الباحث القرآني

﴿واذْكُرُوا إذْ جَعَلَكم خُلَفاءَ مِن بَعْدِ عادٍ﴾ أيْ خُلَفاءَ في الأرْضِ أوْ خُلَفاءَ لَهم قِيلَ ولَمْ يَقُلْ: خُلَفاءَ عادٍ مَعَ أنَّهُ أخْصَرُ إشارَةً إلى أنَّ بَيْنَهُما زَمانًا طَوِيلًا ﴿وبَوَّأكُمْ﴾ أيْ أنْزَلَكم وجَعَلَ لَكم مَباءَةً ﴿فِي الأرْضِ﴾ أيِ أرْضِ الحِجْرِ بَيْنَ الحِجازِ والشّامِ ﴿تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِها قُصُورًا﴾ أيْ تَبْنُونَ في سُهُولِها مَسَكانَ رَفِيعَةً فَمِن بِمَعْنى في كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿إذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الجُمُعَةِ﴾ ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ ابْتِدائِيَّةً أوْ تَبْعِيضِيَّةً أيْ تَعْمَلُونَ القُصُورَ مِن مادَّةٍ مَأْخُوذَةٍ مِنَ السَّهْلِ كاللَّبِنِ والآجُرِ المُتَّخَذَيْنِ مِنَ الطِّينِ والجارُّ والمَجْرُورُ عَلى ما قالَ أبُو البَقاءِ يَجُوزُ أنْ يَتَعَلَّقَ بِمَحْذُوفٍ وقَعَ حالًا مِمّا بَعْدَهُ وأنْ يَكُونَ مَفْعُولًا ثانِيًا لِتَتَّخِذُونَ وأنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِهِ وهو مُتَعَدٍّ لِواحِدٍ والسَّهْلُ خِلافُ الحَزْنِ وهو مَوْضِعُ الحِجارَةِ والجِبالِ والجُمْلَةُ اسْتِئْنافٌ مُبَيِّنٌ لِكَيْفِيَّةِ التَّبْوِئَةِ فَإنَّ هَذا (p-164)الِاتِّخاذَ بِإقْدارِهِ سُبْحانَهُ ﴿وتَنْحِتُونَ الجِبالَ﴾ أيْ تَنْجُرُونَها والنَّحْتُ مَعْرُوفٌ في كُلِّ صُلْبٍ ومُضارِعُهُ مَكْسُورُ الحاءِ. وقَرَأ الحَسَنُ بِالفَتْحِ لِحَرْفِ الحَلْقِ وفي القامُوسِ عَنْهُ أنَّهُ قَرَأ ( تَنْحاتُونَ ) بِالإشْباعِ كَيَنْباعُ وانْتِصابُ الجِبالِ عَلى المَفْعُولِيَّةِ وقَوْلُهُ سُبْحانَهُ: ﴿بُيُوتًا﴾ نُصِبَ عَلى أنَّهُ حالٌ مُقَدَّرَةٌ مِنها لِأنَّها لَمْ تَكُنْ حالَ النَّحْتِ بَيْتًا كَخِطْتُ الثَّوْبَ جُبَّةً والحالِيَّةُ كَما قالَ الشِّهابُ بِاعْتِبارِ أنَّها بِمَعْنى مَسْكُونَةٍ إنْ قِيلَ بِالِاشْتِقاقِ فِيها وقِيلَ: انْتِصابُ الجِبالِ بِنَزْعِ الخافِضِ أيْ مِنَ الجِبالِ ويُرَجِّحُهُ أنَّهُ وقَعَ في آيَةٍ أُخْرى كَذَلِكَ ونُصِبَ ( بُيُوتًا ) عَلى المَفْعُولِيَّةِ وجُوِّزَ أنْ يُضَمَّنَ النَّحْتُ مَعْنى الِاتِّخاذِ فانْتِصابُهُما عَلى المَفْعُولِيَّةِ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما أنَّهُمُ اتَّخَذُوا القُصُورَ في السُّهُولِ لِيُصَيِّفُوا فِيها ونَحَتُوا مِنَ الجِبالِ بُيُوتًا لِيُشَتُّوا فِيها وقِيلَ: إنَّهم نَحَتُوا الجِبالَ بُيُوتًا لِطُولِ أعْمارِهِمْ وكانَتِ الأبْنِيَةُ تَبْلى قَبْلَ أنْ تَبْلى أعْمارُهم ﴿فاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ﴾ أيْ نِعَمَهُ الَّتِي أنْعَمَ بِها عَلَيْكم مِمّا ذُكِرَ أوْ جَمِيعَ نِعَمِهِ ويَدْخُلُ فِيها ما ذُكِرَ دُخُولًا أوَّلِيًّا ولَيْسَ المُرادُ مُجَرَّدَ الذِّكْرِ بِاللِّسانِ كَما عَلِمْتَ. ﴿ولا تَعْثَوْا في الأرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ (74) فَإنَّ حَقَّ آلائِهِ تَعالى أنْ تُشْكَرَ ولا يُغْفَلَ عَنْها فَكَيْفَ بِالكُفْرِ والعَثْيُ الإفْسادُ فَمُفْسِدِينَ حالٌ مُؤَكِّدَةٌ كَما في ( ولَّوْا مُدْبِرِينَ )
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب