الباحث القرآني

﴿وأمّا مَن خافَ مَقامَ رَبِّهِ﴾ أيْ: مَقامَهُ بَيْنَ يَدَيْ مالِكِ أمْرِهِ يَوْمَ الطّامَّةِ الكُبْرى يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الإنْسانُ ما سَعى عَلى أنَّ الإضافَةَ مِثْلُها في رُقُودِ حَلْبٍ، أوْ وأمّا مِن خافَ رَبَّهُ سُبْحانَهُ عَلى أنَّ لَفْظَ ﴿مَقامَ﴾ مُقْحَمٌ، والكَلامُ مَعَهُ كِنايَةٌ عَنْ ذَلِكَ وإثْباتٌ لِلْخَوْفِ مِنَ الرَّبِّ عَزَّ وجَلَّ بِطَرِيقٍ بُرْهانِيٍّ بَلِيغٍ نَظِيرَ ما قِيلَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿أكْرِمِي مَثْواهُ﴾ . وتَمامُ الكَلامِ في ذَلِكَ قَدْ تَقَدَّمَ في سُورَةِ الرَّحْمَنِ. ﴿ونَهى النَّفْسَ عَنِ الهَوى﴾ أيْ: زَجَرَها وكَفَّها عَنِ الهَوى المُرْدِي وهو المَيْلُ إلى الشَّهَواتِ وضَبْطُها بِالصَّبْرِ والتَّوْطِينِ عَلى إيثارِ الخَيْراتِ ولَمْ يَعْتَدَّ بِمَتاعِ الدُّنْيا وزَهْرَتِها ولَمْ يَغْتَرَّ بِزَخارِفِها وزِينَتِها عِلْمًا بِوَخامَةِ عاقِبَتِها، وعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ومُقاتِلٍ: إنَّهُ الرَّجُلُ يَهُمُّ بِالمَعْصِيَةِ فَيَذْكُرُ مَقامَهُ لِلْحِسابِ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهِ سُبْحانَهُ فَيَخافُ فَيَتْرُكُها، وأصْلُ الهَوى مُطْلَقُ المَيْلِ وشاعَ في المَيْلِ إلى الشَّهْوَةِ، وسُمِّيَ بِذَلِكَ عَلى ما قالَ الرّاغِبُ لِأنَّهُ يَهْوِي بِصاحِبِهِ في الدُّنْيا إلى كُلِّ واهِيَةٍ، وفي الآخِرَةِ إلى الهاوِيَةِ، ولِذَلِكَ مُدِحَ مُخالِفُهُ. قالَ بَعْضُ الحُكَماءِ: إذا أرَدْتَ الصَّوابَ فانْظُرْ هَواكَ فَخالِفْهُ. وقالَ الفُضَيْلُ: أفْضَلُ الأعْمالِ مُخالَفَةُ الهَوى، وقالَ أبُو عِمْرانَ المِيرِتْلِيُّ: ؎فَخالِفْ هَواها واعْصِها إنَّ مَن يُطِعْ هَوى نَفْسِهِ تَنْزِعْ بِهِ شَرَّ مَنزَعِ ؎ومِن يُطِعِ النَّفْسَ اللَّجُوجَةَ تُرْدِهِ ∗∗∗ وتَرْمِ بِهِ في مَصْرَعٍ أيَّ مَصْرَعِ إلى غَيْرِ ذَلِكَ. وقَدْ قارَبَ أنْ يَكُونَ قُبْحُ مُوافَقَةِ الهَوى وحُسْنُ مُخالَفَتِهِ ضَرُورِيَّيْنِ إلّا أنَّ السّالِمَ مِنَ المُوافَقَةِ قَلِيلٌ، قالَ سَهْلٌ: لا يَسْلَمُ مِنَ الهَوى إلّا الأنْبِياءُ عَلَيْهِمُ الصَّلاةُ والسَّلامُ وبَعْضُ الصِّدِّيقِينَ فَطُوبى لِمَن سَلِمَ مِنهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب