الباحث القرآني

﴿لَهم مِن جَهَنَّمَ مِهادٌ﴾ أيْ فِراشٍ مِن تَحْتِهِمْ وتَنْوِيهٌ لِلتَّفْخِيمِ وهو فاعِلُ الظَّرْفِ أوْ مُبْتَدَأٌ والجُمْلَةُ إمّا مُسْتَأْنَفَةٌ أوْ حالِيَّةٌ و( مِن ) تَجْرِيدِيَّةٌ والجارُّ والمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وقَعَ حالًا مِن ﴿مِهادٌ﴾ لِتَقَدُّمِهِ ﴿ومِن فَوْقِهِمْ غَواشٍ﴾ أيْ أغْطِيَةٌ جَمْعُ غاشِيَةٍ وعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ومُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ القُرَظِيِّ أنَّها اللُّحُفُ والآيَةُ عَلى ما قِيلَ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿لَهم مِن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِن النّارِ ومِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ﴾ والمُرادُ أنَّ النّارَ مُحِيطَةٌ بِهِمْ مِن جَمِيعِ الجَوانِبِ وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ عَنْ عائِشَةَ «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ تَلا هَذِهِ الآيَةَ ثُمَّ قالَ: هي طَبَقاتٌ مِن فَوْقِهِ وطَبَقاتٌ مِن تَحْتِهِ لا يَدْرِي ما فَوْقَهُ أكْثَرُ أوْ تَحْتَهُ غَيْرَ أنَّهُ تَرْفَعُهُ الطَّبَقاتُ السُّفْلى وتَضَعُهُ الطَّبَقاتُ العُلْيا ويَضِيقُ فِيما بَيْنَهُما حَتّى يَكُونَ بِمَنزِلَةِ الزُّجِّ في القَدَحِ» وتَنْوِينُ ﴿غَواشٍ﴾ عِوَضٌ عَنِ الحَرْفِ المَحْذُوفِ أوْ حَرَكَتُهُ والكَسْرَةُ لَيْسَتْ لِلْإعْرابِ وهو غَيْرُ مُنْصَرِفٍ لِأنَّهُ عَلى صِيغَةِ مُنْتَهى الجُمُوعِ وبَعْضُ العَرَبِ يُعْرِبُهُ بِالحَرَكاتِ الظّاهِرَةِ عَلى ما قَبْلَ الياءِ لِجَعْلِها مَحْذُوفَةَ ﴿نَسْيًا مَنسِيًّا﴾ ولِذا قُرِئَ ( غَواشٌ ) بِالرَّفْعِ كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ولَهُ الجَوارِ المُنْشَآتُ﴾ في قِراءَةِ عَبْدِ اللَّهِ. ﴿وكَذَلِكَ﴾ أيْ ومِثْلُ ذَلِكَ الجَزاءِ الشَّدِيدِ ﴿نَجْزِي الظّالِمِينَ﴾ (41) عَبَّرَ عَنْهم بِالمُجْرِمِينَ تارَةً وبِالظّالِمِينَ أُخْرى لِلتَّنْبِيهِ عَلى أنَّهم بِتَكْذِيبِهِمْ بِالآياتِ واسْتِكْبارِهِمْ عَنْها جَمَعُوا الصِّفَتَيْنِ وذَكَرَ الجُرْمَ مَعَ الحِرْمانِ مِنَ الجَنَّةِ والظُّلْمَ مَعَ التَّعْذِيبِ بِالنّارِ تَنْبِيهًا عَلى أنَّهُ أعْظَمُ الإجْرامِ ولا يَخْفى عَلى المُتَأمِّلِ في لَطائِفِ القُرْآنِ العَظِيمِ ما في إعْدادِ المِهادِ والغَواشِي لِهَؤُلاءِ المُسْتَكْبِرِينَ عَنِ الآياتِ ومَنعِهِمْ مِنَ العُرُوجِ إلى المَلَكُوتِ وتَقْيِيدِ عَدَمِ دُخُولِهِمُ الجَنَّةَ بِدُخُولِ البَعِيرِ بِخَرْقِ الإبْرَةِ مِنَ اللَّطافَةِ فَلْيُتَأمَّلْ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب