الباحث القرآني

﴿وإذا قِيلَ لَهم تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكم رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ﴾ أيْ عَطَفُوها وهو كِنايَةٌ عَنِ التَّكَبُّرِ والإعْراضِ عَلى ما قِيلَ وقِيلَ: هو عَلى حَقِيقَتِهِ أيْ حَرَّكُوها اسْتِهْزاءً، وأخْرَجَهُ ابْنُ المُنْذِرِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ﴿ورَأيْتَهم يَصُدُّونَ﴾ يُعْرِضُونَ عَنِ القائِلِ أوْ عَنِ الِاسْتِغْفارِ ﴿وهم مُسْتَكْبِرُونَ﴾ عَنْ ذَلِكَ. رُوِيَ «أنَّهُ لَمّا صَدَّقَ اللَّهُ تَعالى زَيْدَ بْنَ أرْقَمَ فِيما أخْبَرَ بِهِ عَنِ ابْنِ أُبَيٍّ مَقَتَ النّاسُ ابْنَ أُبَيٍّ ولامَهُ المُؤْمِنُونَ مِن قَوْمِهِ، وقالَ بَعْضُهم لَهُ: امْضِ إلى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ واعْتَرِفْ بِذَنْبِكَ يَسْتَغْفِرْ لَكَ فَلَوى رَأْسَهُ إنْكارًا لِهَذا الرَّأْيِ، وقالَ لَهم: لَقَدْ أشَرْتُمْ عَلَيَّ بِالإيمانِ فَآمَنتُ، وأشَرْتُمْ عَلَيَّ بِأنْ أُعْطِيَ زَكاةَ مالِي فَفَعَلْتُ، ولَمْ يَبْقَ لَكم إلّا أنْ تَأْمُرُونِي بِالسُّجُودِ لِمُحَمَّدٍ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ»، وفي حَدِيثٍ أخْرَجَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ جُبَيْرٍ «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ قالَ لَهُ: «تُبْ» فَجَعَلَ يَلْوِي رَأْسَهُ فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى ﴿وإذا قِيلَ لَهُمْ﴾ إلَخْ»، وفي حَدِيثٍ أخْرَجَهُ الإمامُ أحْمَدُ والشَّيْخانِ والتِّرْمِذِيُّ والنَّسائِيُّ وغَيْرُهم عَنْ زَيْدٍ بَعْدَ نَقْلِ القِصَّةِ إلى أنْ قالَ: «حَتّى أنْزَلَ اللَّهُ تَعالى تَصْدِيقِيَ في ﴿إذا جاءَكَ المُنافِقُونَ﴾ ما نَصُّهُ فَدَعاهم رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِيَسْتَغْفِرَ لَهم فَلَوَوْا رُؤُوسَهم»، فَجَمْعُ الضَّمائِرِ: إمّا عَلى ظاهِرِهِ، وإمّا مِن بابِ بَنُو تَمِيمٍ قَتَلُوا فُلانًا، وإذا عَلى ما مَرَّ، ويَسْتَغْفِرْ مَجْزُومٌ في جَوابِ الأمْرِ، ورَسُولُ اللَّهِ (p-113) فاعِلٌ لَهُ، والكَلامُ عَلى ما في البَحْرِ مِن بابِ الإعْمالِ لِأنَّ رَسُولُ اللَّهِ يَطْلُبُهُ عامِلانِ: يَسْتَغْفِرْ وتَعالَوْا فَأُعْمِلَ الثّانِي عَلى المُخْتارِ عِنْدَ أهْلِ البَصْرَةِ ولَوْ أُعْمِلَ الأوَّلُ لَكانَ التَّرْكِيبُ تَعالَوْا يُسْتَغْفَرْ لَكم إلى رَسُولِ اللَّهِ، وجُمْلَةُ ﴿يَصُدُّونَ﴾ في مَوْضِعِ الحالِ، وأتَتْ بِالمُضارِعِ لِيَدُلَّ عَلى الِاسْتِمْرارِ التَّجَدُّدِيِّ، ومِثْلُها في الحالِيَّةِ جُمْلَةُ ﴿وهم مُسْتَكْبِرُونَ﴾ وقَرَأ مُجاهِدٌ ونافِعٌ وأهْلُ المَدِينَةِ وأبُو حَيْوَةَ وابْنُ أبِي عَبْلَةَ والمُفَضَّلُ وأبانٌ عَنْ عاصِمٍ والحَسَنِ ويَعْقُوبَ - بِخِلافٍ عَنْهُما - «لَوَوْا» بِتَخْفِيفِ الواوِ، والتَّشْدِيدُ في قِراءَةِ باقِي السَّبْعَةِ لِلتَّكْثِيرِ،
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب