الباحث القرآني

وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿لِلطّاغِينَ﴾ أيِ المُتَجاوِزِينَ الحَدَّ في الطُّغْيانِ، مُتَعَلِّقٌ بِمُضْمَرٍ إمّا نَعْتٌ لِ ﴿مِرْصادًا﴾ أيْ: كائِنًا لِلطّاغِينَ، وإمّا حالٌ مِن قَوْلِهِ تَعالى: ﴿مَآبًا﴾ قُدِّمَ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ نَكِرَةً، ولَوْ تَأخَّرَ لَكانَ صِفَةً لَهُ؛ أيْ: كانَتْ مَرْجِعًا ومَأْوًى كائِنًا لَهم يَرْجِعُونَ إلَيْهِ ويَأْوُونَ لا مَحالَةَ، وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ خَبَرًا آخَرَ لِ «كانَتْ» أوْ مُتَعَلِّقًا بِ «مَآبًا» أوْ بِمِرْصادٍ، وعَلَيْهِ قِيلُ: مَعْنى ﴿مِرْصادًا﴾ لَهم مُعَدَّةٌ لَهم مِن قَوْلِهِمْ: أرْصَدْتُ لَهُ؛ أيْ: أعْدَدْتُ وكافَأْتُهُ بِالخَيْرِ أوْ بِالشَّرِّ و«مَآبًا» قِيلَ: بَدَلٌ مِن «مِرْصادًا» عَلى جَمِيعِ الأوْجُهِ، بَدَلُ كُلٍّ مِن كُلٍّ وقِيلَ: هو خَبَرٌ ثانٍ لِ «كانَتْ» أوْ صِفَةٌ لِ «مِرْصادًا». و«لِلطّاغِينَ» مُتَعَلِّقٌ بِهِ أوْ حالٌ مِنهُ عَلى بَعْضِ التَّفاسِيرِ السّابِقَةِ في ﴿كانَتْ مِرْصادًا﴾ فَتَأمَّلْ. وقَرَأ أبُو عُمَرَ والمِنقَرِيُّ وابْنُ يَعْمُرُ: «أنَّ جَهَنَّمَ» بِفَتْحِ الهَمْزَةِ بِتَقْدِيرِ لامِ جَرٍّ لِتَعْلِيلِ قِيامِ السّاعَةِ المَفْهُومِ مِنَ الكَلامِ، والمَعْنى: كانَ ذَلِكَ لِإقامَةِ الجَزاءِ، وتُعُقِّبَ بِأنَّهُ يَنْبَغِي حِينَئِذٍ أنْ يَكُونَ: «أنَّ لِلْمُتَّقِينَ» أيْضًا بِالفَتْحِ ومَعْطُوفًا عَلى ما هُنا؛ لِأنَّهُ بِكِلَيْهِما يَتِمُّ التَّعْلِيلُ بِإقامَةِ الجَزاءِ إلّا أنْ يُقالَ: تُرِكَ العَطْفُ لِلْإشارَةِ إلى اسْتِقْلالِ كُلٍّ مِنَ الجَزاءَيْنِ في اسْتِدْعاءِ قِيامِ السّاعَةِ وفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأنَّهُ بِذاكَ يَتِمُّ الجَزاءُ، وأمّا نَفْسُ إقامَتِهِ فَيَكْفِي في تَعْلِيلِها ما ذُكِرَ عَلى أنَّهُ لَوْ كانَ المُرادُ فِيما سَبَقَ كانَتْ مِرْصادًا لِلْفَرِيقَيْنِ عَلى ما سَمِعْتَ لا يَتَسَنّى هَذا الكَلامُ أصْلًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب