الباحث القرآني

وقَوْلُهُ سُبْحانَهُ: ﴿فَلْيَنْظُرِ الإنْسانُ إلى طَعامِهِ﴾ عَلى مَعْنى: إذا كانَ هَذا حالَ الإنْسانِ وهو أنَّهُ إلى الآنِ لَمْ يَقْضِ ما أمَرَهُ مَعَ أنَّ مُقْتَضى النِّعَمِ السّابِقَةِ القَضاءُ فَلْيَنْظُرْ إلى طَعامِهِ... إلَخْ. لَعَلَّهُ يَقْضِي، وفي الحَواشِي العِصامِيَّةِ لا يَخْفى ما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿لَمّا يَقْضِ ما أمَرَهُ﴾ مِن كَمالِ تَهْيِيجِ الإنْسانِ وتَحْرِيضِهِ عَلى امْتِثالِ ما يَعْقُبُهُ مِنَ الأمْرِ بِالنَّظَرِ، وتَفْرِيعُ الأمْرِ عَلَيْهِ مَبْنِيٌّ عَلى أنَّ الِائْتِمارَ كَما يَنْبَغِي أنْ يَتَيَسَّرَ بَعْدَ الِارْتِداعِ عَمّا هو عَلَيْهِ، والظّاهِرُ أنَّ المُرادَ بِالإنْسانِ هُنا نَحْوَ ما أُرِيدَ بِهِ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿قُتِلَ الإنْسانُ﴾ ولَمّا جَوَّزَ صاحِبُ الحَواشِي المَذْكُورَةِ حَمْلَ عَدَمِ القَضاءِ عَلى السَّلْبِ الكُلِّيِّ وجَعَلَ الكَلامَ في الإنْسانِ المُبالِغِ في الكُفْرِ قالَ: فالمُرادُ بِضَمِيرِ ﴿يَقْضِ﴾ غَيْرُ الإنْسانِ الَّذِي أُمِرَ بِالنَّظَرِ فَإنَّهُ عامٌّ فَلِذا أُظْهِرَ وتَضَمَّنَ ما مَرَّ ذِكْرَ النِّعَمِ الذّاتِيَّةِ؛ أيْ ما يَتَعَلَّقُ بِذاتِ الإنْسانِ مِنَ الذّاتِ نَفْسِها ولَوازِمِها، وهَذا ذِكْرُ النِّعَمِ الخارِجِيَّةِ المُقابَلَةِ لِذَلِكَ، وقِيلَ: الأُولى نِعَمٌ خاصَّةٌ، والثّانِيَةُ نِعَمٌ عامَّةٌ. وقِيلَ: تِلْكَ نِعَمٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالحُدُوثِ وهَذِهِ نِعَمٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالبَقاءِ، وفِيهِ نَظَرٌ. والظّاهِرُ أنَّ المُرادَ بِالطَّعامِ المَطْعُومِ بِأنْواعِهِ واقْتُصِرَ عَلَيْهِ ولَمْ يَذْكُرِ المَشْرُوبَ؛ لِأنَّ آثارَ القُدْرَةِ فِيهِ أكْثَرُ مِن آثارِها في المَشْرُوبِ، واعْتِبارُ التَّغْلِيبِ لا يَخْفى ما فِيهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب