الباحث القرآني

﴿كَلا﴾ رَدْعٌ عَنْ طَلَبِ المَفَرِّ وتَمَنِّيهِ ﴿لا وزَرَ﴾ لا مَلْجَأ وأصْلُهُ الجَبَلُ المَنِيعُ وقَدْ كانَ مَفَرًّا في الغالِبِ لِفِرارِ العَرَبِ واشْتِقاقِهِ مِنَ الوِزْرِ وهو الثِّقْلُ ثُمَّ شاعَ وصارَ حَقِيقَةً لِكُلِّ مَلْجَأٍ مِن جَبَلٍ أوْ حِصْنٍ أوْ سِلاحٍ أوْ رَجُلٍ أوْ غَيْرِ ذَلِكَ ومِنهُ قَوْلُهُ: ؎لَعَمْرُكَ ما لِلْفَتى مِن وِزْرِ مِنَ المَوْتِ يُدْرِكُهُ والكِبْرِ ﴿إلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ المُسْتَقَرُّ﴾ أيْ إلَيْهِ جَلَّ وعَلا وحْدَهُ اسْتِقْرارُ العِبادِ أيْ لا مَلْجَأ ولا مَنجى لَهم غَيْرُهُ عَزَّ وجَلَّ أوْ إلى حُكْمِهِ تَعالى اسْتِقْرارُ أمْرِهِمْ لا يَحْكُمُ فِيهِ غَيْرُ سُبْحانِهِ أوْ إلى مَشِيئَتِهِ تَعالى مَوْضِعُ قَرارِهِمْ مِن جَنَّةٍ أوْ نارٍ فَمَن شاءَ سُبْحانَهُ أدْخَلَهُ الجَنَّةَ ومَن شاءَ أدْخَلَهُ النّارَ. فَتَقْدِيمُ الخَيْرِ لِإفادَةِ الِاخْتِصاصِ وإنِ اخْتَلَفَ وجْهُهُ حَسَبَ اخْتِلافِ المُرادِ بِمُسْتَقَرٍّ وكَلّا لا وزَرَ يُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ مِن كَلامِهِ تَعالى يُقالُ لِلْقائِلِ ﴿أيْنَ المَفَرُّ﴾ يَوْمَ يَقُولُهُ أوْ هو مَقُولَ اليَوْمِ عَلى مَعْنى لِيَرْتَدِعِ عَنْ طَلَبِ الفَرّارِ وتَمَنِّيهِ ذَلِكَ اليَوْمَ ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ مِن تَمامِ قَوْلِ الإنْسانِ كَأنَّهُ بَعْدَ أنْ يَقُولَ ﴿أيْنَ المَفَرُّ﴾ يَعُودُ عَلى نَفْسِهِ فَيَسْتَدْرِكُ ويَقُولُ ﴿كَلا لا وزَرَ﴾ وأيًّا ما كانَ فالظّاهِرُ أنَّ قَوْلَهُ تَعالى ﴿إلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ المُسْتَقَرُّ﴾ . اسْتِئْنافٌ كالتَّعْلِيلِ لِلْجُمْلَةِ قَبْلَهُ أوْ تَحْقِيقٌ وكَشْفٌ لِحَقِيقَةِ الحالِ والخِطابُ فِيهِ لِسَيِّدِ المُخاطَبِينَ ﷺ ولا يَحْسُنُ أنْ يَكُونَ مِن جُمْلَةِ ما يُخاطَبُ بِهِ القائِلُ ذَلِكَ اليَوْمَ، ولا مِمّا يَقُولُهُ لِنَفْسِهِ فِيهِ لِمَكانِ يَوْمَئِذٍ. وفِي البَحْرِ الظّاهِرُ أنَّ قَوْلَهُ تَعالى ﴿كَلا لا وزَرَ﴾ ﴿إلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ المُسْتَقَرُّ﴾ مِن تَمامِ قَوْلِ الإنْسانِ وقِيلَ هو مِن كَلامِ اللَّهِ تَعالى لا حِكايَةً عَنِ الإنْسانِ انْتَهى وفِيهِ بَحْثٌ وجُوِّزَ أنْ تَكُونَ ﴿كَلا﴾ بِمَعْنى ألا الِاسْتِفْتاحِيَّةِ أوْ بِمَعْنى حَقًّا فَتَأمَّلْ ولا تَغْفُلْ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب