الباحث القرآني

﴿إنَّ هَؤُلاءِ﴾ أيِ: القَوْمَ الَّذِينَ يَعْكُفُونَ عَلى هَذِهِ الأصْنامِ. ﴿مُتَبَّرٌ﴾ أيْ: مُدَمَّرٌ مُهْلَكٌ كَما قالَ ابْنُ عَبّاسٍ. ﴿ما هم فِيهِ﴾ مِنَ الدِّينِ، يَعْنِي يُدَمِّرُ اللَّهُ تَعالى دِينَهُمُ الَّذِي هم عَلَيْهِ عَلى يَدَيَّ ويُهْلِكُ أصْنامَهم ويَجْعَلُها فُتاتًا. ﴿وباطِلٌ﴾ أيْ: مُضْمَحِلٌّ بِالكُلِّيَّةِ، وهو أبْلَغُ مِن حَمْلِهِ عَلى خِلافِ الحَقِّ. ﴿ما كانُوا يَعْمَلُونَ﴾ أيْ: ما اسْتَمَرُّوا عَلى عَمَلِهِ مِن عِبادَتِها، وإنْ قَصَدُوا بِذَلِكَ التَّقَرُّبَ إلى اللَّهِ تَعالى وأنَّ المُرادَ أنَّ ذَلِكَ لا يَنْفَعُهم أصْلًا، وحَمْلُ ( ما كانُوا يَعْمَلُونَ ) عَلى الأصْنامِ؛ لِأنَّها مَعْمُولَةٌ لَهم خِلافُ الظّاهِرِ جِدًّا، والجُمْلَةُ تَعْلِيلٌ لِإثْباتِ الجَهْلِ المُؤَكَّدِ لِلْقَوْمِ، وفي إيقاعِ اسْمِ الإشارَةِ كَما في الكَشّافِ اسْمًا لِأنَّ، وتَقْدِيمِ خَبَرِ المُبْتَدَأِ مِنَ الجُمْلَةِ الواقِعَةِ خَبَرًا لَها وسْمٌ لِعَبَدَةِ الأصْنامِ بِأنَّهم هُمُ المُعَرَّضُونَ لِلتَّبارِ، وأنَّهُ لا يَعْدُوهُمُ البَتَّةَ، وأنَّهُ لَهم ضَرْبَةُ لازِبٍ لِيُحَذِّرَهم عاقِبَةَ ما طَلَبُوا، ويُبَغِّضَ إلَيْهِمْ ما أحَبُّوا، ووَجْهُ ذَلِكَ عَلى ما في الكَشْفِ أنَّ اسْمَ الإشارَةِ بَعْدَ إفادَةِ الإحْضارِ وأكْمَلِ التَّمْيِيزِ يُفِيدُ أنَّهم أحِقّاءُ بِما أخْبَرَ عَنْهُ بِهِ بِواسِطَةِ ما تَقَدَّمَ مِنَ العُكُوفِ، والتَّقْدِيمُ يُؤْذِنُ بِأنَّ حالَ ما هم فِيهِ لَيْسَتْ غَيْرَ التَّبارِ، وحالَ عَمَلِهِمْ لَيْسَتْ إلّا البُطْلانَ، فَهم لا يَعْدُونَهُما فَهُما لَهم ضَرْبَةُ لازِبٍ. وجَوَّزَ أبُو البَقاءِ أنْ يَكُونَ ( ما هم فِيهِ ) فاعِلُ (مُتَبَّرٌ) لِاعْتِمادِهِ عَلى المُسْنَدِ إلَيْهِ وهو في نَفْسِهِ مُساوٍ لِاحْتِمالِ أنْ يَكُونَ ما هم فِيهِ مُبْتَدَأً، ومُتَبَّرٌ خَبَرٌ لَهُ أوْ أرْجَحُ مِنهُ إلّا أنَّ المَقامَ كَما قالَ القُطْبُ وغَيْرُهُ اقْتَضى ذَلِكَ. فَلْيُفْهَمْ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب