الباحث القرآني
﴿فَلَنَسْألَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إلَيْهِمْ﴾ بَيانٌ كَما قالَهُ الطَّبَرْسِيُّ لِعَذابِهِمُ الأُخْرَوِيِّ إثْرَ بَيانِ عَذابِهِمُ الدُّنْيَوِيِّ خَلا أنَّهُ تَعَرَّضَ كَما قِيلَ لِبَيانِ مَبادِئِ أحْوالِ المُكَلَّفِينَ جَمِيعًا لِكَوْنِهِ أدْخَلَ في التَّهْوِيلِ والفاءُ عِنْدَ البَعْضِ لِتَرْتِيبِ الأحْوالِ الأُخْرَوِيَّةِ عَلى الدُّنْيَوِيَّةِ ذِكْرًا حَسَبَ تَرَتُّبِها عَلَيْها وجُودًا وذَكَرَ العَلّامَةُ الطَّيِّبِيُّ أنَّ الفاءَ فَصِيحَةٌ عَلى مَعْنى فَما كانَ دَعْواهم في الدُّنْيا إذْ جاءَهم بَأْسُنا إلّا أنْ قالُوا فَقَطَعْنا دابِرَهم ثُمَّ لَنَحْشُرَنَّهم فَلْنَسْألَنَّهم ووُضِعَ عَلى هَذا الظّاهِرُ مَوْضِعَ الضَّمِيرِ لِمَزِيدِ التَّقْرِيرِ.
وقالَ في الكَشْفِ: لَعَلَّ الأوْجَهَ أنْ يُجْعَلَ هَذا مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ تَعالى: ( اتَّبِعُوا. ولا تَتَّبِعُوا ) ويُجْعَلُ قَوْلُهُ سُبْحانَهُ: ﴿وكَمْ مِن قَرْيَةٍ﴾ .. إلَخْ. مُعْتَرِضًا حَثًّا عَلى الِاعْتِبارِ بِحالِ السّابِقِينَ لِيَتَشَمَّرُوا في الِاتِّباعِ. اهـ. والأمْرُ عِنْدَ مَن جَعَلَ الكَلامَ السّابِقَ عَلى التَّقْدِيمِ والتَّأْخِيرِ وادَّعى أنَّ مَجِيءَ البَأْسِ في الآخِرَةِ سَهْلٌ كَما لا يَخْفى أيْ لَنَسْألَنَّ الأُمَمَ قاطِبَةً أوْ هَؤُلاءِ قائِلِينَ ماذا أجَبْتُمُ المُرْسَلِينَ ﴿ولَنَسْألَنَّ المُرْسَلِينَ﴾ (6) ماذا أُجِيبُوا والمُرادُ مِن هَذا السُّؤالِ تَوْبِيخُ الكَفَرَةِ وتَقْرِيعُهم والمَنفِيُّ في قَوْلِهِ تَعالى: ( يَوْمَ لا يُسْألُ عَنْ ذَنْبِهِ إنْسٌ ولا جانٌّ ) سُؤالُ الِاسْتِعْلامِ فَلا مُنافاةَ بَيْنَ الآيَتَيْنِ وجَمَعَ آخَرُونَ بَيْنَهُما بِأنَّ لِلْمُثْبَتِ مَوْقِفًا ولِلْمَنفِيِّ آخَرَ وقالَ الإمامُ: إنَّهم لا يُسْألُونَ عَنِ الأعْمالِ أيْ ما فَعَلْتُمْ ولَكِنْ يُسْألُونَ عَنِ الدَّواعِي الَّتِي دَعَتْهم إلى الأعْمالِ والصَّوارِفِ الَّتِي صَرَفَتْهم عَنْها أيْ لِمَ كانَ كَذا وقِيلَ: مَعْنى ﴿لا يُسْألُ عَنْ ذَنْبِهِ إنْسٌ ولا جانٌّ﴾ لا يُعاقَبُ بِذَنْبِهِ غَيْرُهُ وقِيلَ: المُرادُ مِنَ الَّذِينَ أُرْسِلَ إلَيْهِمُ الأنْبِياءُ ومِنَ المُرْسَلِينَ المَلائِكَةُ الَّذِينَ بَلَّغُوهم رِسالاتِ رَبِّهِمْ.
ورُوِيَ ذَلِكَ عَنْ فَرَقَدٍ وهو كَما تَرى وقِيلَ: لا حاجَةَ إلى التَّوْفِيقِ فَإنَّ المَنفِيَّ هو السُّؤالُ عَنِ الذَّنْبِ لا مُطْلَقَ السُّؤالِ ورُدَّ بِأنَّ عَدَمَ قَبُولِ دَعْوَةِ الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ بِما ذَكَرْنا هو الَّذِي يَشْهَدُ بِهِ الأخْبارُ وتَدُلُّ عَلَيْهِ الآثارُ وفي القُرْآنِ ما يُؤَيِّدُ ذَلِكَ فَقَدْ قالَ سُبْحانَهُ: ﴿يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ماذا أُجِبْتُمْ﴾ وتَخْصِيصُ سُؤالِ الَّذِينَ أُرْسِلَ إلَيْهِمْ بِما تَقَدَّمَ هو الَّذِي جَرى عَلَيْهِ جَماعَةٌ مِنَ المُفَسِّرِينَ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ سُفْيانَ الثَّوْرِيِّ أنَّهُ يُقالُ لِلَّذِينَ أُرْسِلَ إلَيْهِمْ: هَلْ بَلَّغَكُمُ الرُّسُلُ ويُقالُ: لِلْمُرْسَلِينَ ما رَدُّوا عَلَيْكم وأخْرَجَ أيْضًا عَنِ القاسِمِ أبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أنَّهُ تَلا هَذِهِ الآيَةَ فَقالَ: يُسْألُ العَبْدُ يَوْمَ القِيامَةِ عَنْ أرْبَعِ خِصالٍ يَقُولُ رَبُّكَ ألَمْ أجْعَلْ لَكَ جَسَدًا فَفِيمَ أبْلَيْتَهُ ألَمْ أجْعَلْ لَكَ عِلْمًا فَفِيمَ عَمِلْتَ بِما عَلِمْتَ ألَمْ أجْعَلْ لَكَ مالًا فَفِيمَ أنْفَقْتَهُ في طاعَتِي أمْ في مَعْصِيَتِي ألَمْ أجْعَلْ لَكَ عُمُرًا فَفِيمَ أفْنَيْتَهُ وأخْرَجَ هو وغَيْرُهُ عَنْ طاوُسٍ أنَّهُ قَرَأ ذَلِكَ فَقالَ الإمامُ: يُسْألُ عَنِ النّاسِ والرَّجُلُ يُسْألُ عَنْ أهْلِهِ والمَرْأةُ تُسْألُ عَنْ بَيْتِ زَوْجِها (p-82)والعَبْدُ يُسْألُ عَنْ مالِ سَيِّدِهِ ولَعَلَّ الظّاهِرَ أنَّ سُؤالَ كُلٍّ مِنَ المُرْسَلِ إلَيْهِمْ والمُرْسَلِينَ هُنا عَنْ أمْرٍ يَتَعَلَّقُ بِصاحِبِهِ ولا يَأْبى هَذا أنَّ المُكَلَّفِينَ يُسْألُونَ عَنْ أُمُورٍ أُخَرَ والمَواقِفُ يَوْمَ القِيامَةِ شَتّى ويَسْألُ السَّيِّدُ ذُو الجَلالِ عِبادَهُ فِيها عَنْ مَقاصِدَ عَدِيدَةٍ فَطُوبى لِمَن أخَذَ بِعَضُدِهِ السَّعْدَ فَأجابَ بِما يُنْجِيهِ.
{"ayah":"فَلَنَسۡـَٔلَنَّ ٱلَّذِینَ أُرۡسِلَ إِلَیۡهِمۡ وَلَنَسۡـَٔلَنَّ ٱلۡمُرۡسَلِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











