الباحث القرآني
﴿وأنّا لَمّا سَمِعْنا الهُدى﴾ أيِ القُرْآنَ الَّذِي هو الهُدى بِعَيْنِهِ ﴿آمَنّا بِهِ﴾ مِن غَيْرِ تَلَعْثُمٍ وتَرَدُّدٍ ﴿فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ﴾ وبِما أنْزَلَهُ عَزَّ وجَلَّ ﴿فَلا يَخافُ﴾ جَوابُ الشَّرْطِ ومِثْلُهُ مِنَ المَنفِيِّ بِلا يَصِحُّ فِيهِ دُخُولُ الفاءِ وتَرْكُها كَما صَرَّحَ بِهِ في شَرْحِ التَّسْهِيلِ إلّا أنَّ الأحْسَنَ تَرَكُها ولِذا قُدِّرَ هاهُنا مُبْتَدَأٌ لِتَكُونَ الجُمْلَةُ اسْمِيَّةً ولَزِمَ اقْتِرانُها بِالفاءِ إذا وقَعَتْ جَوابًا إلّا فِيما شَذَّ مِن نَحْوِ:
مَن يَفْعَلِ الحَسَناتِ اللَّهُ يَشْكُرُها مَعْلُومٌ وبَعْضُهم أوْجَبَ التَّقْدِيرَ لِزَعْمِهِ عَدَمَ صِحَّةِ دُخُولِ الفاءِ في ذَلِكَ أيْ فَهو لا يَخافُ ﴿بَخْسًا﴾ أيْ نَقْصًا في الجَزاءِ. وقالَ الرّاغِبُ: البَخْسُ نَقْصُ الشَّيْءِ عَلى سَبِيلِ الظُّلْمِ ﴿ولا رَهَقًا﴾ أيْ غَشَيانَ ذِلَّةٍ مِن قَوْلِهِ تَعالى ( ﴿وتَرْهَقُهم ذِلَّةٌ﴾ ) [يُونُسَ: 27] وأصْلُهُ مُطْلَقُ الغَشَيانِ وقالَ الرّاغِبُ: رَهَقَهُ الأمْرُ أيْ غَشِيَهُ بِقَهْرٍ وفي الأساسِ رَهَقَهُ دَنا مِنهُ وصَبِيٌّ مُراهِقٌ مُدانٍ لِلْحُلْمِ وفي النِّهايَةِ يُقالُ رَجُلٌ فِيهِ رَهَقٌ إذا كانَ يَخِفُّ إلى الشَّرِّ ويَغْشاهُ.
وحاصِلُ المَعْنى فَلا يَخافُ أنْ يُبْخَسَ حَقُّهُ ولا أنْ تَرْهَقُهُ ذِلَّةٌ فالمَصْدَرُ أعْنِي ﴿بَخْسًا﴾ مُقَدَّرٌ بِاعْتِبارِ المَفْعُولِ ولَيْسَ المَعْنى عَلى أنَّ غَيْرَ المُؤْمِنِ يُبْخَسُ حَقُّهُ بَلِ النَّظَرُ إلى تَأْكِيدِ ما ثَبَتَ لَهُ مِنَ الجَزاءِ وتَوْفِيرِهِ كُمَّلًا وأمّا غَيْرُهُ فَلا نَصِيبَ لَهُ فَضْلًا عَنِ الكَمالِ وفِيهِ أنَّ ما يُجْزى بِهِ غَيْرُ المُؤْمِنِ مَبْخُوسٌ في نَفْسِهِ وبِالنِّسْبَةِ إلى هَذا الحَقِّ فِيهِ كُلُّ البَخْسِ وإنْ لَمْ يَكُنْ هُناكَ بَخْسٌ حَقٌّ كَذا في الكَشْفِ أوْ ﴿فَلا يَخافُ بَخْسًا ولا رَهَقًا﴾ لِأنَّهُ لَمْ يَبْخَسْ أحَدًا حَقًّا ولا رَهَقَهُ ظُلْمًا فَلا يَخافُ جَزاءَهُما ولَيْسَ مِن إضْمارِ مُضافٍ، أعْنِي الجَزاءَ بَلْ ذَلِكَ بَيانٌ لِحاصِلِ المَعْنى وأنَّ ما ذُكِرَ في نَفْسِهِ مُخَوِّفٌ فَإنَّهُ يَصِحُّ أنْ يُقالَ خِفْتُ الذَّنْبَ وخِفْتُ جَزاءَهُ لِأنَّ ما يَتَوَلَّدُ مِنهُ المَحْذُورُ مَحْذُورٌ.
وفِيهِ دَلالَةٌ عَلى أنَّ المُؤْمِنَ لِاجْتِنابِهِ البَخْسَ والرَّهَقَ لا يَخافُهُما فَإنَّ عَدَمَ الخَوْفِ مِنَ المَحْذُورِ إنَّما يَكُونُ لِانْتِفاءِ المَحْذُورِ وجازَ أنْ يُحْمَلَ عَلى الإضْمارِ وأصْلُ الكَلامِ فَمَن لا يَبْخَسُ أحَدًا ولا يَرْهَقُ ظُلْمَهُ فَلا يَخافُ جَزاءَهُما فَوَضَعَ ما في النَّظْمِ الجَلِيلِ مَوْضِعَهُ تَنْبِيهًا بِالسَّبَبِ عَلى المُسَبِّبِ والأوَّلُ كَما قِيلَ أظْهَرُ وأقْرَبُ مَأْخَذًا.
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهُ قالَ في الآيَةِ: لا يَخافُ نَقْصًا مِن حَسَناتِهِ ولا زِيادَةً في سَيِّئاتِهِ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ قَتادَةَ أنَّهُ قالَ: فَلا يَخافُ بَخْسًا ظُلْمًا بِأنْ يَظْلِمَ مِن حَسَناتِهِ فَيَنْتَقِصُ مِنها شَيْءٌ ولا رَهَقًا ولا أنْ يَحْمِلَ عَلَيْهِ ذَنْبَ غَيْرِهِ. وأُخْرِجَ نَحْوُهُ عَنِ الحَسَنِ ولَعَلَّ المَعْنى الأوَّلَ أنْسَبُ بِالتَّرْغِيبِ بِالإيمانِ وبِلَفْظِ الرَّهَقِ أيْضًا نَظَرًا إلى ما سَمِعْتَ مِن قَوْلِهِ تَعالى ﴿وتَرْهَقُهم ذِلَّةٌ﴾ وقَرَأ ابْنُ وثّابٍ والأعْمَشُ «فَلا يَخَفْ» بِالجَزْمِ عَلى أنَّ لا ناهِيَةٌ لا نافِيَةَ لِأنَّ الجَوابَ المُقْتَرِنَ بِالفاءِ لا يَصِحُّ جَزْمُهُ وقِيلَ الفاءُ زائِدَةٌ ولا لِلنَّفْيِ ولَيْسَ بِشَيْءٍ وأيًّا ما كانَ فالقِراءَةُ الأُولى أدَلُّ عَلى تَحَقُّقِ أنَّ المُؤْمِنَ ناجٍ لا مَحالَةَ وأنَّهُ هو المُخْتَصُّ بِذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِ وذَلِكَ لِتَقْدِيرِ هو عَلَيْها وبِناءُ الفِعْلِ عَلَيْهِ نَحْوَ هو عُرْفٌ ويَجْتَمِعُ فِيهِ التَّقْوى والِاخْتِصاصُ إذا اقْتَضاهُما المَقامُ. وقَرَأ ابْنُ وثّابٍ «بَخْسًا» بِفَتْحِ الخاءِ المُعْجَمَةِ.
{"ayah":"وَأَنَّا لَمَّا سَمِعۡنَا ٱلۡهُدَىٰۤ ءَامَنَّا بِهِۦۖ فَمَن یُؤۡمِنۢ بِرَبِّهِۦ فَلَا یَخَافُ بَخۡسࣰا وَلَا رَهَقࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











