الباحث القرآني
﴿قالُوا﴾ أيْ قَوْمُ مُوسى لَهُ عَلَيْهِ السَّلامُ: ﴿أُوذِينا﴾ مِن جِهَةِ فِرْعَوْنَ.
﴿مِن قَبْلِ أنْ تَأْتِيَنا﴾ بِالرِّسالَةِ. يَعْنُونَ بِذَلِكَ قَتْلَ الجَبّارِ أوْلادَهم قَبْلَ مَوْلِدِهِ وبَعْدَهُ إذْ قِيلَ لَهُ: يُولَدُ لِبَنِي إسْرائِيلَ غُلامٌ يَسْلُبُكَ مُلْكَكَ ويَكُونُ هَلاكُكَ عَلى يَدَيْهِ.
﴿ومِن بَعْدِ ما جِئْتَنا﴾ أيْ: رَسُولًا. يَعْنُونَ بِهِ ما تَوَعَّدَهم بِهِ مِن إعادَةِ قَتْلِ الأبْناءِ وسائِرِ ما كانَ يَفْعَلُ بِهِمْ لِعَداوَةِ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ مِن فُنُونِ الجَوْرِ والعَذابِ، وقِيلَ: إنَّ نَفْسَ ذَلِكَ الإيعادِ إيذاءٌ، وقِيلَ: جَعَلَ إيعادَهُ بِمَنزِلَةِ فِعْلِهِ لِكَوْنِهِ جَبّارًا.
وقِيلَ: أرادُوا الإيذاءَ بِقَتْلِ الأبْناءِ قَبْلَ مَوْلِدِ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ وبَعْدَ مَوْلِدِهِ، وقِيلَ: المُرادُ ما كانُوا يُسْتَعْبَدُونَ بِهِ ويُمْتَهَنُونَ فِيهِ مِن أنْواعِ الخَدَمِ والمِهَنِ، وتُعُقِّبَ بِأنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِمّا يَلْحَقُهم بِواسِطَةِ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ، فَلَيْسَ لِذِكْرِهِ كَثِيرُ مُلاءَمَةٍ بِالمَقامِ، والظّاهِرُ أنَّهُ لا فَرْقَ بَيْنَ الإتْيانِ والمَجِيءِ، وأنَّ الجَمْعَ بَيْنَهُما لِلتَّفَنُّنِ والبُعْدِ عَنِ التَّكْرارِ اللَّفْظِيِّ، فَإنَّ الطِّباعَ مَجْبُولَةٌ عَلى مُعاداةِ المُعاداتِ، ولِذَلِكَ جِيءَ بِأنْ المَصْدَرِيَّةِ أوَّلًا وبِما أُخْتِها ثانِيًا.
وذَكَرَ الجَلالُ السُّيُوطِيُّ في الفَرْقِ بَيْنَهُما أنَّ الإتْيانَ يُسْتَعْمَلُ في المَعانِي والأزْمانِ، والمَجِيءَ في الجَواهِرِ والأعْيانِ، وهو غَيْرُ ظاهِرٍ هُنا إلّا أنْ يُتَكَلَّفَ، ونُقِلَ عَنِ الرّاغِبِ في الفَرْقِ بَيْنَهُما: أنَّ الإتْيانَ هو المَجِيءُ بِسُهُولَةٍ، فَهو أخَصُّ مِن مُطْلَقِ المَجِيءِ وهو كَسابِقِهِ هُنا أيْضًا، وهَذا مِنهم جارٍ مَجْرى التَّحَزُّنِ لِعَدَمِ الِاكْتِفاءِ بِما كَنّى لَهم عَلَيْهِ السَّلامُ لِفَرْطِ ما عَراهم وفَظاعَةِ ما اعْتَراهُمْ، والمَقامُ يَقْتَضِي الإطْنابَ؛ فَإنَّ شَأْنَ الحَزِينِ الشّاكِي إطالَةُ الكَلامِ رَجاءَ أنْ يُطْفِئَ بِذَلِكَ بَعْضَ الأُوامِ، وقِيلَ: هو اسْتِبْطاءٌ مِنهم لِما وعَدَهم عَلَيْهِ السَّلامُ مِنَ النَّجاةِ والظَّفَرِ، والأوَّلُ أوْلى؛ فَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿قالَ عَسى رَبُّكم أنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ﴾ الَّذِي فَعَلَ بِكم ما فَعَلَ وتَوَعَّدَكم بِما تَوَعَّدَ.
﴿ويَسْتَخْلِفَكُمْ﴾ أيْ: يَجْعَلَكم خُلَفاءَ ﴿فِي الأرْضِ﴾ . أيْ: أرْضِ مِصْرَ تَصْرِيحٌ بِما كَنّى عَنْهُ وتَوْكِيدٌ لِلتَّسْلِيَةِ عَلى أبْلَغِ وجْهٍ، وفِيهِ إدْماجُ مَعْنى مَن عادى أوْلِياءَ اللَّهِ تَعالى فَقَدْ بارَزَهُ بِالمُحارَبَةِ وحَقَّ لَهُ الدَّمارُ والخَسارُ. وعَسى في مِثْلِهِ قَطْعٌ في إنْجازِ المَوْعُودِ والفَوْزِ بِالمَطْلُوبِ، ونَصَّ غَيْرُ واحِدٍ عَلى أنَّ التَّعْبِيرَ بِهِ لِلْجَرْيِ عَلى سُنَنِ الكُرَماءِ.
وقِيلَ: تَأدُّبًا مَعَ اللَّهِ تَعالى وإنْ كانَ الأمْرُ مَجْزُومًا بِهِ بِوَحْيٍ وإعْلامٍ مِنهُ سُبْحانَهُ وتَعالى، وقِيلَ: إنَّ ذَلِكَ لِعَدَمِ الجَزْمِ مِنهُ عَلَيْهِ السَّلامُ بِأنَّهُمُ المُسْتَخْلَفُونَ بِأعْيانِهِمْ أوْ أوْلادِهِمْ، فَقَدْ رُوِيَ أنَّ مِصْرَ إنَّما فُتِحَتْ في زَمَنِ داوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ.
وتُعُقِّبَ بِأنَّهُ لا يُساعِدُهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وأوْرَثْنا القَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الأرْضِ ومَغارِبَها﴾ فَإنَّ المُتَبادَرَ اسْتِخْلافُ المُسْتَضْعَفِينَ أنْفُسِهِمْ لا اسْتِخْلافُ أوْلادِهِمْ، والمَجازُ خِلافُ الأصْلِ. نَعَمْ المَشْهُورُ أنَّ بَنِي إسْرائِيلَ بَعْدَ أنْ خَرَجُوا مَعَ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ مِن مِصْرَ لَمْ يَرْجِعُوا إلَيْها في حَياتِهِ، وفي قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿فَيَنْظُرَ﴾ أيْ: يَرى أوْ يَعْلَمَ.
﴿كَيْفَ تَعْمَلُونَ﴾ أحَسَنًا أمْ قَبِيحًا، فَيُجازِيكم حَسْبَما يَظْهَرُ مِنكم مِنَ الأعْمالِ. إرْشادٌ لَهم (p-31)إلى الشُّكْرِ وتَحْذِيرٌ لَهم عَنِ الوُقُوعِ في مُهاوِي الكُفْرِ، وقِيلَ: فِيهِ إشارَةٌ إلى ما وقَعَ مِنهم بَعْدَ ذَلِكَ.
{"ayah":"قَالُوۤا۟ أُوذِینَا مِن قَبۡلِ أَن تَأۡتِیَنَا وَمِنۢ بَعۡدِ مَا جِئۡتَنَاۚ قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمۡ أَن یُهۡلِكَ عَدُوَّكُمۡ وَیَسۡتَخۡلِفَكُمۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ فَیَنظُرَ كَیۡفَ تَعۡمَلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق