الباحث القرآني
﴿قَدْ كانَتْ لَكم أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ في إبْراهِيمَ والَّذِينَ مَعَهُ﴾ تَأْكِيدٌ لِأمْرِ الإنْكارِ عَلَيْهِمْ والتَّخْطِئَةِ في مُوالاةِ الكُفّارِ بِقِصَّةِ إبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ ومَن مَعَهُ لِيُعْلَمَ أنَّ الحُبَّ في اللَّهِ تَعالى والبُغْضَ فِيهِ سُبْحانَهُ مِن أوْثَقِ عُرا الإيمانِ فَلا يَنْبَغِي أنْ يُغْفَلَ عَنْهُما، والأُسْوَةُ بِضَمِّ الهَمْزَةِ وكَسْرِها وهُما لُغَتانِ، وبِالكَسْرِ قَرَأ جَمِيعُ القُرّاءِ إلّا عاصِمًا وهي بِمَعْنى الِائْتِساءِ والِاقْتِداءِ، وتُطْلَقُ عَلى الخَصْلَةِ الَّتِي مِن حَقِّها أنْ يُؤْتَسى ويُقْتَدى بِها. وعَلى نَفْسِ الشَّخْصِ المُؤْتَسى بِهِ، (p-70)
فَفِي زَيْدٍ أُسْوَةٌ مِن بابِ التَّجْرِيدِ نَحْوَ: ولِلضُّعَفاءِ في الرَّحْمَنِ كافٍ وفي البَيْضَةِ عِشْرُونَ مِنًّا حَدِيدٌ وكُلٌّ مِن ذَلِكَ قِيلَ: مُحْتَمَلٌ في الآيَةِ، ورُجِّحَ إرادَةُ الخَصْلَةِ لِأنَّ الِاسْتِثْناءَ الآتِي عَلَيْها أظْهَرُ، ”ولَكم“ لِلْبَيانِ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ كَما في سُقْيا لَكَ، أوْ هو مُتَعَلِّقٌ بَكانَ عَلى رَأْيِ مَن يُجَوِّزُ تَعَلُّقَ الظَّرْفِ بِها، و”أُسْوَةٌ“ اسْمُها و”حَسَنَةٌ“ صِفَتُهُ، و”في إبْراهِيمَ“ خَبَرُها، أوْ ”لَكم“ هو الخَبَرُ، و”في إبْراهِيمَ“ صِفَةٌ بَعْدَ صِفَةٍ - لِأُسْوَةٍ - أوْ خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ - لِكانَ - أوْ حالٌ مِنَ المُسْتَكِنِّ في ”لَكم“ عَلى ما قِيلَ، أوْ في ”حَسَنَةٌ“ ولَمْ يُجَوَّزْ كَوْنُهُ صِلَةَ ”أُسْوَةٌ“ بِناءً عَلى أنَّها مَصْدَرٌ، أوِ اسْمُهُ وهو إذا وُصِفَ لا يَعْمَلُ مُطْلَقًا لِضَعْفِ شَبَهِهِ بِالفِعْلِ، قِيلَ: وإذا قُلْنا: إنَّها لَيْسَتْ مَصْدَرًا ولا اسْمَهُ، أوْ قُلْنا: إنَّهُ يُغْتَفَرُ عَمَلُهُ وإنْ وُصِفَ قَبْلَ العَمَلِ في الظَّرْفِ لِلِاتِّساعِ فِيهِ جازَ ذَلِكَ.
والظّاهِرُ أنَّ المُرادَ - بِالَّذِينَ مَعَهُ - عَلَيْهِ السَّلامُ أتْباعُهُ المُؤْمِنُونَ لَكِنْ قالَ الطَّبَرِيُّ وجَماعَةٌ: المُرادُ بِهِمُ الأنْبِياءُ الَّذِينَ كانُوا قَرِيبًا مِن عَصْرِهِ عَلَيْهِ وعَلَيْهِمُ الصَّلاةُ والسَّلامُ لِأنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وقْتَ مُكافَحَتِهِ قَوْمَهُ وبَراءَتِهِ مِنهم أتْباعٌ مُؤْمِنُونَ كافَحُوهم مَعَهُ وتَبَرَّؤُوا مِنهم، فَقَدْ رُوِيَ أنَّهُ قالَ لِسارَةَ حِينَ رَحَلَ إلى الشّامِ مُهاجِرًا مِن بَلَدِ نَمْرُوذَ: ما عَلى الأرْضِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ تَعالى غَيْرِي وغَيْرُكِ، وأنْتَ تَعْلَمُ أنَّهُ لا يَلْزَمُ وُجُودُ الأتْباعِ المُؤْمِنِينَ في أوَّلِ وقْتِ المُكافَحَةِ بَلِ اللّازِمُ وُجُودُهم ولَوْ بَعْدُ، ولا شَكَّ في أنَّهم وُجِدُوا بَعْدُ فَلْيُحْمَلْ مَن مَعَهُ عَلَيْهِمْ، ويَكُونُ التَّبَرِّي المَحْكِيُّ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿إذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إنّا بُرَآءُ مِنكُمْ﴾ إلَخْ وقْتَ وُجُودِهِمْ، ”وإذْ“ قِيلَ: ظَرْفٌ لِخَبَرِ ﴿كانَتْ﴾ والعامِلُ الجارُّ والمَجْرُورُ أوِ المُتَعَلِّقُ، أوْ - لِكانَ - نَفْسِها عَلى ما مَرَّ، أوْ بَدَلٌ مِن ﴿أُسْوَةٌ﴾ و﴿بُرَآءُ﴾ جَمْعُ بَرِيءٍ كَظَرِيفٍ وظُرَفاءَ.
وقَرَأ الجَحْدَرِيُّ «بِراءٌ» كَظِرافٍ جَمْعُ ظَرِيفٍ أيْضًا، وقَرَأ أبُو جَعْفَرٍ «بُراءٌ» بِضَمِّ الباءِ كَتُؤامٍ وظُؤارٍ، وهو اسْمُ جَمْعٍ الواحِدُ بَرِيءٌ وتُوامٌ وظِئْرٌ، وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: إنَّ ذَلِكَ عَلى إبْدالِ الضَّمِّ مِنَ الكَسْرِ كَرُخالٍ بِضَمِّ الرّاءِ جَمْعُ رَخِلٍ، وتُعُقِّبَ بِأنَّهُ ضَمٌّ أصْلِيٌّ، والصِّيغَةُ مِن أوْزانِ أسْماءِ الجُمُوعِ، ولَيْسَ ذَلِكَ جَمْعَ تَكْسِيرٍ فَتَكُونُ الضَّمَّةُ بَدَلًا مِنَ الكَسْرَةِ ورُوِيَتْ هَذِهِ القِراءَةُ عَنْ عِيسى، قالَ أبُو حاتِمٍ: زَعَمُوا أنَّهُ عِيسى الهَمْدانِيُّ وعَنْهُ «بَراءٌ» عَلى فَعالٍ كالَّذِي في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنَّنِي بَراءٌ مِمّا تَعْبُدُونَ﴾ في [الزُّخْرُفِ: 26]، وهو مَصْدَرٌ عَلى فَعالٍ يُوصَفُ بِهِ المُفْرَدُ وغَيْرُهُ، وتَأْكِيدُ الجُمْلَةِ لِمَزِيدِ الِاعْتِناءِ بِشَأْنِها، أوْ لِأنَّ قَوْمَهُمُ المُشْرِكُونَ مُسْتَبْعِدُونَ ذَلِكَ شاكُّونَ فِيهِ حَيْثُ يَحْسَبُونَ أنْفُسَهم عَلى شَيْءٍ وكَأنَّهُمُ اسْتَشْعَرُوا ذَلِكَ مِنهم فَقالُوا لَهم: ﴿إنّا بُرَآءُ مِنكُمْ﴾ .
﴿ومِمّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ﴾ مِنَ الأصْنامِ والكَواكِبِ وغَيْرِها ﴿كَفَرْنا بِكُمْ﴾ بَيانٌ لِقَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿إنّا بُرَآءُ﴾ إلى آخِرِهِ فَهو عَلى مَعْنى كَفَرْنا بِكم وبِما تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ، ويَكُونُ المُرادُ ﴿بِكُمْ﴾ القَوْمَ ومَعْبُودِيهِمْ بِتَغْلِيبِ المُخاطَبِينَ، والكُفْرُ بِذَلِكَ مَجازٌ أوْ كِنايَةٌ عَنْ عَدَمِ الِاعْتِدادِ فَكَأنَّهُ قِيلَ: إنّا لا نَعْتَدُّ بِشَأْنِكم ولا بِشَأْنِ آلِهَتِكم وما أنْتُمْ عِنْدَنا عَلى شَيْءٍ.
وفِي الكَشْفِ أنَّ الأصْلَ كَفَرْنا بِما تَعْبُدُونَ ثُمَّ كَفَرْنا بِكم وبِما تَعْبُدُونَ لِأنَّ مَن كَفَرَ بِما أتى بِهِ الشَّخْصُ فَقَدْ كَفَرَ بِهِ، ثُمَّ اكْتَفى - بِكُفْرِنا بِكم - لَتَضَمُّنِهِ الكُفْرَ بِجَمِيعِ ما أتَوْا بِهِ وما تَلَبَّسُوا بِهِ لا سِيَّما وقَدْ تَقَدَّمَهُ ﴿إنّا بُرَآءُ﴾ فُسِّرَ بِأنّا لا نَعْتَدُّ إلَخْ تَنْبِيهًا عَلى أنَّهُ تَهَكُّمٌ بِهِمْ فَإنَّ ذَلِكَ لا يُسَمّى كُفْرًا لُغَةً وعُرْفًا وإنَّما هو اسْمٌ يَقَعُ عَلى أدْخَلِ الأشْياءِ في الِاسْتِهْجانِ والذَّمِّ، وما ذَكَرْناهُ أقْرَبُ، وهو مَعْنى ما في الكَشّافِ دُونَهُ، وأمّا ما قِيلَ: إنَّ في الكَلامِ مَعْطُوفًا (p-71)
عَلى الجارِّ والمَجْرُورِ مَحْذُوفًا أيْ بِكم وبِما تَعْبُدُونَ، وحُذِفَ اكْتِفاءً بِدَلالَةِ السِّياقِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ.
﴿وبَدا بَيْنَنا وبَيْنَكُمُ العَداوَةُ والبَغْضاءُ أبَدًا﴾ أيْ هَذا دَأْبُنا مَعَكم لا نَتْرُكُهُ ﴿حَتّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وحْدَهُ﴾ وتَتْرُكُوا ما أنْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الشِّرْكِ فَتَنْقَلِبُ العَداوَةُ وِلايَةً والبَغْضاءُ مَحَبَّةً، وفَسَّرَ الفَيْرُوزابادِي ﴿البَغْضاءُ﴾ بِشِدَّةِ البُغْضِ ضِدَّ الحُبِّ، وأفادَ أنَّ العَداوَةَ ضِدُّ الصَّداقَةِ، وفَسَّرَ الصَّداقَةَ بِالمَحَبَّةِ، فالعَداوَةُ والبَغْضاءُ عَلى هَذا مُتَقارِبانِ، وأفادَ الرّاغِبُ أنَّ العَداوَةَ مُنافاةُ الِالتِئامِ قَلْبًا، وقالَ: البُغْضُ نِفارُ النَّفْسِ عَنِ الشَّيْءِ الَّذِي تَرْغَبُ عَنْهُ وهو ضِدُّ الحُبِّ، ثُمَّ قالَ: يُقالُ: بَغَضَ الشَّيْءَ بُغْضًا وبَغْضَةً وبَغْضاءَ، وهو نَحْوُ كَلامِ الفَيْرُوزابادِي، والَّذِي يُفْهَمُ مِن كَلامِ غَيْرِ واحِدٍ أنَّهُ كَثِيرًا ما يُعْتَبَرُ في العَداوَةِ التَّخاذُلُ دُونَ البَغْضاءِ فَلْيُراجَعْ هَذا المَطْلَبُ.
﴿إلا قَوْلَ إبْراهِيمَ لأبِيهِ لأسْتَغْفِرَنَّ لَكَ﴾ اسْتِثْناءٌ مِن قَوْلِهِ تَعالى: ﴿أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ كَما قالَهُ قَتادَةُ. وجَماعَةٌ وهو عَلى تَقْدِيرِ التَّجْرِيدِ أوْ تَفْسِيرًا - لِأُسْوَةٍ - بِالِاقْتِداءِ مُنْقَطِعٌ بِلا رَيْبٍ، وأمّا عَلى تَقْدِيرِ أنْ يُرادَ بِها ما يُؤْتَسى بِهِ فَقِيلَ: هو مُتَّصِلٌ وقِيلَ: مُنْقَطِعٌ، وإلَيْهِ ذَهَبَ الأكْثَرُ، وتَوْجِيهُ الِاسْتِثْناءِ إلى العِدَةِ بِالِاسْتِغْفارِ لا إلى نَفْسِ الِاسْتِغْفارِ المَحْكِيِّ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلامُ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿واغْفِرْ لأبِي﴾ [الشُّعَراءَ: 86] الآيَةَ مَعَ أنَّهُ المُرادُ قِيلَ: لِأنَّها كانَتْ هي الحامِلَةُ لَهُ عَلَيْهِ السَّلامُ عَلَيْهِ، ويُعْلَمُ مِن ذَلِكَ اسْتِثْناءُ نَفْسِ الِاسْتِغْفارِ بِطَرِيقِ الأوْلى، وجَعَلَها بَعْضُهم كِنايَةً عَنِ الِاسْتِغْفارِ لِأنَّ عِدَةَ الكَرِيمِ خُصُوصًا مِثْلَ إبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ لا سِيَّما إذا أُكِّدَتْ بِالقَسَمِ يُلازِمُها الإنْجازُ ولَيْسَ بِلازِمٍ كَما لا يَخْفى، وكَأنَّ هَذِهِ العِدَةَ غَيْرُ العِدَةِ السّابِقَةِ في سُورَةِ [مَرْيَمَ: 47] في قَوْلِهِ تَعالى حِكايَةً عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلامُ: ﴿سَأسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي﴾ الآيَةَ ولَعَلَّها وقَعَتْ مِنهُ عَلَيْهِ السَّلامُ بَعْدَ تِلْكَ تَأْكِيدًا لَها وحُكِيَتْ ها هُنا عَلى سَبِيلِ الِاسْتِثْناءِ.
وفِي الإرْشادِ تَخْصِيصُها بِالذِّكْرِ دُونَ ما وقَعَ في سُورَةِ مَرْيَمَ لِوُرُودِها عَلى طَرِيقِ التَّوْكِيدِ القَسَمِيِّ، واسْتِثْناءُ ذَلِكَ في الأُسْوَةِ الحَسَنَةِ قِيلَ: لِأنَّ اسْتِغْفارَهُ عَلَيْهِ السَّلامُ لِأبِيهِ الكافِرِ بِمَعْنى أنْ يُوَفِّقَهُ اللَّهُ تَعالى لِلتَّوْبَةِ ويَهْدِيَهُ سُبْحانَهُ لِلْإيمانِ وإنْ كانَ جائِزًا عَقْلًا وشَرْعًا لِوُقُوعِهِ قَبْلَ تَبَيُّنِ أنَّهُ مِن أصْحابِ الجَحِيمِ وأنَّهُ يَمُوتُ عَلى الكُفْرِ كَما دَلَّ عَلَيْهِ ما في سُورَةِ التَّوْبَةِ لَكِنَّهُ لَيْسَ مِمّا يَنْبَغِي أنْ يُؤْتَسى بِهِ أصْلًا إذِ المُرادُ بِهِ ما يَجِبُ الِائْتِساءُ بِهِ حَتْمًا لِوُرُودِ الوَعِيدِ عَلى الإعْراضِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ تَعالى بَعْدَ: ﴿ومَن يَتَوَلَّ فَإنَّ اللَّهَ هو الغَنِيُّ الحَمِيدُ﴾ فاسْتِثْناؤُهُ عَمّا سَبَقَ إنَّما يُفِيدُ عَدَمَ وُجُوبِ اسْتِدْعاءِ الإيمانِ والمَغْفِرَةِ لِلْكافِرِ المَرْجُوِّ إيمانُهُ، وذَلِكَ مِمّا لا يَرْتابُ فِيهِ عاقِلٌ، وأمّا عَدَمُ جَوازِهِ فَلا دَلالَةَ لِلِاسْتِثْناءِ عَلَيْهِ قَطْعًا، وزَعَمَ الإمامُ عَلِيٍّ ما نُقِلَ عَنْهُ دَلالَةَ الآيَةِ عَلى ذَلِكَ، ولا يَلْزَمُ أنْ يَكُونَ الِاسْتِغْفارُ مِنهُ عَلَيْهِ السَّلامُ مَعْصِيَةً لِأنَّ كَثِيرًا مِن خَواصِّ الأنْبِياءِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ لا يَجُوزُ التَّأسِّي بِهِ لِأنَّهُ أُبِيحَ لَهم خاصَّةً وهو كَما تَرى إذْ هو ظاهِرٌ في أنَّ ذَلِكَ الِاسْتِغْفارَ الَّذِي وقَعَ مِنهُ عَلَيْهِ السَّلامُ لَوْ فُرِضَ واقِعًا مِن غَيْرِهِ لَكانَ مَعْصِيَةً ولَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هو مُباحٌ مِمَّنْ وقَعَ.
وعَنِ الطَّيِّبِيِّ ما حاصِلُهُ: إنَّ إبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ لَمّا أجابَ قَوْلَ أبِيهِ: ﴿لأرْجُمَنَّكَ واهْجُرْنِي مَلِيًّا﴾ [مَرْيَمَ: 46] بِقَوْلِهِ: ﴿سَأسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي﴾ رَحْمَةً ورَأْفَةً بِهِ، ولَمْ يَكُنْ عارِفًا بِإصْرارِهِ عَلى الكُفْرِ وفّى بِوَعْدِهِ، وقالَ: ﴿واغْفِرْ لأبِي﴾ فَلَمّا تَبَيَّنَ إصْرارَهُ تَرَكَ الدُّعاءَ وتَبَرَّأ مِنهُ، فَظَهَرَ أنَّ اسْتِغْفارَهُ لَمْ يَكُنْ مُنْكَرًا، وهو في حَياتِهِ بِخِلافِ ما نَحْنُ فِيهِ فَإنَّهُ فَصَّلَ عَداوَتَهم وحِرْصَهم عَلى قَطْعِ أرْحامِهِمْ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿لَنْ تَنْفَعَكُمْ﴾ إلَخْ وسَلّاهم عَنِ القَطِيعَةِ بِقِصَّةِ إبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ ثُمَّ اسْتَثْنى مِنها ما ذُكِرَ كَأنَّهُ قِيلَ: لا تُجامِلُوهم ولا تُبْدُوا لَهُمُ الرَّأْفَةَ كَما فَعَلَ إبْراهِيمُ لِأنَّهُ لَمْ يَتَبَيَّنْ (p-72)
لَهُ كَما تَبَيَّنَ لَكُمُ. انْتَهى، وفِيهِ رَمْزٌ إلى احْتِمالِ أنْ يَكُونَ المُسْتَثْنى نَفْسَ العِدَةِ مِن حَيْثُ دَلالَتِها عَلى الرَّأْفَةِ والرَّحْمَةِ، ومَآلُ ذَلِكَ اسْتِثْناءُ الرَّأْفَةِ والرَّحْمَةِ، وعَلَّلَ بَعْضُ الأجِلَّةِ عَدَمَ كَوْنِ اسْتِغْفارِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ لِأبِيهِ الكافِرِ مِمّا لا يَنْبَغِي أنْ يُؤْتَسى بِهِ بِأنَّهُ كانَ قَبْلَ النَّهْيِ أوْ لِمَوْعِدَةٍ وعَدَها إيّاهُ وتُعُقِّبَ الثّانِي بِأنَّ الوَعْدَ بِالمَحْظُورِ لا يَرْفَعُ حَظْرَهُ، والأوَّلُ بِأنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلى تَناوُلِ النَّهْيِ لِاسْتِغْفارِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ لَهُ مَعَ أنَّ النَّهْيَ إنَّما ورَدَ في شَأْنِ الِاسْتِغْفارِ بَعْدَ تَبَيُّنِ الأمْرِ، وقَدْ كانَ اسْتِغْفارُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ قَبْلَهُ، ومُنْبِئٌ عَنْ كَوْنِ الِاسْتِغْفارِ مُؤْتَسى بِهِ لَوْ لَمْ يُنْهَ عَنْهُ مَعَ أنَّ ما يُؤْتَسى بِهِ ما يَجِبُ الِائْتِساءُ بِهِ لا ما يَجُوزُ فِعْلُهُ في الجُمْلَةِ، وأُجِيبَ بِما لا يَرْفَعُ القالَ والقِيلَ فالأوْلى التَّعْلِيلُ بِما سَبَقَ.
واسْتَظْهَرَ أبُو حَيّانَ أنَّ الِاسْتِثْناءَ مِن مُضافٍ لِإبْراهِيمَ مُقَدَّرٌ في نَظْمِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ أيْ لَقَدْ كانَ لَكم أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ في مَقالاتِ إبْراهِيمَ ومُحاوَراتِهِ لِقَوْمِهِ ﴿إلا قَوْلَ إبْراهِيمَ﴾ إلَخْ، وجَزَمَ بِاتِّصالِ الِاسْتِثْناءِ عَلَيْهِ، وكَذا جَزَمَ الطَّيِّبِيُّ بِاتِّصالِهِ عَلى قَوْلِ البَغْوِيِّ أيْ لَكم أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ في إبْراهِيمَ وأُمُورِهِ إلّا في اسْتِغْفارِهِ لِأبِيهِ المُشْرِكِ، ولا يَخْفى أنَّ التَّقْدِيرَ خِلافُ الظّاهِرِ، ومَتى ارْتُكِبَ فالأوْلى تَقْدِيرُ أُمُورٍ، بَقِيَ أنَّهُ قِيلَ: إنَّ الآيَةَ تَدُلُّ عَلى مَنعِ التَّأسِّي بِإبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ في الِاسْتِغْفارِ لِلْكافِرِ الحَيِّ مَعَ أنَّهُ بِالمَعْنى السّابِقِ أعْنِي طَلَبَ الإيمانِ لَهُ لا مَنعَ عَنْهُ.
وأُجِيبَ بِأنَّهُ إنَّما مُنِعَ مِنَ التَّأسِّي بِظاهِرِهِ وظُنَّ أنَّهُ جائِزٌ مُطْلَقًا كَما وقَعَ لِبَعْضِ الصَّحابَةِ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهم، وفِيهِ أنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أنَّ دَلالَةَ الآيَةِ عَلى أنَّ الِاسْتِغْفارَ لَيْسَ مِمّا يَجِبُ الِائْتِساءُ بِهِ حَتْمًا لا عَلى مَنعِهِ وحُرْمَتِهِ، ثُمَّ إنَّهُ يَنْبَغِي أنْ يُعْلَمَ أنَّ تَبَيُّنَ كَوْنِ أبِيهِ مِن أصْحابِ الجَحِيمِ الَّذِي كانَ الِاسْتِغْفارُ قَبْلَهُ كانَ في الدُّنْيا وكَذا التَّبَرِّي مِنهُ بَعْدَهُ، وقَدْ تَقَدَّمَ في سُورَةِ التَّوْبَةِ قَوْلٌ: بِكَوْنِ ذَلِكَ في الآخِرَةِ لِدَلالَةِ ظَواهِرِ بَعْضِ الأخْبارِ الصَّحِيحَةِ عَلَيْهِ فَإنَّها دالَّةٌ عَلى أنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ يَشْفَعُ لِأبِيهِ يَوْمَ القِيامَةِ، وهي اسْتِغْفارٌ أيِ اسْتِغْفارٌ فِيهِ، ولَوْ كانَ تَبَيَّنَ أنَّهُ يَمُوتُ كافِرًا في الدُّنْيا لَمْ يَكُنْ لِيَشْفَعَ، ويَطْلُبَ عَلى أتَمِّ وجْهٍ المَغْفِرَةَ لَهُ ضَرُورَةَ أنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ عالِمٌ أنَّ اللَّهَ تَعالى لا يَغْفِرُ أنْ يُشْرَكَ بِهِ، وإنْكارُ ذَلِكَ مِمّا لا يَكادُ يُقْدِمُ عَلَيْهِ عاقِلٌ، والذّاهِبُونَ إلى أنَّ التَّبَيُّنَ كانَ في الدُّنْيا كَما عَلَيْهِ سَلَفُ الأُمَّةِ - وهو الصَّحِيحُ الَّذِي أجْزِمُ بِهِ اليَوْمَ - أشْكَلَتْ عَلَيْهِمْ تِلْكَ الظَّواهِرُ مِن حَيْثُ دَلالَتِها عَلى الشَّفاعَةِ الَّتِي هي في ذَلِكَ اليَوْمِ اسْتِغْفارٌ، وأتْهَمُوا وأنْجَدُوا في الجَوابِ عَنْها، وقَدْ تَقَدَّمَ جَمِيعُ ما وجَدْتُهُ لَهم فارْجِعْ إلَيْهِ واخْتَرْ لِنَفْسِكَ ما يَحْلُو.
ثُمَّ إنِّي أقُولُ الَّذِي يَغْلِبُ عَلى ظَنِّي أنَّ الِاسْتِغْفارَ الَّذِي كانَ مِنهُ عَلَيْهِ السَّلامُ قَبْلَ التَّبَيُّنِ بِالمَعْنى المَشْهُورِ لا بِمَعْنى التَّوْفِيقِ لِلْإيمانِ، والآياتُ الَّتِي في سُورَةِ التَّوْبَةِ وما ورَدَ في سَبَبِ نُزُولِها تُؤَيِّدُ ظَواهِرُها ذَلِكَ.
وألْتَزِمَ أنَّ امْتِناعَ جَوازِ الِاسْتِغْفارِ إنَّما عُلِمَ بِالوَحْيِ لا بِالعَقْلِ لِأنَّهُ يَجُوزُ أنْ يَغْفِرَ اللَّهُ تَعالى لِلْكافِرِ وهو سُبْحانَهُ الغَفُورُ الرَّحِيمُ، وأنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ لَمْ يَكُنْ إذِ اسْتَغْفَرَ عالِمًا بِالوَحْيِ امْتِناعُهُ، ومَعْنى الآيَةِ - واللَّهُ تَعالى أعْلَمُ - إنَّ لَكُمُ الِاقْتِداءَ بِإبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ والَّذِينَ مَعَهُ في البَراءَةِ مِنَ الكَفَرَةِ لَكِنَّ اسْتِغْفارَهُ لِلْكافِرِ لَيْسَ لَكُمُ الِاقْتِداءُ بِهِ فِيهِ وما لَهُ يَجِبُ عَلَيْكُمُ البَراءَةُ ويَحْرُمُ عَلَيْكُمُ الِاسْتِغْفارُ وإبْداءُ الرَّأْفَةِ، فَلَيْسَ لَكُمُ الَّذِي اعْتَبَرْناهُ في الِاسْتِثْناءِ مِن بابِ قَوْلِهِ تَعالى: ما ﴿كانَ لِلنَّبِيِّ والَّذِينَ آمَنُوا أنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ﴾ [التَّوْبَةَ: 113] إلَخْ، ودَلالَةُ ذَلِكَ عَلى المَنعِ ظاهِرَةٌ فَتَأمَّلْ جَمِيعَ ما قَدَّمْناهُ، ووَراءَهُ كَلامٌ مَبْنِيٌّ عَلى قَوْلِ مَن قالَ: لَيْسَ لِلَّهِ عَزَّ وجَلَّ قَضاءٌ مُبْرَمٌ، ونُقِلَ ذَلِكَ عَنِ القُطْبِ الشَّيْخِ عَبْدِ القادِرِ الكِيلانِيِّ قُدِّسَ سِرُّهُ، وشَيَّدَ بَعْضُ الأجِلَّةِ أرْكانَهُ في رِسالَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ بَسَطَ فِيها الأدِلَّةَ عَلى ذَلِكَ لَكِنَّها لا تَخْلُو عَنْ بَحْثٍ واللَّهُ تَعالى أعْلَمُ، وقَوْلُهُ سُبْحانَهُ: ﴿وما أمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنَ شَيْءٍ﴾ مِن تَمامِ القَوْلِ المُسْتَثْنى مَحَلُّهُ النَّصْبُ عَلى أنَّهُ حالٌ مِن فاعِلِ ﴿لأسْتَغْفِرَنَّ﴾ ومَوْرِدُ الِاسْتِثْناءِ نَفْسُ الِاسْتِغْفارِ لا قَيْدُهُ فَإنَّهُ في نَفْسِهِ (p-73)
مِن خِصالِ الخَيْرِ لِكَوْنِهِ إظْهارًا لِلْعَجْزِ وتَفْوِيضًا لِلْأمْرِ إلى اللَّهِ تَعالى، فالكَلامُ مِن قَبِيلِ ما رَجَعَ فِيهِ النَّفْيُ لِلْمُقَيَّدِ دُونَ القَيْدِ.
وفِي الكَشْفِ أنَّهُ وإنْ كانَ في نَفْسِهِ كَلامًا مُطابِقًا لِلْواقِعِ حَسَنًا أنْ يُجْعَلَ أُسْوَةً إلّا أنَّهُ شَفَعَ بِقَوْلِهِ: ﴿لأسْتَغْفِرَنَّ لَكَ﴾ تَحْقِيقًا لِلْوَعْدِ كَأنَّهُ قِيلَ: لَأسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وما في طاقَتِي إلّا هَذا فَهو مَبْذُولٌ لا مَحالَةَ، وفِيهِ أنَّهُ لَوْ مَلَكَ أكْثَرَ مِن ذَلِكَ لَفَعَلَ، وعَلى هَذا فَهو حَقِيقٌ بِالِاسْتِثْناءِ، وقَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿رَبَّنا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا وإلَيْكَ أنَبْنا وإلَيْكَ المَصِيرُ﴾ إلى آخِرِهِ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ لا مَحَلَّ لَها مِنَ الإعْرابِ مُتَّصِلَةٌ مَعْنًى بِقِصَّةِ إبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ ومَن مَعَهُ عَلى أنَّها بَيانٌ لِحالِهِمْ في المُجاهَدَةِ لِأعْداءِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ وقَشْرِ العَصا، ثُمَّ اللَّجَأِ إلى اللَّهِ تَعالى في كِفايَةِ شَرِّهِمْ وأنَّ تِلْكَ مِنهم لَهُ عَزَّ وجَلَّ لا لِحَظِّ نَفْسِي، وقِيلَ: اتِّصالُها بِما تَقَدَّمَ لَفْظِيٌّ عَلى أنَّها بِتَقْدِيرِ قَوْلِهِ مَعْطُوفٌ عَلى ﴿قالُوا لِقَوْمِهِمْ إنّا بُرَآءُ﴾ أيْ وقالُوا: رَبَّنا إلَخْ، وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ المَعْنى قُولُوا رَبَّنا أمْرًا مِنهُ تَعالى لِلْمُؤْمِنِينَ بِأنْ يَقُولُوهُ، وتَعْلِيمًا مِنهُ عَزَّ وجَلَّ لَهم وتَتْمِيمًا لِما وصّاهم سُبْحانَهُ بِهِ مِن قَطْعِ العَلائِقِ بَيْنَهم وبَيْنَ الكُفّارِ والِائْتِساءِ بِإبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ وقَوْمِهِ في البَراءَةِ مِنهم وتَنْبِيهًا عَلى الإنابَةِ إلى اللَّهِ تَعالى والِاسْتِعاذَةِ بِهِ مِن فِتْنَةِ أهْلِ الكُفْرِ والِاسْتِغْفارِ مِمّا فَرَطَ مِنهم وهو كَما قِيلَ: وجْهٌ حَسَنٌ لا يَأْباهُ النَّظْمُ الكَرِيمُ، وفِيهِ شَمَّةٌ مِن أُسْلُوبِ ﴿انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ﴾ [النِّساءَ: 171] لِأنَّهُ سُبْحانَهُ لَمّا حَثَّهم عَلى الِائْتِساءِ بِمَن سَمِعْتَ في الِانْتِهاءِ عَنِ الكُفْرِ ومُوالاةِ أهْلِهِ، ثُمَّ قالَ سُبْحانَهُ ما يَدُلُّ عَلى اللَّجَأِ إلَيْهِ تَعالى يَكُونُ في المَعْنى نَهْيًا عَنِ الأوَّلِ وأمْرًا بِالثّانِي.
وجَعَلَ بَعْضُهُمُ القَوْلَ عَلى هَذا الوَجْهِ مَعْطُوفًا عَلى ”لا تَتَّخِذُوا“ أيْ وقُولُوا رَبَّنا إلَخْ، وأيًّا ما كانَ فَتَقْدِيمُ الجارِّ والمَجْرُورِ في المَواضِعِ الثَّلاثَةِ لِلْقَصْرِ كَأنَّهُ قِيلَ: رَبَّنا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا لا عَلى غَيْرِكَ وإلَيْكَ أنَبْنا لا إلى غَيْرِكَ وإلَيْكَ المَصِيرُ لا إلى غَيْرِكَ
{"ayah":"قَدۡ كَانَتۡ لَكُمۡ أُسۡوَةٌ حَسَنَةࣱ فِیۤ إِبۡرَ ٰهِیمَ وَٱلَّذِینَ مَعَهُۥۤ إِذۡ قَالُوا۟ لِقَوۡمِهِمۡ إِنَّا بُرَءَ ٰۤ ؤُا۟ مِنكُمۡ وَمِمَّا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ كَفَرۡنَا بِكُمۡ وَبَدَا بَیۡنَنَا وَبَیۡنَكُمُ ٱلۡعَدَ ٰوَةُ وَٱلۡبَغۡضَاۤءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤۡمِنُوا۟ بِٱللَّهِ وَحۡدَهُۥۤ إِلَّا قَوۡلَ إِبۡرَ ٰهِیمَ لِأَبِیهِ لَأَسۡتَغۡفِرَنَّ لَكَ وَمَاۤ أَمۡلِكُ لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن شَیۡءࣲۖ رَّبَّنَا عَلَیۡكَ تَوَكَّلۡنَا وَإِلَیۡكَ أَنَبۡنَا وَإِلَیۡكَ ٱلۡمَصِیرُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق