الباحث القرآني

وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿عَنِ النَّبَإ العَظِيمِ﴾ بَيانٌ لِشَأْنِ المَسْؤُولِ عَنْهُ إثْرَ تَفْخِيمِهِ بِإبْهامِ أمْرِهِ وتَوْجِيهِ أذْهانِ السّامِعِينَ نَحْوَهُ وتَنْزِيلِهِمْ مَنزِلَةَ المُسْتَفْهِمِينَ فَإنَّ إيرادَهُ عَلى طَرِيقَةِ الِاسْتِفْهامِ مِن عَلّامِ الغُيُوبِ لِلتَّنْبِيهِ عَلى أنَّهُ لِانْقِطاعِ قَرِينِهِ وانْعِدامِ نَظِيرِهِ خارِجٌ عَنْ دائِرَةِ عُلُومِ الخَلْقِ خَلِيقٌ بِأنْ يُعْتَنى بِمَعْرِفَتِهِ ويُسْألَ عَنْهُ كَأنَّهُ قِيلَ: عَنْ أيِّ شَيْءٍ يَتَساءَلُونَ؟ هَلْ أخْبَرَكم بِهِ ثُمَّ قِيلَ بِطَرِيقِ الجَوابِ ﴿عَنِ النَّبَإ العَظِيمِ﴾ عَلى (p-4)مِنهاجِ ﴿لِمَنِ المُلْكُ اليَوْمَ لِلَّهِ الواحِدِ القَهّارِ﴾ فَعَنْ مُتَعَلِّقَةٌ بِما يَدُلُّ عَلَيْهِ المَذْكُورُ مِن مُضْمَرٍ حَقُّهُ عَلى ما قِيلَ أنْ يُقَدَّرَ بَعْدَها مُسارَعَةً إلى البَيانِ ومُراعاةً لِتَرْتِيبِ السُّؤالِ وإلى تَعَلُّقِهِ بِما ذُكِرَ ذَهَبَ الزَّجّاجُ وهو الَّذِي تَقْتَضِيهِ جَزالَةُ التَّنْزِيلِ. وقالَ مَكِّيٌّ: إنَّ ذَلِكَ بَدَلٌ مِن ما الِاسْتِفْهامِيَّةِ بِإعادَةِ حَرْفِ الجَرِّ، وتَعَقَّبَهُ في الكَشْفِ بِأنَّهُ لا يَصِحُّ؛ فَإنَّ مَعْنى الأوَّلِ عَنِ النَّبَأِ العَظِيمِ أمْ عَنْ غَيْرِهِ والبَدَلُ لا يُطابِقُهُ أُعِيدَ الِاسْتِفْهامُ أوَّلًا. وقالَ الخَفاجِيُّ: البَدَلِيَّةُ جائِزَةٌ ولا يَلْزَمُ إعادَةُ الِاسْتِفْهامِ؛ لِأنَّهُ غَيْرُ حَقِيقِيٍّ ولا أنْ يَكُونَ البَدَلُ عَيْنَ الأوَّلِ لِجَوازِ كَوْنِهِ بَدَلَ بَعْضٍ. وقِيلَ: هو مُتَعَلِّقٌ بِ ﴿يَتَساءَلُونَ﴾ المَذْكُورِ و﴿عَمَّ﴾ مُتَعَلِّقٌ بِمُضْمَرٍ مُفَسَّرٍ بِهِ وأُيِّدَ ذَلِكَ بِقِراءَةِ الضَّحّاكِ ويَعْقُوبَ وابْنِ كَثِيرٍ في رِوايَةٍ «عَمَّهْ» بِهاءِ السَّكْتِ، ووَجَّهَهُ أنَّهُ عَلى الوَقْفِ وهو يَدُلُّ عَلى أنَّهُ غَيْرُ مُتَعَلِّقٍ بِالمَذْكُورِ؛ لِأنَّهُ لا يَحْسُنُ الوَقْفُ بَيْنَ الجارِّ والمَجْرُورِ ومُتَعَلِّقِهِ لِعَدَمِ تَمامِ الكَلامِ، ولَعَلَّ مَن ذَهَبَ إلى الأوَّلِ يَقُولُ: إنَّ إلْحاقَ الهاءِ مَبْنِيٌّ عَلى إجْراءِ الوَصْلِ مَجْرى الوَقْفِ وقِيلَ: عَنِ الأُولى لِلتَّعْلِيلِ وهي والثّانِيَةُ مُتَعَلِّقَتانِ بِ ﴿يَتَساءَلُونَ﴾ المَذْكُورِ كَأنَّهُ قِيلَ: لِمَ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَأِ العَظِيمِ. ونَقَلَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ عَنْ أكْثَرِ النُّحاةِ وقِيلَ: ﴿عَنِ النَّبَإ﴾ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وهُناكَ اسْتِفْهامٌ مُضْمَرٌ كَأنَّهُ قِيلَ: ﴿عَمَّ يَتَساءَلُونَ﴾ أيُتَساءَلُونَ ﴿عَنِ النَّبَإ العَظِيمِ﴾ ووُصِفَ النَّبَأُ وهو الخَبَرُ الَّذِي لَهُ شَأْنٌ بِالعَظِيمِ لِتَأْكِيدِ خَطَرِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب