الباحث القرآني
﴿ولَقَدْ أخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ﴾ شُرُوعٌ في تَفْصِيلِ مَبادِئِ الهَلاكِ المَوْعُودِ بِهِ وإيذانٌ بِأنَّهم لَمْ يُمْهَلُوا حَتّى تَحَوَّلُوا مِن حالٍ إلى حالٍ إلى أنْ حَلَّ بِهِمْ عَذابُ الِاسْتِئْصالِ، وتَصْدِيرُ الجُمْلَةِ بِالقَسَمِ لِإظْهارِ الِاعْتِناءِ بِمَضْمُونِها، والمُرادُ بِآلِ فِرْعَوْنَ أتْباعُهُ مِنَ القِبْطِ، وإضافَةُ الآلِ إلَيْهِ وهو لا يُضافُ إلّا إلى الأشْرافِ لِما فِيهِ مِنَ الشَّرَفِ الدُّنْيَوِيِّ الظّاهِرِ وإنْ كانَ في نَفْسِ الأمْرِ خَسِيسًا، وعَنِ الخَطِيبِ أنَّ المُرادَ فِرْعَوْنُ وآلُهُ، والسِّنِينُ جَمْعُ سَنَةٍ والمُرادُ بِها عامُ القَحْطِ وقَدْ غَلَبَتْ في ذَلِكَ حَتّى صارَتْ كالعَلَمِ لَهُ لِكَثْرَةِ ما يُذْكَرُ ويُؤَرَّخُ بِهِ، ولا كَذَلِكَ العامُ الخِصْبُ، ولامُها واوٌ أوْ هاءٌ، وقَدِ اشْتَقُّوا مِنها فَقالُوا: أسْنَتَ القَوْمُ إذا قَحِطُوا، وقَلَبُوا اللّامَ تاءً لِيُفَرِّقُوا بَيْنَ ذَلِكَ وقَوْلِهِمْ: أسْنى القَوْمُ إذا لَبِثُوا في مَوْضِعِ سَنَةٍ، قالَ المازِنِيُّ: وهو شاذٌّ لا يُقاسُ عَلَيْهِ، وقالَ الفَرّاءُ: تَوَهَّمُوا أنَّ الهاءَ أصْلِيَّةٌ إذْ وجَدُوها أصْلِيَّةً فَقَلَبُوها تاءً، وجاءَ: أصابَتْنا سُنِّيَّةٌ حَمْراءُ؛ أيْ: جَدْبٌ شَدِيدٌ، فالتَّصْغِيرُ لِلتَّعْظِيمِ، وإجْراءُ الجَمْعِ مَجْرى سائِرِ الجُمُوعِ السّالِمَةِ المُعْرَبَةِ بِالحُرُوفِ هو اللُّغَةُ المَشْهُورَةُ، واللُّغَةُ الأُخْرى إجْراءُ الإعْرابِ عَلى النُّونِ لَكِنْ مَعَ الياءِ خاصَّةً فَيُسْلَكُ فِيهِ مَسْلَكَ حِينَ في الإعْرابِ بِالحَرَكاتِ الثَّلاثِ مَعَ التَّنْوِينِ عِنْدَ بَنِي عامِرٍ، وبَنُو تَمِيمٍ لا يُنَوِّنُونَ تَخْفِيفًا وحِينَئِذٍ لا تُحْذَفُ النُّونُ لِلْإضافَةِ وعَلى ذَلِكَ جاءَ قَوْلُ الشّاعِرِ:
؎دَعانِي مِن نَجِدٍ فَإنَّ سِنِينَهُ لَعِبْنَ بِنا شِيبًا وشَيَّبْنَنا مُرْدا
ومِنهُ قَوْلُهُ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ: ««اللَّهُمَّ اجْعَلْها عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِينِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلامُ»» وجاءَ في رِوايَةٍ أُخْرى: ««اللَّهُمَّ أعِنِّي عَلَيْهِمْ بِسِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلامُ»» وهو عَلى اللُّغَةِ المَشْهُورَةِ.
﴿ونَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ﴾ بِكَثْرَةِ عاهاتِ الثِّمارِ وخُرُوجِ اليَسِيرِ مِنها حَتّى لا تَحْمِلَ النَّخْلَةُ كَما رُوِيَ عَنْ رَجاءِ بْنِ حَيْوَةَ إلّا بُسْرَةً واحِدَةً، وكانَ القَحْطُ عَلى ما أخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وغَيْرُهُ عَنْ قَتادَةَ في بادِيَتِهِمْ وأهْلِ ماشِيَتِهِمْ، والنَّقْصُ في أمْصارِهِمْ وقُراهُمْ، وأخْرَجَ الحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ في ”نَوادِرِ الأُصُولِ“، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما قالَ: لَمّا أخَذَ اللَّهُ تَعالى آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ يَبِسَ كُلُّ شَيْءٍ لَهُمْ، وذَهَبَتْ مَواشِيهِمْ حَتّى يَبِسَ نِيلُ مِصْرَ فاجْتَمَعُوا إلى فِرْعَوْنَ وقالُوا لَهُ: إنْ كُنْتَ كَما تَزْعُمُ فائْتِنا في نِيلِ مِصْرَ بِماءٍ. فَقالَ: غَدْوَةً يُصَبِّحُكُمُ الماءُ، فَلَمّا خَرَجُوا مِن عِنْدِهِ قالَ: أيُّ شَيْءٍ صَنَعَتُ؟ أنا لا أقْدِرُ عَلى ذَلِكَ فَغَدًا يُكَذِّبُونَنِي، فَلَمّا كانَ جَوْفُ اللَّيْلِ قامَ واغْتَسَلَ ولَبِسَ مِدْرَعَةَ صُوفٍ ثُمَّ خَرَجَ حافِيًا حَتّى أتى النَّيْلَ فَقامَ في بَطْنِهِ فَقالَ: اللَّهُمَّ إنَّكَ تَعْلَمُ أنِّي أعْلَمُ أنَّكَ تَقْدِرُ عَلى أنْ تَمْلَأ نِيلَ مِصْرَ ماءً فامْلَأْهُ ماءً، فَما عَلِمَ إلّا بِخَرِيرِ الماءِ يُقْبِلُ فَخَرَجَ وأقْبَلَ النَّيْلُ مُتْرَعًا بِالماءِ لِما أرادَ اللَّهُ تَعالى بِهِمْ مِنَ الهَلَكَةِ، وهَذا إنْ صَحَّ يَدُلُّ عَلى أنَّ الرَّجُلَ لَمْ يَكُنْ دَهْرِيًّا نافِيًا لِلصّانِعِ كَما قالَ البَعْضُ، ﴿لَعَلَّهم يَذَّكَّرُونَ﴾ أيْ: لِكَيْ يَتَّعِظُوا فَيَتْرُكُوا ما هم عَلَيْهِ، أوْ لِكَيْ يَذْكُرُوا اللَّهَ تَعالى فَيَتَضَرَّعُوا لَهُ ويَلْتَجِئُوا إلَيْهِ رَغْبَةً فِيما عِنْدَهُ، وقِيلَ: لِكَيْ يَتَذَكَّرُوا أنَّ فِرْعَوْنَ لَوْ كانَ إلَهًا لَدَفَعَ ذَلِكَ الضُّرَّ.
وعَنِ الزَّجّاجِ أنَّهم إنَّما أُخِذُوا بِالضَّرّاءِ لِأنَّ أحْوالَ الشِّدَّةِ تُرَقِّقُ القُلُوبَ وتُرَغِّبُ فِيما عِنْدَ اللَّهِ تَعالى، ألا تَرى قَوْلَهُ تَعالى: ﴿وإذا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ﴾
{"ayah":"وَلَقَدۡ أَخَذۡنَاۤ ءَالَ فِرۡعَوۡنَ بِٱلسِّنِینَ وَنَقۡصࣲ مِّنَ ٱلثَّمَرَ ٰتِ لَعَلَّهُمۡ یَذَّكَّرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق