الباحث القرآني
﴿وحُمِلَتِ الأرْضُ والجِبالُ﴾ رُفِعَتا مِن أحْيازِهِما بِمُجَرَّدِ القُدْرَةِ الإلَهِيَّةِ مِن غَيْرِ واسِطَةِ مَخْلُوقٍ أوْ بِتَوَسُّطِ نَحْوِ رِيحٍ أوْ مَلِكٍ قِيلَ أوْ بِتَوَسُّطِ الزَّلْزَلَةِ أيْ بِأنْ يَكُونَ لَها مُدْخَلٌ في الرَّفْعِ لا أنَّها رافِعَةٌ لَهُما حامِلَةٌ إيّاهُما لِيُقالَ إنَّها لَيْسَ فِيها حَمْلٌ، وإنَّما هي اضْطِرابٌ. وقِيلَ: يَجُوزُ أنْ يَخْلُقَ اللَّهُ تَعالى مِنَ الأجْرامِ العُلْوِيَّةِ ما فِيهِ قُوَّةُ جَذْبِ الجِبالِ ورَفْعِها عَنْ أماكِنِها أوْ أنْ يَكُونَ في الأجْرامِ المَوْجُودَةِ اليَوْمَ ما فِيهِ قُوَّةُ ذَلِكَ إلّا أنَّ في البَيْنِ مانِعًا مِنَ الجَذْبِ والرَّفْعِ وأنَّهُ يَزُولُ بَعْدُ فَيَحْصُلُ الرَّفْعُ، وكَذا يَجُوزُ أنْ يُعْتَبَرَ مِثْلُ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إلى الأرْضِ وأنْ تَكُونَ قُوَّتا الجاذِبَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ فَإذا حَصَلَ رَفْعُ كُلٍّ إلى غايَةٍ يُرِيدُها اللَّهُ تَعالى حَدَثَ في ذَلِكَ الجاذِبِ ما لَمْ يَبْقَ مَعَهُ ذَلِكَ الجَذْبُ مِن زَوالِ مَسامَتِهِ ونَحْوِهِ وحَصَلَ بَيْنَ الجِبالِ والأرْضِ ما يُوجِبُ التَّصادُمَ.
ويَجُوزُ أيْضًا أنْ يُحْدِثَ في الأرْضِ مِنَ القُوى ما يُوجِبُ قَذْفَها لِلْجِبالِ ويُحْدِثَ لِلْأرْضِ نَفْسِها ما يُوجِبُ رَفْعَها عَنْ حَيِّزِها وكَوْنُ القُوى مِنها ما هو مُتَنافِرٌ ومِنها ما هو مُتَحابٌّ مِمّا لا يَكادُ يُنْكَرُ، وقِيلَ يُمْكِنُ أنْ يَكُونَ رَفْعُهُما بِمُصادَمَةِ بَعْضِ الأجْرامِ كَذَواتِ الأذْنابِ عَلى ما قِيلَ فِيها جَدِيدًا لِلْأرْضِ فَتَنْفَصِلُ الجِبالُ وتَرْتَفِعُ مِن شِدَّةِ المُصادَمَةِ.
ورَفْعُ الأرْضِ مِن حَيِّزِها ولا يَخْفى أنَّ كُلَّ هَذا عَلى ما فِيهِ لا يَحْتاجُ إلَيْهِ ويَكْفِينا القَوْلُ بِأنَّ الرَّفْعَ بِالقُدْرَةِ الإلَهِيَّةِ الَّتِي لا يَتَعاصاها شَيْءٌ وقَرَأ ابْنُ أبِي عَبْلَةَ وابْنُ مَقْسَمٍ والأعْمَشُ وابْنُ عامِرٍ في رِوايَةِ يَحْيى «وحُمِّلَتِ» بِتَشْدِيدِ المِيمِ وحُمِّلَ عَلى التَّكْثِيرِ وجَوَّزَ أنْ يَكُونَ تَضْعِيفًا لِلنَّقْلِ فَيَكُونُ الأرْضُ والجِبالُ المَفْعُولَ الأوَّلَ أُقِيمَ مَقامَ الفاعِلِ والمَفْعُولُ الثّانِي مَحْذُوفٌ أيْ قُدْرَةً أوْ رِيحًا أوْ مَلائِكَةً أوْ يَكُونُ المَفْعُولُ الثّانِي أُقِيمَ مَقامَ الفاعِلِ والأوَّلُ مَحْذُوفٌ وهو أحَدُ المَذْكُوراتِ ﴿فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً﴾ فَضُرِبَتِ الجُمْلَتانِ إثَرَ رَفَعِهِما بَعْضُها بِبَعْضِ ضَرْبَةً واحِدَةً حَتّى تُفَتَّتَ وتَرْجِعَ كَما قالَ سُبْحانَهُ ﴿كَثِيبًا مَهِيلا﴾ [المُزَّمِّلِ: 14] وقِيلَ تَتَفَرَّقُ أجْزاؤُها كَما قالَ سُبْحانَهُ ﴿هَباءً مُنْبَثًّا﴾ [الواقِعَةِ: 6] وفَرَّقُوا بَيْنَ الدَّكِّ والدَّقِّ بِأنَّ في الأوَّلِ تَفَرُّقَ الأجْزاءِ وفي الثّانِي اخْتِلافَها.
وقالَ بَعْضُ الأجِلَّةِ: أصْلُ الدَّكِّ الضَّرْبُ عَلى ما ارْتَفَعَ لِيَنْخَفِضَ ويَلْزَمَهُ التَّسْوِيَةُ غالِبًا فَلِذا شاعَ فِيها حَتّى صارَ حَقِيقَةً ومِنهُ أرْضٌ دَكّاءُ لِلْمُتَّسِعَةِ المُسْتَوِيَةِ وبَعِيرٌ أدَكُّ وناقَةٌ دَكّاءُ إذا ضَعُفا فَلَمْ يَرْتَفِعْ سَناماهُما واسْتَوَتْ خَدَجَتْهُما مَعَ ظَهْرَيْهِما فالمُرادُ هاهُنا فَبُسِطَتا بَسْطَةً واحِدَةً وسُوِّيَتا فَصارَتا أرْضًا لا تَرى فِيها عِوَجًا ولا أمْتًا ولَعَلَّ التَّفَتُّتَ مُقَدِّمَةٌ لِلتَّسْوِيَةِ أيْضًا وقالَ الرّاغِبُ الدَّكُّ الأرْضُ اللَّيِّنَةُ السَّهْلَةُ وقَوْلُهُ تَعالى ﴿فَدُكَّتا﴾ أيْ جُعِلَتا بِمَنزِلَةِ الأرْضِ اللَّيِّنَةِ وهَذا أيْضًا يَرْجِعُ إلى التَّسْوِيَةِ كَما لا يَخْفى.
وحُكِيَ في مَجْمَعِ البَيانِ أنَّهُما إذا دُكَّتا تَتَفَتَّتُ الجِبالُ وتَنْسِفُها الرِّيحُ وتَبْقى الأرْضُ مُسْتَوِيَةً وثُنِّيَ الضَّمِيرُ لِإرادَةِ الجُمْلَتَيْنِ كَما أشَرْنا إلَيْهِ.
{"ayah":"وَحُمِلَتِ ٱلۡأَرۡضُ وَٱلۡجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةࣰ وَ ٰحِدَةࣰ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق