تَساقَطَتْ مِن أيْدِيهِمْ. وظاهِرُ هَذا أنَّ النُّجُومَ لَيْسَتْ في جِرْمِ أفْلاكٍ لَها كَما يَقُولُ الفَلاسِفَةُ المُتَقَدِّمُونَ بَلْ مُعَلَّقَةٌ في فَضاءٍ ويَقْرُبُ مِنهُ مِن وجْهٍ قَوْلُ الفَلاسِفَةِ المُحْدَثِينَ فَإنَّهم يَقُولُونَ بِكَوْنِها في فَضاءٍ أيْضًا، لَكِنْ بِقُوًى مُتَجاذِبَةٍ لا مُعَلَّقَةٍ بِسَلاسِلَ بِأيْدِي مَلائِكَةٍ ولَيْسَ وراءَ ما يُشاهَدُ مِنها إلّا سَماءٌ بِمَعْنى جِهَةِ عُلُوٍّ لا سَماءٌ بِالمَعْنى المَعْرُوفِ، وإنْ صَحَّ خَبَرُ الحَبْرِ وهو في حُكْمِ المَرْفُوعِ لَمْ نَعْدِلْ عَنْ ظاهِرِهِ إلّا إنْ ظَهَرَ اسْتِحالَتُهُ وهَيْهاتَ ذَلِكَ وحِينَئِذٍ فالأمْرُ سَهْلٌ، وقَدْ ذَكَرَ بَعْضٌ المُتَأهِّلِينَ أنَّ المَلائِكَةَ قَدْ تُطْلَقُ عَلى الأرْبابِ النُّورِيَّةِ كَما في خَبَرِ: ««إنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ مَلِكًا، وإنَّ كُلَّ قَطْرَةٍ مِن قَطَراتِ المَطَرِ يَنْزِلُ مَعَها مَلَكٌ»». وخَبَرُ: (p-51)««أتانِي مَلَكُ الجِبالِ ومَلَكُ البِحارِ»». وتُسَمّى المُثُلَ الأفْلاطُونِيَّةَ وهي أنْوارٌ مُجَرَّدَةٌ قائِمَةٌ بِنَفْسِها مُدَبَّرَةٌ بِإذْنِ اللَّهِ تَعالى لِلْمَرْبُوباتِ حافِظَةٌ إيّاها وهي المُنَمِّيَةُ والغاذِيَةُ والمَوْلُودَةُ في النَّباتاتِ والحَيَواناتِ ويُقالُ في السَّلاسِلِ إنَّهُ أُرِيدَ بِها القُوى الَّتِي بِها حِفْظُ الأوْضاعِ أوْ نَحْوَ ذَلِكَ. وقِيلَ: انْكَدَرَتْ تَغَيَّرَتْ وانْطَمَسَ نُورُها كَما في هو في الرِّوايَةِ الأُخْرى عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ مِن كَدَرْتُ الماءَ فانْكَدَرَ، فَفِيهِ تَشْبِيهُ انْطِماسِ نُورِها بِتَكَدُّرِ الماءِ الَّذِي لا يَبْقى مَعَهُ صَفاؤُهُ ورَوْنَقُ مَنظَرِهِ، وتَكُونُ هي حِينَئِذٍ عَلى ما في بَعْضِ الآثارِ مَعَ عَبَدَتِها في النّارِ، وظاهِرٌ أنَّ النُّجُومَ لا تَشْمَلُ الشَّمْسَ، وقِيلَ: تَشْمَلُها، وذِكْرُها بَعْدَها تَعْمِيمٌ بَعْدَ تَخْصِيصٍ؛ فَلا تَغْفُلْ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب