الباحث القرآني

وقَوْلُهُ سُبْحانَهُ: ﴿فَإذا جاءَتِ الطّامَّةُ الكُبْرى﴾ إلَخْ شُرُوعٌ في بَيانِ مَعادِهِمْ إثْرَ بَيانِ أحْوالِ مَعاشِهِمْ بِقَوْلِهِ عَزَّ وجَلَّ: ﴿مَتاعًا﴾ إلَخْ. والفاءُ لِلدَّلالَةِ عَلى تَرَتُّبِ ما بَعْدَها عَلى ما قَبْلَها عَلى ما قِيلَ كَما يُنْبِئُ عَنْهُ لَفْظُ المَتاعِ، والطّامَّةُ أعْظَمُ الدَّواهِي؛ لِأنَّهُ مِن طَمَّ بِمَعْنى عَلا كَما ورَدَ في المَثَلِ: جَرى الوادِي فَطَمَّ عَلى القُرى، وجاءَ السَّيْلُ فَطَمَّ الرَّكِيَّ. وعُلُوُّها عَلى الدَّواهِي غَلَبَتُها عَلَيْها فَيَرْجِعُ لِما ذُكِرَ قَبْلُ، فَوَصْفُها «بِالكُبْرى» لِلتَّأْكِيدِ ولَوْ فُسِّرَ كَوْنُها طامَّةً بِكَوْنِها غالِبَةً لِلْخَلائِقِ لا يَقْدِرُونَ عَلى دَفْعِها لَكانَ الوَصْفُ مُخَصِّصًا، وقِيلَ: كَوْنُها طامَّةً بِاعْتِبارِ أنَّها تَغْلِبُ وتَفُوقُ ما عَرَفُوهُ مِن دَواهِي الدُّنْيا، وكَوْنُها كُبْرى بِاعْتِبارِ أنَّها أعْظَمُ مِن جَمِيعِ الدَّواهِي مُطْلَقًا، وقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، وأنْتَ تَعْلَمُ أنَّ ﴿الطّامَّةُ الكُبْرى﴾ صارَتْ كالعَلَمِ لِلْقِيامَةِ، ورُوِيَ كَوْنُها اسْمًا مِن أسْمائِها هُنا عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. وعَنْهُ أيْضًا وعَنِ الحَسَنِ أنَّها النَّفْخَةُ الثّانِيَةُ، وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ وابْنُ المُنْذِرِ عَنِ القاسِمِ بْنِ الوَلِيدِ الهَمْدانِيِّ أنَّها السّاعَةُ الَّتِي يُساقُ فِيها أهْلُ الجَنَّةِ إلى الجَنَّةِ، وأهْلُ النّارِ إلى النّارِ، وأخْرَجا عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ الكِنْدِيِّ أنَّها ساعَةٌ يُساقُ أهْلُ النّارِ إلى النّارِ وفي مَعْناهُ قَوْلُ مُجاهِدٍ: هي إذا دُفِعُوا إلى مالِكٍ خازِنِ جَهَنَّمَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب