الباحث القرآني

﴿فَما كانَ دَعْواهُمْ﴾ أيْ دُعاؤُهم واسْتِغاثَتُهم كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وآخِرُ دَعْواهُمْ﴾ وقَوْلُ بَعْضِ العَرَبِ فِيما حَكاهُ الخَلِيلُ وسِيبَوَيْهِ اللَّهُمَّ أشْرِكْنا في صالِحِ دَعْوى المُسْلِمِينَ أوِ ادِّعاءَهم كَما هو المَشْهُورُ في مَعْنى الدَّعْوى ﴿إذْ جاءَهم بَأْسُنا﴾ عَذابُنا وشاهَدُوا أماراتِهِ ﴿إلا أنْ قالُوا﴾ جَمِيعًا ﴿إنّا كُنّا ظالِمِينَ﴾ (5) أيْ إلّا اعْتِرافُهم بِظُلْمِهِمْ فِيما كانُوا عَلَيْهِ وشَهادَتُهم بِبُطْلانِهِ تَحَسُّرًا أوْ نَدامَةً وطَمَعًا في الخَلاصِ وهَيْهاتَ ولا حِينَ نَجاةٍ وفي جَعْلِ هَذا الِاعْتِرافِ عَيْنَ ذَلِكَ مُبالَغَةً عَلى حَدِّ قَوْلِهِ: ؎تَحِيَّةٌ بَيْنَهم ضَرْبٌ وجِيعٌ و﴿دَعْواهُمْ﴾ يَجُوزُ فِيهِ كَما قالَ أبُو البَقاءِ أنْ يَكُونَ اسْمَ كانَ والخَبَرُ ﴿إلا أنْ قالُوا﴾ وأنْ يَكُونَ هو الخَبَرُ و﴿إلا أنْ قالُوا﴾ الِاسْمَ ورَجَّحَ الثّانِي بِأنَّ جَعْلَ الأعْرَفِ اسْمًا هو المَعْرُوفُ في كَلامِهِمْ والمَصْدَرُ هُنا يُشْبِهُ المُضْمَرَ لِأنَّهُ يُوصَفُ وهو أعْرَفُ مِنَ المُضافِ وأوْرَدَ عَلَيْهِ أنَّ الِاسْمَ والخَبَرَ إذا كانا مَعْرِفَتَيْنِ وإعْرابُهُما غَيْرَ (p-81)ظاهِرٍ يَجُوزُ تَقْدِيمُ أحَدِهِما عَلى الآخَرِ فَتَعَيَّنَ الأوَّلُ وأُجِيبَ عَنْهُ بِأنَّ ذَلِكَ عِنْدَ عَدَمِ القَرِينَةِ والقَرِينَةُ هُنا كَوْنُ الثّانِي أعْرَفَ وتَرْكُ التَّأْنِيثِ وأيْضًا ذاكَ إذا لَمْ يَكُنْ حَصْرٌ فَإنْ كانَ يُلاحَظُ ما يَقْتَضِيهِ ورَجَّحَ في الكَشْفِ الثّانِيَ بِأنَّهُ الوَجْهُ المُطابِقُ لِنَظائِرِهِ في القُرْآنِ. والمَعْنى عَلَيْهِ أشَدُّ مُلاءَمَةً لِأنَّ الفَرْضَ أنَّ قَوْلًا آخَرَ لَمْ يَقَعْ هَذا المَوْقِعَ فالمَقْصُودُ الحُكْمُ عَلى القَوْلِ المَخْصُوصِ بِأنَّهُ هو الدُّعاءُ وزِيدَ تَأْكِيدًا بِإدْخالِ أداةِ القَصْرِ ولَيْسَ مِنَ التَّقْدِيمِ في شَيْءٍ لِأنَّ حَقَّ المَقْصُورِ عَلَيْهِ التَّأْخِيرُ أبَدًا فَتَأمَّلْ وتَذَكَّرْ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب