الباحث القرآني
سُورَةُ الإنْسانِ
وتُسَمّى سُورَةَ الدَّهْرِ والأبْرارِ والأمْشاجِ وهَلْ أتى وهي مَكِّيَّةٌ عِنْدَ الجُمْهُورِ عَلى ما في البَحْرِ وقالَ مُجاهِدٌ وقَتادَةُ مَدَنِيَّةٌ كُلُّها وقالَ الحَسَنُ وعِكْرِمَةُ والكَلْبِيُّ مَدَنِيَّةٌ إلّا آيَةً واحِدَةً فَمَكِّيَّةٌ وهي ﴿ولا تُطِعْ مِنهم آثِمًا أوْ كَفُورًا﴾ وقِيلَ مَدَنِيَّةٌ إلّا مِن قَوْلِهِ تَعالى ﴿فاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ﴾ [الإنْسانِ: 24] إلى آخِرِها فَإنَّهُ مَكِّيٌّ وعَنِ ابْنِ عادِلٍ حِكايَةُ مَدَنِيَّتِها عَلى الإطْلاقِ عَنِ الجُمْهُورِ وعَلَيْهِ الشِّيعَةُ وآيُها إحْدى وثَلاثُونَ آيَةً بِلا خِلافٍ والمُناسَبَةُ بَيْنَها وبَيْنَ ما قَبْلَها في غايَةِ الوُضُوحِ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ( ﴿هَلْ أتى عَلى الإنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا﴾ أصْلُهُ عَلى ما قِيلَ أهِلْ عَلى أنَّ الِاسْتِفْهامَ لِلتَّقْرِيرِ أيِ الجُمَلُ عَلى الإقْرارِ بِما دَخَلَتْ عَلَيْهِ والمُقَرَّرُ بِهِ مَن يُنْكِرُ البَعْثَ وقَدْ عَلِمَ أنَّهم يَقُولُونَ نَعَمْ قَدْ مَضى عَلى الإنْسانِ حِينٌ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَيُقالُ فالَّذِي أوْجَدَهُ بَعْدَ أنْ لَمْ يَكُنْ كَيْفَ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ إحْياؤُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وهَلْ بِمَعْنى قَدْ وهي لِلتَّقْرِيبِ أيْ تَقْرِيبِ الماضِي مِنَ الحالِ فَلَمّا سَدَّتْ هَلْ مَسَدَّ الهَمْزَةِ دَلَّتْ عَلى مَعْناها ومَعْنى الهَمْزَةِ مَعًا ثُمَّ صارَتْ حَقِيقَةً في ذَلِكَ فَهي لِلتَّقْرِيرِ والتَّقْرِيبِ واسْتَدَلَّ عَلى ذَلِكَ الأصْلِ بِقَوْلٍ زَيْدِ الخَيْلِ:
؎سائِلْ فَوارِسَ يَرْبُوعَ بِشِدَّتِنا أهَلْ رَأوْنا بِسَفْحِ القاعِ ذِي الأكَمِ
وقِيلَ هي لِلِاسْتِفْهامِ ولا تَقْرِيبَ وجَمْعُها مَعَ الهَمْزَةِ في البَيْتِ لِلتَّأْكِيدِ كَما في قَوْلِهِ:
؎ولا لِلْمُلْبِهِمِّ أبَدًا دَواءُ
بَلِ التَّأْكِيدُ هُنا أقْرَبُ لِعَدَمِ الِاتِّحادِ لَفْظًا عَلى أنَّ السِّيرافِيَّ قالَ: الرِّوايَةُ الصَّحِيحَةُ أمْ هَلْ رَأوْنا عَلى أنَّ أمْ مُنْقَطِعَةٌ بِمَعْنى بَلْ وقالَ السُّيُوطِيُّ في شَرْحِ شَواهِدِ المُغْنِي الَّذِي رَأيْتُهُ في نُسْخَةٍ قَدِيمَةٍ مِن دِيوانِ زَيْدٍ فَهَلْ رَأوْنا بِالفاءِ وعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ وقَتادَةَ هي هُنا بِمَعْنى قَدْ وفَسَّرَها بِها جَماعَةٌ مِنَ (p-151)النُّحاةِ كالكِسائِيِّ وسِيبَوَيْهِ والمُبَرِّدِ والفَرّاءِ وحُمِلَتْ عَلى مَعْنى التَّقْرِيبِ، ومِنَ النّاسِ مَن حَمَلَها عَلى مَعْنى التَّحْقِيقِ وقالَ أبُو عُبَيْدَةَ: مَجازُها قَدْ أتى عَلى الإنْسانِ ولَيْسَ بِاسْتِفْهامٍ وكَأنَّهُ أرادَ لَيْسَ بِاسْتِفْهامٍ حَقِيقَةً وإنَّما هي لِلِاسْتِفْهامِ التَّقْرِيرِيِّ ويَرْجِعُ بِالآخِرَةِ إلى قَدْ أتى ولَعَلَّ مُرادَ مَن فَسَّرَها بِذَلِكَ كابْنِ عَبّاسٍ وغَيْرِهِ ما ذَكَرَ لا أنَّها بِمَعْنى قَدْ حَقِيقَةً وفي المُغْنِي ما تُفِيدُكَ مُراجَعَتُهُ بَصِيرَةً فَراجِعْهُ والمُرادُ بِالإنْسانِ الجِنْسُ عَلى ما أخْرَجَهُ ابْنُ المُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، والحِينُ طائِفَةٌ مَحْدُودَةٌ مِنَ الزَّمانِ شامِلَةٌ لِلْكَثِيرِ والقَلِيلِ والدَّهْرِ الزَّمانِ المُمْتَدِّ الغَيْرِ المَحْدُودِ ويَقَعُ عَلى مُدَّةِ العالَمِ جَمِيعِها وعَلى كُلِّ زَمانٍ طَوِيلٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ والزَّمانُ عامٌّ لِلْكُلِّ والدَّهْرُ وِعاءُ الزَّمانِ كَلامٌ فَلْسَفِيٌّ وتَوَقَّفَ الإمامُ أبُو حَنِيفَةَ في مَعْنى الدَّهْرِ مُنْكَرٌ أيْ في المُرادِ بِهِ عُرْفًا في الإيمانِ حَتّى يُقالَ بِماذا يَحْنَثُ إذا قالَ: واللَّهِ لا أُكَلِّمُهُ دَهْرًا والمُعَرَّفُ عِنْدَهُ مُدَّةَ حَياةِ الحالِفِ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ وكَذا عِنْدَ صاحِبَيْهِ والمُنْكَرُ عِنْدَهُما كالحِينِ وهو مُعَرَّفًا ومُنْكَرًا كالزَّمانِ سِتَّةُ أشْهُرٍ إنْ لَمْ تَكُنْ نِيَّةٌ أيْضًا وبِها ما نُوِيَ عَلى الصَّحِيحِ وما اشْتُهِرَ مِن حِكايَةِ اخْتِلافِ فَتاوى الخُلَفاءِ الأرْبَعَةِ في ذَلِكَ عَلى عَهْدِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ مُسْتَدِلًّا كُلٌّ بِدَلِيلٍ.
وقَوْلُهُ ﷺ بَعْدَ الرَّفْعِ إلَيْهِ: «أصْحابِي كالنُّجُومِ بِأيِّهِمُ اقْتَدَيْتُمُ اهْتَدَيْتُمْ» .
إلّا أنَّهُ اخْتارَ فَتْوى الأمِيرِ كَرَّمَ اللَّهُ تَعالى وجْهَهُ بِأنَّ الحِينَ يَوْمٌ ولَيْلَةٌ لِما فِيهِ مِنَ التَّيْسِيرِ لا يَصِحُّ كَما لا يَخْفى عَلى النّاقِدِ البَصِيرِ ولَوْ صَحَّ لَمْ يَعْدِلْ عَنْ فَتْوى الأمِيرِ مَعْدِنِ البَسالَةِ والفُتُوَّةِ بَعْدَ أنِ اخْتارَها مَدِينَةَ العِلْمِ ومَفْخَرَ الرِّسالَةِ والنُّبُوَّةِ والمَعْنى هُنا قَدْ أتى أوْ ﴿هَلْ أتى عَلى﴾ جِنْسِ ﴿الإنْسانِ﴾ قَبْلَ زَمانٍ قَرِيبٍ طائِفَةٌ مَحْدُودَةٌ مَقَدَّرَةٌ كائِنَةٌ مِنَ الزَّمانِ المُمْتَدِّ ﴿لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا﴾ بَلى كانَ شَيْئًا غَيْرَ مَذْكُورٍ بِالإنْسانِيَّةِ أصْلًا أيْ غَيْرَ مَعْرُوفٍ بِها عَلى أنَّ النَّفْيَ راجِعٌ إلى القَيْدِ والمُرادُ أنَّهُ مَعْدُومٌ لَمْ يُوجَدْ بِنَفْسِهِ بَلْ كانَ المَوْجُودُ أصْلُهُ مِمّا لا يُسَمّى إنْسانًا ولا يُعَرَّفُ بِعُنْوانِ الإنْسانِيَّةِ وهو مادَّتُهُ البَعِيدَةُ أعْنِي العَناصِرَ أوِ المُتَوَسِّطَةُ وهي الأغْذِيَةُ أوِ القَرِيبَةُ وهي النُّطْفَةُ المُتَوَلِّدَةُ مِنَ الأغْذِيَةِ المَخْلُوقَةِ مِنَ العَناصِرِ وجُمْلَةُ ﴿لَمْ يَكُنْ﴾ إلَخِ حالٌ مِنَ الإنْسانِ أيْ غَيْرَ مَذْكُورٍ وجُوِّزَ أنْ تَكُونَ صِفَةً لِحِينٍ بِحَذْفِ العائِدِ عَلَيْهِ أيْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْئًا مَذْكُورًا كَما في قَوْلِهِ تَعالى ﴿واتَّقُوا يَوْمًا لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٌ شَيْئًا﴾ [البَقَرَةِ: 123] وإطْلاقُ ( الإنْسانِ ) عَلى مادَّتِهِ مَجازٌ بِجَعْلِ ما هو بِالقُوَّةِ مُنَزَّلًا مَنزِلَةَ ما هو بِالفِعْلِ أوْ هو مِن مَجازِ الأوَّلِ وقِيلَ المُرادُ بِالإنْسانِ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلامُ وأيَّدَ الأوَّلَ بِقَوْلِهِ تَعالى.
{"ayah":"هَلۡ أَتَىٰ عَلَى ٱلۡإِنسَـٰنِ حِینࣱ مِّنَ ٱلدَّهۡرِ لَمۡ یَكُن شَیۡـࣰٔا مَّذۡكُورًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق