الباحث القرآني

﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِن سَعَتِهِ ومَن قُدِرَ﴾ أيْ ضُيِّقَ ﴿عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمّا آتاهُ اللَّهُ﴾ وإنْ قَلَّ، والمُرادُ لِيُنْفِقْ كُلُّ واحِدٍ مِنَ المُوسِرِ والمُعْسِرِ ما يَبْلُغُهُ وُسْعُهُ، والظّاهِرُ أنَّ المَأْمُورَ بِالإنْفاقِ الآباءُ، ومِن هُنا قالَ ابْنُ العَرَبِيِّ: هَذِهِ الآيَةُ أصْلٌ في وُجُوبِ النَّفَقَةِ عَلى الأبِ، وخالَفَ في ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ المَوّازِ فَقالَ: بِوُجُوبِها عَلى الأبَوَيْنِ عَلى قَدْرِ المِيراثِ، وحَكى أبُو مُعاذٍ أنَّهُ قُرِئَ «لِيُنْفِقَ» بِلامِ كَيْ ونَصْبِ القافِ عَلى أنَّ التَّقْدِيرَ شَرْعُنا ذَلِكَ لِيُنْفِقَ. وقَرَأ ابْنُ أبِي عَبْلَةَ «قُدِّرَ» مُشَدَّدَ الدّالِ ﴿لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلا ما آتاها﴾ أيْ إلّا بِقَدْرِ ما أعْطاها مِنَ الطّاقَةِ، وقِيلَ: ما أعْطاها مِنَ الأرْزاقِ قَلَّ أوْ جَلَّ، وفِيهِ تَطْيِيبٌ واسْتِمالَةٌ لِقَلْبِ المُعْسِرِ لِمَكانِ عِبارَةِ آتاها الخاصَّةِ بِالإعْسارِ قَبْلُ وذَكَرَ العُسْرَ بَعْدُ، واسْتَدَلَّ بِالآيَةِ مَن قالَ لا فَسْخَ بِالعَجْزِ عَنِ الإنْفاقِ عَلى الزَّوْجَةِ وهو ما ذَهَبَ إلَيْهِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ وأبُو حَنِيفَةَ وجَماعَةٌ وعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ والحَسَنِ وابْنِ المُسَيَّبِ ومالِكٍ والشّافِعِيِّ وأحْمَدَ وإسْحاقَ يُفْسَخُ النِّكاحُ بِالعَجْزِ عَنِ الإنْفاقِ ويُفَرَّقُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وفِيها عَلى ما قالَ السُّيُوطِيُّ: اسْتِحْبابُ مُراعاةِ الإنْسانِ حالَ نَفْسِهِ في النَّفَقَةِ والصَّدَقَةِ، فَفي الحَدِيثِ ««إنَّ المُؤْمِنَ أخَذَ عَنِ اللَّهِ تَعالى أدَبًا حَسَنًا إذا هو سُبْحانَهُ وسَّعَ عَلَيْهِ وسَّعَ وإذا هو عَزَّ وجَلَّ قَتَّرَ عَلَيْهِ قَتَّرَ»»، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا﴾ مَوْعِدٌ لِفُقَراءِ ذَلِكَ الوَقْتِ بِفَتْحِ أبْوابِ الرِّزْقِ عَلَيْهِمْ، أوْ لِفُقَراءِ الأزْواجِ إنْ أنْفَقُوا ما قَدَرُوا عَلَيْهِ ولَمْ يُقَصِّرُوا، وهو عَلى الوَجْهَيْنِ تَذْيِيلٌ إلّا أنَّهُ عَلى الأوَّلِ مُسْتَقِلٌّ، وعَلى الثّانِي غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب