الباحث القرآني
﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا﴾ بَيانٌ لِحُكْمِ مَن يُظْهِرُ الإيمانَ بَعْدَ بَيانِ حُكْمِ فَرِيقَيِ الكافِرِينَ ﴿إذا جاءَكُمُ المُؤْمِناتُ﴾ أيْ بِحَسَبِ الظّاهِرِ ﴿مُهاجِراتٍ﴾ مِن بَيْنِ الكُفّارِ، وقُرِئَ «مُهاجِراتٌ» بِالرَّفْعِ عَلى البَدَلِ مِنَ ﴿المُؤْمِناتُ﴾ فَكَأنَّهُ قِيلَ: إذا جاءَكم «مُهاجِراتٌ» ﴿فامْتَحِنُوهُنَّ﴾ فاخْتَبِرُوهُنَّ بِما يَغْلِبُ عَلى ظَنِّكم مُوافَقَةَ قُلُوبِهِنَّ لِألْسِنَتِهِنَّ في الإيمانِ.(p-76)
أخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ والطَّبَرانِيُّ في الكَبِيرِ وابْنُ مَرْدُوَيْهِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ وجَماعَةٌ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهُ قالَ في كَيْفِيَّةِ امْتِحانِهِنَّ: كانَتِ المَرْأةُ إذا جاءَتِ النَّبِيَّ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ حَلَّفَها عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ بِاللَّهِ ما خَرَجَتْ رَغْبَةً بِأرْضٍ عَنْ أرْضٍ. وبِاللَّهِ ما خَرَجَتْ مِن بُغْضِ زَوْجٍ وبِاللَّهِ ما خَرَجَتِ التِماسَ دُنْيا وبِاللَّهِ ما خَرَجَتْ إلّا حُبًّا لِلَّهِ ورَسُولِهِ، وفي رِوايَةٍ عَنْهُ أيْضًا كانَتْ مِحْنَةُ النِّساءِ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ أمَرَ عُمَرَ بْنَ الخَطّابِ فَقالَ: قُلْ لَهُنَّ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ بايَعَكُنَّ عَلى أنْ لا تُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا إلَخْ ﴿اللَّهُ أعْلَمُ﴾ مِن كُلِّ أحَدٍ أوْ مِنكم ﴿بِإيمانِهِنَّ﴾ فَإنَّهُ سُبْحانَهُ هو المُطَّلِعُ عَلى ما في قُلُوبِهِنَّ، والجُمْلَةُ اعْتِراضٌ ﴿فَإنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ﴾ أيْ ظَنَنْتُمُوهُنَّ ظَنًّا قَوِيًّا يُشْبِهُ العِلْمَ بَعْدَ الِامْتِحانِ ﴿مُؤْمِناتٍ﴾ في نَفْسِ الأمْرِ ﴿فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إلى الكُفّارِ﴾ أيْ إلى أزْواجِهِنَّ الكَفَرَةِ لِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿لا هُنَّ حِلٌّ لَهم ولا هم يَحِلُّونَ لَهُنَّ﴾ فَإنَّهُ تَعْلِيلٌ لِلنَّهْيِ عَنْ رَجْعِهِنَّ إلَيْهِمْ، والجُمْلَةُ الأُولى لِبَيانِ الفُرْقَةِ الثّابِتَةِ وتَحَقُّقِ زَوالِ النِّكاحِ الأوَّلِ. والثّانِيَةُ لِبَيانِ امْتِناعِ ما يُسْتَأْنَفُ ويُسْتَقْبَلُ مِنَ النِّكاحِ، ويُشْعِرُ بِذَلِكَ التَّعْبِيرُ بِالِاسْمِ في الأُولى والفِعْلِ في الثّانِيَةِ.
وقالَ الطَّيِّبِيُّ في وجْهِ اخْتِلافِ التَّعْبِيرَيْنِ: إنَّهُ أُسْنِدَتِ الصِّفَةُ المُشَبَّهَةُ إلى ضَمِيرِ المُؤْمِناتِ في الجُمْلَةِ الأُولى إعْلامًا بِأنَّ هَذا الحَكَمَ يَعْنِي نَفْيُ الحِلِّ ثابِتٌ فِيهِنَّ لا يَجُوزُ فِيهِ الإخْلالُ والتَّغْيِيرُ مِن جانِبِهِنَّ، وأُسْنِدَ الفِعْلُ إلى ضَمِيرِ الكُفّارِ إيذانًا بِأنَّ ذَلِكَ الحُكْمَ مُسْتَمِرُّ الِامْتِناعِ في الأزْمِنَةِ المُسْتَقْبَلَةِ لَكِنَّهُ قابِلٌ لِلتَّغْيِيرِ بِاسْتِبْدالِ الهُدى بِالضَّلالِ، وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ ذَلِكَ تَكْرِيرًا لِلتَّأْكِيدِ والمُبالَغَةِ في الحُرْمَةِ وقَطْعِ العَلاقَةِ، وفِيهِ مِن أنْواعِ البَدِيعِ ما سَمّاهُ بَعْضُهم بِالعَكْسِ والتَّبْدِيلِ كالَّذِي في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿هُنَّ لِباسٌ لَكم وأنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ﴾ [البَقَرَةَ: 187] ولَعَلَّ الأوَّلَ أوْلى، واسْتُدِلَّ بِالآيَةِ عَلى أنَّ الكُفّارَ مُخاطَبُونَ بِالفُرُوعِ كَما في الِانْتِصافِ، والقَوْلُ: بِأنَّ المُخاطَبَ في حَقِّ المُؤْمِنَةِ هي وفي حَقِّ الكافِرِ الأئِمَّةُ بِمَعْنى أنَّهم مُخاطَبُونَ بِأنْ يَمْنَعُوا ذَلِكَ الفِعْلَ مِنَ الوُقُوعِ لا يَخْفى حالُهُ، وقَرَأ طَلْحَةُ - لا هُنَّ يَحْلِلْنَ لَهُمْ- ﴿وآتُوهم ما أنْفَقُوا﴾ أيْ وأعْطُوا أزْواجَهُنَّ مِثْلَ ما دَفَعُوا إلَيْهِنَّ مِنَ المُهُورِ قِيلَ: وُجُوبًا، وقِيلَ: نَدْبًا، رُوِيَ «أنَّهُ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ عامَ الحُدَيْبِيَةِ أمَرَ عَلِيًّا كَرَّمَ اللَّهُ تَعالى وجْهَهُ أنْ يَكْتُبَ بِالصُّلْحِ فَكَتَبَ: بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ هَذا ما صالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو اصْطَلَحا عَلى وضْعِ الحَرْبِ عَنِ النّاسِ عَشْرَ سِنِينَ تَأْمَنُ فِيهِ النّاسُ ويَكُفُّ بَعْضُهم عَنْ بَعْضٍ عَلى أنَّ مَن أتى مُحَمَّدًا مِن قُرَيْشٍ بِغَيْرِ إذْنِ ولِيِّهِ رَدَّهُ عَلَيْهِ، ومَن جاءَ قُرَيْشًا مِن مُحَمَّدٍ لَمْ يَرُدُّوهُ عَلَيْهِ وأنَّ بَيْنَنا عَيْبَةً مَكْفُوفَةً، وأنْ لا إسْلالَ ولا إغْلالَ، وأنَّهُ مَن أحَبَّ أنْ يَدْخُلَ في عَقْدِ مُحَمَّدٍ وعَهْدِهِ دَخَلَ فِيهِ، ومَن أحَبَّ أنْ يَدْخُلَ في عَقْدِ قُرَيْشٍ وعَهْدِهِمْ دَخَلَ فِيهِ، فَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ أبا جَنْدَلِ بْنَ سُهَيْلٍ ولَمْ يَأْتِ رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ أحَدٌ مِنَ الرِّجالِ إلّا رَدَّهُ في مُدَّةِ العَهْدِ وإنْ كانَ مُسْلِمًا، ثُمَّ جاءَ المُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ، وكانَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ أبِي مَعِيطٍ مِمَّنْ خَرَجَ إلى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ وكانَتْ أوَّلَ المُهاجِراتِ، فَخَرَجَ أخَواها عَمّارٌ، والوَلِيدُ حَتّى قَدَّما عَلى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَكَلَّماهُ في أمْرِها لِيَرُدَّها عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ إلىقُرَيْشٍ فَنَزَلَتِ الآيَةُ فَلَمْ يَرُدَّها عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ ثُمَّ أنْكَحَها صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ زَيْدَ بْنَ حارِثَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ» .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُقاتِلٍ أنَّهُ جاءَتِ امْرَأةٌ تُسَمّى سُبَيْعَةَ بِنْتَ الحارِثِ الأسْلَمِيَّةَ مُؤْمِنَةً، وكانَتْ تَحْتَ صَيْفِيِّ بْنِ الرّاهِبِ وهو مُشْرِكٌ مِن أهْلِ مَكَّةَ فَطَلَبُوا رَدَّها فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى الآيَةَ، ورُوِيَ أنَّها كانَتْ تَحْتَ (p-77)
مُسافِرٍ المَخْزُومِيِّ وأنَّهُ أُعْطِيَ ما أنْفَقَ، وتَزَوَّجَها عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ، وفي رِوايَةٍ أنَّها نَزَلَتْ في أُمَيْمَةَ بِنْتِ بِشْرٍ امْرَأةٌ مِن بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْنٍ كانَتْ تَحْتَ أبِي حَسّانَ بْنِ الدَّحْداحَةِ هاجَرَتْ مُؤْمِنَةً إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وطَلَبُوا رَدَّها فَنَزَلَتِ الآيَةُ فَلَمْ يَرُدَّها عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، وتَزَوَّجَها سُهَيْلُ بْنُ صَيْفٍ فَوَلَدَتْ لَهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سُهَيْلٍ، ولَعَلَّ سَبَبَ النُّزُولِ مُتَعَدِّدٌ، وأيًّا ما كانَ فالآيَةُ عَلى ما قِيلَ: نَزَلَتْ بَيانًا لِأنَّ الشَّرْطَ في كِتابِ المُصالَحَةِ إنَّما كانَ في الرِّجالِ دُونَ النِّساءِ، وتَراخِي المُخَصَّصِ عَنِ العامِّ جائِزٌ عِنْدَ الجُبّائِيِّ ومَن وافَقَهُ، ونُسِبَ لِلزَّمَخْشَرِيِّ أنَّ ذَلِكَ مِن تَأْخِيرِ بَيانِ المُجْمَلِ لِأنَّهُ لا يَقُولُ بِعُمُومِ تِلْكَ الألْفاظِ بَلْ يَجْعَلُها مُطْلَقاتٍ، والحَمْلُ عَلى العُمُومِ والخُصُوصِ بِحَسَبِ المَقامِ، والحَنَفِيَّةُ يُجَوِّزُونَهُ لا يُقالُ: إنَّهُ شِبْهُ التَّأْخِيرِ عَنْ وقْتِ الحاجَةِ وهو غَيْرُ جائِزٍ عِنْدَ الجَمِيعِ لِأنَّ وقْتَ الحاجَةِ أيِ العَمَلُ بِالخِطابِ كانَ بَعْدَ مَجِيءِ المُهاجِراتِ وطَلَبِ رَدِّهِنَّ لا حِينَ جَرَتِ المُهادَنَةُ مَعَ قُرَيْشٍ، وهَذا ذَهَبَ إلَيْهِ بَعْضُ الشّافِعِيَّةِ أيْضًا، ومِنهم مَن زَعَمَ أنَّ التَّعْمِيمَ كانَ مِنهُ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنِ اجْتِهادٍ أُثِيبَ عَلَيْهِ بِأجْرٍ واحِدٍ ولَمْ يُقَرَّ عَلَيْهِ، ومِنهم مَن وافَقَ جُمْهُورَ الحَنَفِيَّةِ عَلى النَّسْخِ لا التَّخْصِيصِ، فَمَن جَوَّزَ مِنهم نَسْخَ السُّنَّةِ بِالكِتابِ قالَ: نُسِخَ بِالآيَةِ، ومَن لَمْ يُجَوِّزْ قالَ: بِالسُّنَّةِ أيِ امْتِناعِهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنَ الرَّدِّ ووَرَدَتِ الآيَةُ مُقَرِّرَةً لِفِعْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ.
وعَنِ الضَّحّاكِ كانَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ وبَيْنَ المُشْرِكِينَ عَهْدٌ أنْ لا تَأْتِيَكَ مِنّا امْرَأةٌ لَيْسَتْ عَلى دِينِكَ إلّا رَدَدْتَها إلَيْنا فَإنْ دَخَلَتْ في دِينِكَ ولَها زَوْجٌ أنْ تَرُدَّ عَلى زَوْجِها الَّذِي أنْفَقَ عَلَيْها، ولِلنَّبِيِّ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنَ الشَّرْطِ مِثْلُ ذَلِكَ، وعَلَيْهِ فالآيَةُ مُوافَقَةٌ لِما وقَعَ عَلَيْهِ العَهْدُ لَكِنْ أخْرَجَ أبُو داوُدَ في ناسِخِهِ وابْنُ جَرِيرٍ وغَيْرُهُما عَنْ قَتادَةَ أنَّهُ نَسَخَ هَذا العَهْدَ وهَذا الحُكْمَ يَعْنِي إيتاءَ الأزْواجِ ما أنْفَقُوا بَراءَةٌ، أمّا نَسْخُ العَهْدِ فَلِما أُمِرَ فِيها مِنَ النَّبْذِ، وأمّا نَسْخُ الحُكْمِ فَلِأنَّ الحُكْمَ فَرْعُ العَهْدِ فَإذا نُسِخَ نُسِخَ، والَّذِي عَلَيْهِ مُعْظَمُ الشّافِعِيَّةِ أنَّ الغَرامَةَ لِأزْواجِهِنَّ غَيْرُ ثابِتَةٍ، وبَيَّنَ ذَلِكَ في الكَشْفِ عَلى القَوْلِ بِنَسْخِ رَدِّ المَرْأةِ، والقَوْلِ بِالتَّخْصِيصِ، والقَوْلِ: بِأنَّ التَّعْمِيمَ كانَ عَنِ اجْتِهادٍ لَمْ يُقَرَّ عَلَيْهِ ﷺ، ثُمَّ قالَ: وأمّا عَلى قَوْلِ الضَّحّاكِ -أيِ السّابِقِ - فَهو مُشْكِلٌ، ووَجْهُهُ أنَّهُ حُكْمٌ في مَخْصُوصِينَ فَلا يَعُمُّ غَيْرَ تِلْكَ الوَقْعَةِ عَلى أنَّهُ عَزَّ وجَلَّ خَصَّ الحُكْمَ بِالمُهاجِرِينَ ولَمْ يَبْقَ بَعْدَ الفَتْحِ هِجْرَةٌ كَما ثَبَتَ في الصَّحِيحِ فَلا يَبْقى الحُكْمُ ﴿ولا جُناحَ عَلَيْكم أنْ تَنْكِحُوهُنَّ﴾ أيْ في نِكاحِهِنَّ حَيْثُ حالَ إسْلامُهُنَّ بَيْنَهُنَّ وبَيْنَ أزْواجِهِنَّ الكُفّارِ ﴿إذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ أيْ وقْتَ إيتائِكم إيّاهُنَّ مُهُورَهُنَّ - فَإذا - لِمُجَرَّدِ الظَّرْفِيَّةِ، ويَجُوزُ كَوْنُها شَرْطِيَّةً وجَوابُها مُقَدَّرٌ بِدَلِيلِ ما قَبْلُ، وعَلى التَّقْدِيرَيْنِ يُفْهَمُ اشْتِراطُ إيتاءِ المُهُورِ في نَفْيِ الجُناحِ في نِكاحِهِنَّ، ولَيْسَ المُرادُ بِإيتاءِ الأُجُورِ إعْطاءَها بِالفِعْلِ بَلِ التِزامُها والتَّعَهُّدُ بِها، وظاهِرُ هَذا مَعَ ما تَقَدَّمَ مِن قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وآتُوهم ما أنْفَقُوا﴾ أنَّ هُناكَ إيتاءً إلى الأزْواجِ وإيتاءً إلَيْهِنَّ فَلا يَقُومُ ما أُوتِيَ إلى الأزْواجِ مَقامَ مُهُورِهِنَّ بَلْ لا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ مِن إصْداقِهِنَّ، وقِيلَ: لا يَخْلُو إمّا أنْ يُرادَ بِالأُجُورِ ما كانَ يُدْفَعُ إلَيْهِنَّ لِيَدْفَعْنَهُ إلى أزْواجِهِنَّ فَيُشْتَرَطُ في إباحَةِ تَزْوِيجِهِنَّ تَقْدِيمُ أدائِهِ، وإمّا أنْ يُرادَ أنَّ ذَلِكَ إذا دُفِعَ إلَيْهِنَّ عَلى سَبِيلِ القَرْضِ ثُمَّ تَزَوَّجْنَ عَلى ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ، وإمّا أنْ يُبَيَّنَ إلَيْهِمْ أنَّ ما أُعْطِيَ لِأزْواجِهِنَّ لا يَقُومُ مَقامَ المَهْرِ، وهَذا ما ذَكَرْناهُ أوَّلًا مِنَ الظّاهِرِ وهو الأصَحُّ في الحُكْمِ، والوَجْهانِ الآخَرانِ ضَعِيفانِ فِقْهًا ولَفْظًا.
واحْتَجَّ أبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ بِالآيَةِ عَلى أنَّ أحَدَ الزَّوْجَيْنِ إذا خَرَجَ مِن دارِ الحَرْبِ مُسْلِمًا أوْ بِذِمَّةٍ (p-78)
وبَقِيَ الآخَرُ حَرْبِيًّا وقَعَتِ الفُرْقَةُ. ولا يَرى العِدَّةَ عَلى المُهاجِرَةِ ويُبِيحُ نِكاحَها مِن غَيْرِ عِدَّةٍ إلّا أنْ تَكُونَ حامِلًا، وهَذا لِلْحَدِيثِ المَشْهُورِ الَّذِي تَجُوزُ بِمِثْلِهِ الزِّيادَةُ عَلى النَّصِّ ««مَن كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ واليَوْمِ الآخِرِ فَلا يَسْقِيَنَّ ماءَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ»» ومَذْهَبُ الشّافِعِيِّ عَلى ما قِيلَ: إنَّهُ لا تَقَعُ الفُرْقَةُ إلّا بِإسْلامِها، وأمّا بِمُجَرَّدِ الخُرُوجِ فَلا فَإنْ أسْلَمَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ تَنَجَّزَتِ الفُرْقَةُ وبَعْدَ الدُّخُولِ تَوَقَّفَتْ إلى انْقِضاءِ العِدَّةِ، وتُعُقِّبَ الِاحْتِجاجُ بِأنَّ الآيَةَ لا تَدُلُّ عَلى مَجْمُوعِ ما ذُكِرَ، نَعَمْ قَدِ احْتُجَّ بِها عَلى عَدَمِ العِدَّةِ في الفُرْقَةِ بِخُرُوجِ المَرْأةِ إلَيْنا مِن دارِ الحَرْبِ مُسْلِمَةً، وُوجِّهَ بِأنَّهُ سُبْحانَهُ نَفى الجُناحَ مِن كُلِّ وجْهٍ في نِكاحِ المُهاجِراتِ بَعْدَ إيتاءِ المَهْرِ، ولَمْ يُقَيِّدْ جَلَّ شَأْنُهُ بِمُضِيِّ العِدَّةِ فَلَوْلا أنَّ الفُرْقَةَ بِمُجَرَّدِ الوُصُولِ إلى دارِ الإسْلامِ لَكانَ الجُناحَ ثانِيًا، ومَعَ هَذا فَقَدْ قِيلَ: الجَوابُ عَلى أصْلِ الشّافِعِيَّةِ أنَّ رَفْعَ الإطْلاقِ لَيْسَ بِنَسْخٍ ظاهِرٍ لِأنَّ عَدَمَ التَّعَرُّضِ لَيْسَ تَعَرُّضًا لِلْعَدَمِ، وأمّا عَلى أصْلِ الحَنَفِيَّةِ فَكَسائِرِ المَوانِعِ، وكَوْنُها حامِلًا بِالِاتِّفاقِ فَتَأمَّلْ ﴿ولا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الكَوافِرِ﴾ جَمْعِ كافِرَةٍ، وجَمْعُ فاعِلَةٍ عَلى فَواعِلَ مُطَّرِدٌ وهو وصْفُ جَماعَةِ الإناثِ، وقالَ الكَرْخِيُّ: ﴿الكَوافِرِ﴾ يَشْمَلُ الإناثَ والذُّكُورَ، فَقالَ لَهُ الفارِسِيُّ: النَّحْوِيُّونَ لا يَرَوْنَ هَذا إلّا في الإناثِ جَمْعَ كافِرَةٍ، فَقالَ: ألَيْسَ يُقالُ: طائِفَةٌ كافِرَةٌ وفِرْقَةٌ كافِرَةٌ. قالَ الفارِسِيُّ: فَبُهِتَ، وفِيهِ أنَّهُ لا يُقالُ: كافِرَةٌ في وصْفِ الذُّكُورِ إلّا تابِعًا لِلْمَوْصُوفِ، أوْ يَكُونُ مَحْذُوفًا مُرادًا إمّا بِغَيْرِ ذَلِكَ فَلا تُجْمَعُ فاعِلَةٌ عَلى فَواعِلَ إلّا ويَكُونُ لِلْمُؤَنَّثِ قالَهُ أبُو حَيّانَ، وعِصَمٌ - جَمْعُ عِصْمَةٍ وهي ما يُعْتَصَمُ بِهِ مِن عَقْدٍ وسَبَبٍ، والمُرادُ نَهْيُ المُؤْمِنِينَ عَنْ أنْ يَكُونَ بَيْنَهم وبَيْنَ الزَّوْجاتِ المُشْرِكاتِ الباقِيَةِ في دارِ الحَرْبِ عُلْقَةٌ مِن عِلَقِ الزَّوْجِيَّةِ أصْلًا حَتّى لا يَمْنَعَ إحْداهُنَّ نِكاحَ خامِسَةٍ أوْ نِكاحَ أُخْتِها في العِدَّةِ بِناءً عَلى أنَّهُ لا عِدَّةَ لَهُنَّ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: مَن كانَتْ لَهُ امْرَأةٌ كافِرَةٌ بِمَكَّةَ فَلا يَعْتَدَّنَّ بِها مِن نِسائِهِ لِأنَّ اخْتِلافَ الدّارَيْنِ قَطَعَ عِصْمَتَها مِنهُ، وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ إبْراهِيمَ النَّخَعِيِّ أنَّهُ قالَ: نَزَلَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ولا تُمْسِكُوا﴾ إلَخْ في المَرْأةِ مِنَ المُسْلِمِينَ تَلْحَقُ بِالمُشْرِكِينَ فَلا يُمْسِكُ زَوْجُها بِعِصْمَتِها قَدْ بَرِئَ مِنها.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ عَنْ مُجاهِدٍ وسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ نَحْوَهُ، وفي رِوايَةٍ أُخْرى عَنْ مُجاهِدٍ أنَّهُ قالَ: أمَرَهم سُبْحانَهُ بِطَلاقِ الباقِياتِ مَعَ الكُفّارِ ومُفارَقَتِهِنَّ، ويُرْوى أنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ طَلَّقَ لِذَلِكَ امْرَأتَهُ فاطِمَةَ أُخْتَ أُمِّ سَلَمَةَ بِنْتَ أبِي أُمَيَّةَ بْنِ المُغِيرَةِ المَخْزُومِيَّ فَتَزَوَّجَها مُعاوِيَةُ بْنُ أبِي سُفْيانَ وامْرَأتُهُ كُلْثُومُ بِنْتُ جَرْوَلٍ الخُزاعِيِّ فَتَزَوَّجَها أبُو جَهْمِ بْنِ حُذَيْفَةَ العَدَوِيُّ، وكَذا طَلَّقَ طَلْحَةُ زَوْجَتَهُ أرْوى بِنْتَ رَبِيعَةَ، وتُعُقِّبَ ذَلِكَ بِأنَّهُ بِظاهِرِهِ مُخالِفٌ لِمَذْهَبِ الحَنَفِيَّةِ والشّافِعِيَّةِ، وأمّا عِنْدَ الحَنَفِيَّةِ فَلِأنَّ الفُرْقَةَ بِنَفْسِ الوُصُولِ إلى دارِ الإسْلامِ، وأمّا عِنْدَ الشّافِعِيَّةِ فَلِأنَّ الطَّلاقَ مَوْقُوفٌ إنْ جَمَعَتْهُما العِدَّةُ تَبَيَّنَ وُقُوعَهُ مِن حِينِ اللَّفْظِ، وإلّا فالبَيْنُونَةُ بِواسِطَةِ بَقاءِ المَرْأةِ في الكُفْرِ، فَظاهِرُ الآيَةِ لا يَدُلُّ عَلى ما في هَذِهِ الرِّوايَةِ، وقَرَأ أبُو عَمْرٍو ومُجاهِدٌ بِخِلافٍ عَنْهُ وابْنُ جُبَيْرٍ والحَسَنُ والأعْرَجُ «تَمَسَّكُوا» مُضارِعَ مَسَكَ مُشَدَّدًا، والحَسَنُ أيْضًا وابْنُ أبِي لَيْلى وابْنُ عامِرٍ في رِوايَةِ عَبْدِ الحَمِيدِ وأبُو عَمْرٍو في رِوايَةِ مُعاذٍ «تَمَسَّكُوا» مُضارِعَ تَمَسَّكُ مَحْذُوفَ إحْدى التّاءَيْنِ، والأصْلُ تَتَمَسَّكُوا.
وقَرَأ الحَسَنُ أيْضًا «تَمْسِكُوا» بِكَسْرِ السِّينِ مُضارِعَ مَسَكَ ثُلاثِيًّا ﴿واسْألُوا ما أنْفَقْتُمْ﴾ أيْ واسْألُوا الكُفّارَ مُهُورَ نِسائِكُمُ اللّاحِقاتِ بِهِمْ ﴿ولْيَسْألُوا ما أنْفَقُوا﴾ أيْ ولْيَسْألْكُمُ الكُفّارُ مُهُورَ نِسائِهِمُ المُهاجِراتِ إلَيْكم، وظاهِرُهُ أمْرُ الكُفّارِ، وهو مِن بابِ ﴿ولْيَجِدُوا فِيكم غِلْظَةً﴾ [التَّوْبَةَ: 123] فَهو أمْرٌ لِلْمُؤْمِنِينَ بِالأداءِ مَجازًا، وقِيلَ: المُرادُ (p-79)
التَّسْوِيَةُ ﴿ذَلِكُمْ﴾ الَّذِي ذُكِرَ ﴿حُكْمُ اللَّهِ﴾ أيْ فاتَّبِعُوهُ، وقَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ﴾ كَلامٌ مُسْتَأْنَفٌ أوْ حالٌ مِن ﴿حُكْمُ﴾ بِحَذْفِ الضَّمِيرِ العائِدِ إلَيْهِ، وهو مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ أيْ يَحْكُمُهُ اللَّهُ تَعالى بَيْنَكم، أوِ العائِدُ إلَيْهِ الضَّمِيرُ المُسْتَتِرُ في ﴿يَحْكُمُ﴾ بِجَعْلِ الحُكْمِ حاكِمًا مُبالَغَةً كَأنَّ الحُكْمَ لِقُوَّتِهِ وظُهُورِهِ غَيْرُ مُحْتاجٍ لِحاكِمٍ آخَرَ ﴿واللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ يُشَرِّعُ ما تَقْتَضِيهِ الحِكْمَةُ البالِغَةُ، رُوِيَ أنَّهُ لَمّا تَقَرَّرَ هَذا الحُكْمُ أدّى المُؤْمِنُونَ مِمّا أُمِرُوا بِهِ مِن مُهُورِ المُهاجِراتِ إلى أزْواجِهِنَّ، وأبى المُشْرِكُونَ أنْ يُؤَدُّوا شَيْئًا مِن مُهُورِ الكَوافِرِ إلى أزْواجِهِنَّ المُؤْمِنِينَ فَنَزَلَ
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِذَا جَاۤءَكُمُ ٱلۡمُؤۡمِنَـٰتُ مُهَـٰجِرَ ٰتࣲ فَٱمۡتَحِنُوهُنَّۖ ٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِإِیمَـٰنِهِنَّۖ فَإِنۡ عَلِمۡتُمُوهُنَّ مُؤۡمِنَـٰتࣲ فَلَا تَرۡجِعُوهُنَّ إِلَى ٱلۡكُفَّارِۖ لَا هُنَّ حِلࣱّ لَّهُمۡ وَلَا هُمۡ یَحِلُّونَ لَهُنَّۖ وَءَاتُوهُم مَّاۤ أَنفَقُوا۟ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَیۡكُمۡ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَاۤ ءَاتَیۡتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّۚ وَلَا تُمۡسِكُوا۟ بِعِصَمِ ٱلۡكَوَافِرِ وَسۡـَٔلُوا۟ مَاۤ أَنفَقۡتُمۡ وَلۡیَسۡـَٔلُوا۟ مَاۤ أَنفَقُوا۟ۚ ذَ ٰلِكُمۡ حُكۡمُ ٱللَّهِ یَحۡكُمُ بَیۡنَكُمۡۖ وَٱللَّهُ عَلِیمٌ حَكِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق