الباحث القرآني

﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنْ تَتَّقُوا اللَّهَ﴾ في كُلِّ ما تَأْتُونَ وما تَذَرُونَ ﴿يَجْعَلْ لَكُمْ﴾ بِسَبَبِ ذَلِكَ الِاتِّقاءِ ﴿فُرْقانًا﴾ أيْ: هِدايَةً ونُورًا في قُلُوبِكم تُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الحَقِّ والباطِلِ كَما رُوِيَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ: وابْنِ زَيْدٍ، أوْ نَصْرًا يُفَرِّقُ بَيْنَ المُحِقِّ والمُبْطِلِ بِإعْزازِ المُؤْمِنِينَ وإذْلالِ الكافِرِينَ كَما قالَ الفَرّاءُ، أوْ نَجاةً في الدّارَيْنِ كَما هو ظاهِرُ كَلامِ السُّدِّيِّ، أمْ مَخْرَجًا مِنَ الشُّبَهاتِ كَما جاءَ عَنْ مُقاتِلٍ، أوْ ظُهُورًا يُشْهِرُ أمْرَكم ويَنْشُرُ صِيتَكم كَما يُشْعِرُ بِهِ كَلامُ مُحَمَّدِ بْنِ إسْحاقَ - مِن بِتُّ أفْعَلُ كَذا حَتّى سَطَعَ الفُرْقانُ - أيِ: الصُّبْحُ، وكُلُّ المَعانِي تَرْجِعُ إلى الفَرْقِ بَيْنَ أمْرَيْنِ، وجَوَّزَ بَعْضُ المُحَقِّقِينَ الجَمْعَ بَيْنَها. ﴿ويُكَفِّرْ عَنْكم سَيِّئاتِكُمْ﴾ أيْ: يَسْتُرْها في الدُّنْيا. ﴿ويَغْفِرْ لَكُمْ﴾ بِالتَّجاوُزِ عَنْها في الأُخْرى فَلا تَكْرارَ، وقَدْ يُقالُ: مَفْعُولُ يَغْفِرْ الذُّنُوبُ وتُفَسَّرُ بِالكَبائِرِ وتُفَسَّرُ السَّيِّئاتُ بِالصَّغائِرِ، أوْ يُقالُ: المُرادُ ما تَقَدَّمَ وما تَأخَّرَ؛ لِأنَّ الآيَةَ في أهْلِ بَدْرٍ وقَدْ غُفِرَ لَهم. فَفِي الخَبَرِ: ««لَعَلَّ اللَّهَ تَعالى اطَّلَعَ عَلى أهْلِ بَدْرٍ فَقالَ: اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ»». ﴿واللَّهُ ذُو الفَضْلِ العَظِيمِ﴾ تَعْلِيلٌ لِما قَبْلَهُ وتَنْبِيهٌ عَلى أنَّ ما وعَدَ لَهم عَلى التَّقْوى تَفَضُّلٌ مِنهُ سُبْحانَهُ وإحْسانٌ، وأنَّها بِمَعْزِلٍ عَنْ أنْ تُوجِبَ عَلَيْهِ جَلَّ شَأْنُهُ (p-197)شَيْئًا، قِيلَ: ومِن عَظِيمِ فَضْلِهِ تَعالى أنَّهُ يَتَفَضَّلُ مِن غَيْرِ واسِطَةٍ وبِدُونِ التِماسِ عِوَضٍ ولا غَيْرِهِ سُبْحانَهُ، ثُمَّ إنَّهُ عَزَّ وجَلَّ لَمّا ذَكَّرَ مَن ذَكَرَ نِعْمَتَهُ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿واذْكُرُوا إذْ أنْتُمْ قَلِيلٌ﴾ إلَخْ ذَكَّرَ نَبِيَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ النِّعْمَةَ الخاصَّةَ بِهِ بِقَوْلِهِ عَزَّ مِن قائِلٍ:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب