الباحث القرآني
﴿وهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ والأرْضَ﴾ أيْ هَذَيْنَ الأمْرَيْنِ العَظِيمَيْنِ ولَعَلَّهُ أُرِيدَ بِخَلْقِهِما خَلْقُ ما فِيهِما أيْضًا وعَدَمُ التَّصْرِيحِ بِذَلِكَ لِظُهُورِ اشْتِمالِهِما عَلى جَمِيعِ العُلْوِيّاتِ والسُّفْلِيّاتِ، وقَوْلُهُ سُبْحانَهُ ﴿بِالحَقِّ﴾ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وقَعَ حالًا مِن فاعِلِ (خَلَقَ) أيْ قائِمًا بِالحَقِّ، ومَعْنى الآيَةِ حِينَئِذٍ كَما قِيلَ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وما خَلَقْنا السَّماءَ والأرْضَ وما بَيْنَهُما باطِلا﴾ وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ حالًا مِنَ المَفْعُولِ أيْ مُتَلَبِّسَةً بِالحَقِّ وأنْ يَكُونَ صِفَةً لِمَصْدَرِ الفِعْلِ المُؤَكَّدِ أيْ خَلْقًا مُتَلَبِّسًا بِالحَقِّ، ﴿ويَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الحَقُّ﴾ تَذْيِيلٌ لِما تَقَدَّمَ والَواوُ لِلِاسْتِئْنافِ (واليَوْمَ) بِمَعْنى الحِينِ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وقَعَ خَبَرًا مُقَدَّمًا وقَوْلُهُ مُبْتَدَأٌ و (الحَقُّ) صِفَتُهُ، والمُرادُ بِالقَوْلِ المَعْنى المَصْدَرِيِّ أيِ القَضاءُ الصَّوابُ الجارِي عَلى وفْقِ الحِكْمَةِ فَلِذا صَحَّ الإخْبارُ عَنْهُ بِظَرْفِ الزَّمانِ أيْ وقَضاؤُهُ سُبْحانَهُ المَعْرُوفُ بِالحَقِّيَّةِ كائِنٌ حِينَ يَقُولُ سُبْحانَهُ لِشَيْءٍ مِنَ الأشْياءِ كُنْ فَيَكُونُ ذَلِكَ الشَّيْءُ، وتَقْدِيمُ الخَبَرِ لِلِاهْتِمامِ بِعُمُومِ الوَقْتِ كَما قِيلَ، ونَفى السَّعْدُ كَوْنَهُ لِلْحَصْرِ لِعَدَمِ مُناسَبَتِهِ وجَعَلَ التَّقْدِيمَ لِكَوْنِهِ الِاسْتِعْمالَ الشّائِعَ، وتُعُقِّبَ بِأنَّ المَعْرُوفَ الشّائِعَ تَقْدِيمُ الخَبَرِ الظَّرْفِيِّ إذا كانَ المُبْتَدَأُ نَكِرَةً غَيْرَ مَوْصُوفَةٍ أوْ نَكِرَةً مَوْصُوفَةً، أمّا إذا كانَ مَعْرِفَةً فَلَمْ يَقُلْهُ أحَدٌ، وقِيلَ إنَّ ﴿قَوْلُهُ الحَقُّ﴾ مُبْتَدَأٌ وخَبَرٌ و(يَوْمَ) ظَرْفٌ لِمَضْمُونِ الجُمْلَةِ، والواوُ بِحَسَبِ المَعْنى داخِلَةٌ عَلَيْها، والتَّقْدِيمُ لِلِاعْتِناءِ بِهِ مِن حَيْثُ أنَّهُ مَدارُ الحَقِّيَّةِ، وتَرْكُ ذِكْرِ المَقُولِ لَهُ لِلثِّقَةِ بِغايَةِ ظُهُورِهِ، والمُرادُ بِالقَوْلِ كَلِمَةُ (كُنْ) تَحْقِيقًا أوْ تَمْثِيلًا، والمَعْنى وأمْرُهُ سُبْحانَهُ المُتَعَلِّقُ بِكُلِّ شَيْءٍ يُرِيدُ خُلُقَهُ مِنَ الأشْياءِ حِينَ تُعَلِّقُهُ بِهِ لا قَبْلَهُ ولا بَعْدَهُ مِن أفْرادِ الأحْيانِ (الحَقُّ) أيِ المَشْهُودُ لَهُ بِالحَقِّيَّةِ، وقِيلَ: إنَّ الواوَ لِلْعَطْفِ و(يَوْمَ) إمّا مَعْطُوفٌ عَلى السَّمَواتِ فَهو مَفْعُولٌ لِـ (خَلَقَ) مِثْلُهُ، والمُرادُ بِهِ يَوْمَ الحَشْرِ أيْ وهو الَّذِي أوْجَدَ السَّمَواتِ والأرْضَ وما فِيهِما (p-191)وأوْجَدَ يَوْمَ الحَشْرِ والمَعادِ، وإمّا عَلى الهاءِ في (اتَّقُوهُ) فَهو مَفْعُولٌ بِهِ مِثْلُهُ أيْضًا، والكَلامُ عَلى حَذْفِ مُضافٍ أيِ اتَّقُوا اللَّهَ تَعالى واتَّقُوا هَوْلَ ذَلِكَ اليَوْمِ وعِقابَهُ وفَزَعَهُ. وإمّا مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ (بِالحَقِّ) أيْ يَقُومُ بِالحَقِّ يَوْمَ إلَخْ وهو إعْرابٌ مُتَكَلَّفٌ كَما قالَ أبُو حَيّانَ، وقِيلَ: إنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلى (بِالحَقِّ) وهو ظَرْفٌ لِخَلَقَ أيْ خَلَقَ السَّمَواتِ والأرْضَ بِعِظَمِها حِينَ قالَ كُنْ فَكانَ. والتَّعْبِيرُ بِصِيغَةِ الماضِي إحْضارٌ لِلْأمْرِ البَدِيعِ. وفِيهِ أنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلى صِحَّةِ عَطْفِ الظَّرْفِ عَلى الحالِ بِناءً عَلى أنَّ الحالَ ظَرْفٌ في المَعْنى وهو تَكَلُّفٌ. و﴿قَوْلُهُ الحَقُّ﴾ مُبْتَدَأٌ وخَبَرٌ أوْ فاعِلٌ يَكُونُ عَلى مَعْنًى، وحِينَ يَقُولُ لَقَوْلِهِ الحَقَّ أيْ لَقَضائِهِ كُنْ فَيَكُونُ. والمُرادُ بِهِ حِينَ يُكَوِّنُ الأشْياءَ ويُحْدِثُها أوْ حِينَ يَقُومُ القِيامَةُ فَيَكُونُ التَّكْوِينُ إحْياءَ الأمْواتِ لِلْحَشْرِ، وقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ فَتَدَبَّرْ
﴿ولَهُ المُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ في الصُّورِ﴾ أيِ اسْتَقَرَّ المُلْكُ لَهُ في ذَلِكَ اليَوْمِ صُورَةً ومَعْنًى بِانْقِطاعِ العَلائِقِ المَجازِيَّةِ الكائِنَةِ في الدُّنْيا المُصَحِّحَةِ لِلْمالِكِيَّةِ في الجُمْلَةِ فَلا يَدَّعِيهِ غَيْرُهُ بِوَجْهِ. والصُّوَرُ قَرْنٌ يُنْفَخُ فِيهِ كَما ثَبَتَ في الأحادِيثِ، واللَّهُ تَعالى أعْلَمُ بِحَقِيقَتِهِ. وقَدْ فُصِّلَتْ أحْوالُهُ في كُتُبِ السَّنَةِ. وصاحِبُهُ إسْرافِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ عَلى المَشْهُورِ. وأخْرَجَ البَزّارُ والحاكِمُ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ مَرْفُوعًا «أنَّ مَلَكَيْنِ مُوَكَّلَيْنِ بِالصُّوَرِ يَنْتَظِرانِ مَتّى يُؤْمَرانِ فَيَنْفُخانِ».
وقَرَأ قَتادَةُ (فِي الصُّوَرِ) جَمْعُ صُورَةٍ والمُرادُ بِها الأبْدانُ الَّتِي تَقُومُ بَعْدَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيها لِرَبِّ العالَمِينَ ﴿عالِمُ الغَيْبِ والشَّهادَةِ﴾ أيْ كُلَّ غَيْبٍ وشَهادَةٍ ﴿وهُوَ الحَكِيمُ﴾ في كُلِّ ما يَفْعَلُهُ ﴿الخَبِيرُ﴾
73
- بِجَمِيعِ الأُمُورِ الخَفِيَّةِ والجَلِيَّةِ. والجُمْلَةُ تَذْيِيلٌ لِما تَقَدَّمَ وفِيهِ لَفٌّ ونَشْرٌ مُرَتَّبٌ هُنا
* * *
ومِن بابِ الإشارَةِ في الآياتِ ﴿وعِنْدَهُ مَفاتِحُ الغَيْبِ لا يَعْلَمُها إلا هُوَ﴾ أعْلَمُ أنَّ بَعْضَ ساداتِنا الصُّوفِيَّةِ قَدَّسَ اللَّهُ تَعالى أسْرارَهم ذَكَرُوا أنَّ لِلْغَيْبِ مَراتِبَ أُولاها: غَيْبُ الغُيُوبِ وهو عِلْمُ اللَّهِ تَعالى المُسَمّى بِالعِنايَةِ الأُولى، وثانِيَتُها: غَيْبُ عالَمِ الأرْواحِ وهو انْتِقاشُ صُورَةِ كُلِّ ما وُجِدَ وسَيُوجَدُ مِنَ الأزَلِ إلى الأبَدِ في العالَمِ الأوَّلِ العَقْلِيِّ الَّذِي هو رُوحُ العالَمِ المُسَمّى بِأُمِّ الكِتابِ عَلى وجْهٍ كُلِّيٍّ وهو القَضاءُ السّابِقُ، وثالِثَتُها: غَيْبُ عالَمِ القُلُوبِ وهو ذَلِكَ الِانْتِقاشُ بِعَيْنِهِ مُفَصَّلًا تَفْصِيلًا عِلْمِيًّا كُلِّيًّا وجُزْئِيًا في عالَمِ النَّفْسِ الكُلِّيَّةِ الَّتِي هي قَلْبُ العالَمِ المُسَمّى بِاللَّوْحِ المَحْفُوظِ، ورابِعَتُها: غَيْبُ عالَمِ الخَيالِ وهو انْتِقاشُ الكائِناتِ بِأسْرِها في النُّفُوسِ الجُزْئِيَّةِ الفَلَكِيَّةِ مُنْطَبِعَةً في أجْرامِها مُعَيَّنَةً مُشَخَّصَةً مُقارِنَةً لِأوْقاتِها عَلى ما يَقَعُ بِعَيْنِهِ. وذَلِكَ العالَمُ هو الَّذِي يُعَبَّرُ عَنْهُ بِالسَّماءِ الدُّنْيا إذْ هو أقْرَبُ مَراتِبِ الغُيُوبِ إلى عالَمِ الشَّهادَةِ ولَوْحِ القَدْرِ الإلَهِيِّ الَّذِي هو تَفْصِيلُ قَضائِهِ سُبْحانَهُ، وذَكَرُوا أنَّ عِلْمَ اللَّهِ تَعالى الَّذِي هو العِنايَةُ الأوْلى عِبارَةٌ عَنْ إحاطَتِهِ سُبْحانَهُ بِالكُلِّ حُضُورًا، فالخَزائِنُ المُشْتَمِلَةُ عَلى جَمِيعِ الغُيُوبِ حاضِرَةٌ لِذاتِهِ ولَيْسَ هُناكَ شَيْءٌ زائِدٌ ولا يَعْلَمُها إلّا هو سُبْحانَهُ. وكَذا أبْوابُ تِلْكَ الخَزائِنِ مُغْلَقَةٌ مَفاتِيحُها بِيَدِهِ تَعالى لا يَطَّلِعُ عَلى ما فِيها أحَدٌ غَيْرُهُ عَزَّ وجَلَّ وقَدْ يَفْتَحُ مِنها ما شاءَ لِما يَشاءُهُ
هَذا وقَدْ يُقالُ: حَقَّقَ كَثِيرٌ مِنَ الرّاسِخِينَ في العِلْمِ أنَّ حَقائِقَ الأشْياءِ وماهِيَّتَها ثابِتَةٌ في الأزَلِ وهي في ثُبُوتِها غَيْرُ مَجْعُولَةٍ وإنَّما المَجْعُولُ الصُّوَرُ الوُجُودِيَّةُ وهي لا تَتَبَدَّلُ ولا تَتَغَيَّرُ ولا تَتَّصِفُ بِالهَلاكِ أصْلًا كَما يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إلا وجْهَهُ﴾ بِناءً عَلى عَوْدِ الضَّمِيرِ إلى الشَّيْءِ، وتَفْسِيرُ الوَجْهِ بِالحَقِيقَةِ وعِلْمُ اللَّهِ تَعالى بِها حُضُورِيٌّ وهي كالمَرايا لِصُوَرِها الحادِثَةِ فَتَكُونُ تِلْكَ الصُّوَرُ مَشْهُودَةً لِلَّهِ تَعالى أزَلًا مَعَ عَدَمِها في نَفْسِها ذِهْنًا وخارِجًا، وقَدْ بَيَّنُوا انْطِواءَ العِلْمِ بِها في العِلْمِ بِالذّاتِ بِجَمِيعِ اعْتِباراتِهِ الَّتِي مِنها كَوْنُهُ سُبْحانَهُ مَبْدَأً (p-192)لِإفاضَةِ وجُوداتِها عَلَيْها بِمُقْتَضى الحِكْمَةِ فَيُمْكِنُ أنْ يُقالَ: إنَّ المَفاتِحَ بِمَعْنى الخَزائِنِ إشارَةٌ إلى تِلْكَ الماهِيّاتِ الأزَلِيَّةِ الَّتِي هي كالمَرايا لِما غابَ عَنّا مِنَ الصُّوَرِ وتِلْكَ حاضِرَةٌ عِنْدَهُ تَعالى أزَلًا ولا يَعْلَمُها عِلْمًا حُضُورِيًّا غَيْرَ مُحْتاجٍ إلى صُورَةٍ ظِلِّيَّةٍ إلّا هو جَلَّ وعَلا، وهَذا ظاهِرٌ لِمَن أخَذَتِ العِنايَةُ بِيَدِهِ ﴿ويَعْلَمُ ما في البَرِّ﴾ أيْ بَرِّ النُّفُوسِ مِن ألْوانِ الشَّهَواتِ ومَراتِبِها ﴿والبَحْرِ﴾ أيْ بَحْرِ القُلُوبِ مِن لَآلِئِ الحِكَمِ ومَرْجانِ العِرْفانِ ﴿وما تَسْقُطُ مِن ورَقَةٍ﴾ مِن أوْراقِ أشْجارِ اللُّطْفِ والقَهْرِ في مَهْيَعِ النَّفْسِ وخَصْمِ القَلْبِ ﴿إلا يَعْلَمُها﴾ في سائِرِ أحْوالِها ﴿ولا حَبَّةٍ﴾ مِن بَذْرِ الجَلالِ والجَمالِ ﴿فِي ظُلُماتِ الأرْضِ﴾ وهو عالَمُ الطَّبائِعِ والأشْباحِ ﴿ولا رَطْبٍ﴾ مِنَ الإلْهاماتِ الَّتِي تَرِدُ عَلى القَلْبِ بِلُطْفٍ مِن غَيْرِ انْزِعاجٍ ﴿ولا يابِسٍ﴾ مِنَ الوَساوِسِ والخَطَراتِ الَّتِي تَفْزَعُ مِنها النَّفْسُ حِينَ تَرُدُّ عَلَيْها ﴿إلا في كِتابٍ مُبِينٍ﴾ وهو عِلْمُهُ سُبْحانَهُ الجامِعُ، وبَعْضُهم لَمْ يُؤَوِّلْ شَيْئًا مِنَ المَذْكُوراتِ وفَسَّرَ الكِتابَ بِسَماءِ الدُّنْيا لِتَعَيُّنِ هَذِهِ الجُزْئِيّاتِ فِيها، ويُمْكِنُ أنْ يُقالَ إنَّ الكِتابَ إشارَةٌ إلى ماهِيّاتِ الأشْياءِ وهي المُسَمّاةُ بِالأعْيانِ الثّابِتَةِ، ومَعْنى كَوْنِها فِيها ما أشَرْنا إلَيْهِ أنَّ تِلْكَ الأعْيانَ كالمَرايا لِهَذِهِ المَوْجُوداتِ الخارِجِيَّةِ ﴿وهُوَ الَّذِي يَتَوَفّاكم بِاللَّيْلِ﴾ أيْ يُنِيمُكُمْ، وقِيلَ: يَتَوَفّاكم بِطَيَرانِ أرْواحِكم في المَلَكُوتِ وسَيْرِها في رِياضِ حَضَراتِ اللّاهُوتِ
وقِيلَ: يُمْكِنُ أنْ يَكُونَ المَعْنى وهو الَّذِي يُضَيَّقُ عَلَيْكم إلى حَيْثُ يَكادُ تَزْهَقُ أرْواحُكم في لَيْلِ القَهْرِ وتَجَلِّي الجَلالِ ﴿ويَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ﴾ أيْ كَسَبْتُمْ بِالنَّهارِ مِنَ الأعْمالِ مُطْلَقًا، وقِيلَ مِنَ الأعْمالِ الشّاقَّةِ عَلى النَّفْسِ المُؤْلِمَةِ لَها كالطّاعاتِ
وقِيلَ: يُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ المَعْنى ويَعْلَمُ ما كَسَبْتُمُوهُ بِنَهارِ التَّجَلِّي الجَمالِيِّ مِنَ الأُنْسِ أوْ شَوارِدِ العِرْفانِ ﴿ثُمَّ يَبْعَثُكم فِيهِ﴾ أيْ فِيما جَرَحْتُمْ مِن صُوَرِ أعْمالِكم ومَكاسِبِكُمُ الحَسَنَةِ والقَبِيحَةِ، وقِيلَ: الحَسَنَةِ، وقِيلَ فِيما كَسَبْتُمُوهُ في نَهارِ التَّجَلِّي، وأوَّلُ الأقْوالِ هُنا وفِيما تَقَدَّمَ أوْلى ﴿لِيُقْضى أجَلٌ مُسَمًّى﴾ أيْ مُعَيَّنٌ عِنْدَهُ (ثُمَّ إلى رَبِّكم تُرْجَعُونَ) في عَيْنِ الجَمْعِ المُطْلَقِ (فَيُنَبِّئُكم بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) بِإظْهارِ صُوَرِ أعْمالِكم عَلَيْكم وجَزائِكم بِها، ﴿وهُوَ القاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ﴾ لِأنَّهُ الوُجُودُ المُطْلَقُ حَتّى عَنْ قَيْدِ الِإطْلاقِ ولَهُ الظُّهُورُ حَسْبَما تَقْتَضِيهِ الحِكْمَةُ ولا تُقَيِّدُهُ المَظاهِرُ ﴿واللَّهُ مِن ورائِهِمْ مُحِيطٌ﴾
﴿ويُرْسِلُ عَلَيْكم حَفَظَةً﴾ وهي القُوى الَّتِي يَنْطَبِعُ فِيها الخَيْرُ والشَّرُّ ويَصِيرُ هَيْئَةً أوْ مَلَكَةً ويَظْهَرُ عِنْدَ انْسِلاخِ الرُّوحِ ويَتَمَثَّلُ بِصُورَةٍ مُناسِبَةٍ أوِ القُوى السَّماوِيَّةُ الَّتِي تَنْتَقِشُ فِيها الصُّوَرُ الجُزْئِيَّةُ ولا تُغادِرُ صَغِيرَةً ولا كَبِيرَةً ﴿حَتّى إذا جاءَ أحَدَكُمُ المَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا﴾، قِيلَ: هم نَفْسُ أُولَئِكَ الحَفَظَةِ وقَدْ أوْدَعَ اللَّهُ تَعالى فِيهِمُ القُدْرَةَ عَلى التَّوَفِّي ﴿ثُمَّ رُدُّوا إلى اللَّهِ﴾ في عَيْنِ الجَمْعِ المُطْلَقِ ﴿مَوْلاهُمُ﴾ أيْ مالِكِهِمُ الَّذِي يَلِي سائِرَ أحْوالِهِمْ إذْ لا وُجُودَ لَها إلّا بِهِ ﴿الحَقِّ﴾ وكُلُّ ما سِواهُ باطِلٌ، وذَكَرَ بَعْضُ أهْلِ الإشارَةِ أنَّ هَذِهِ أرْجى آيَةٍ في كِتابِ اللَّهِ تَعالى بِناءً عَلى أنَّ اللَّهَ تَعالى أخْبَرَ بِرُجُوعِ العَبْدِ إلَيْهِ سُبْحانَهُ وخُرُوجِهِ مِن سِجْنِ الدُّنْيا وأيْدِي الكاتِبِينَ، واصِفًا نَفْسَهُ لَهُ بِأنَّهُ مَوْلاهُ الحَقُّ المُشْعِرُ بِأنَّ غَيْرَهُ سُبْحانَهُ لا يُعَدُّ مَوْلًى حَقًّا، ولا شَكَّ أنَّهُ لا أعَزَّ لِلْعَبْدِ مِن أنْ يَكُونَ مَرَدُّهُ إلى مَوْلاهُ ﴿ألا لَهُ الحُكْمُ وهو أسْرَعُ الحاسِبِينَ﴾ إذْ ظُهُورُ الأعْمالِ بِالصُّوَرِ المُناسِبَةِ آنَ مُفارَقَةِ الرُّوحِ لِلْجَسَدِ
﴿قُلْ مَن يُنَجِّيكم مَن ظُلُماتِ البَرِّ﴾ وهي الغَواشِي النَّفْسانِيَّةُ والبَحْرُ وهي حُجُبُ صِفاتِ القَلْبِ ﴿تَدْعُونَهُ﴾ إلى كَشْفِها ﴿تَضَرُّعًا﴾ في نُفُوسِكم ﴿وخُفْيَةً﴾ في أسْرارِكم ﴿لَئِنْ أنْجَيْتَنا مِن هَذِهِ﴾ الغَواشِي والحُجُبِ ﴿لَنَكُونَنَّ مِنَ الشّاكِرِينَ﴾ بِنِعْمَةِ الإنْجاءِ بِالِاسْتِقامَةِ والتَّمْكِينِ ﴿قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكم مِنها﴾ بِأنْوارِ تَجَلِّياتِ صِفاتِهِ ﴿ومِن كُلِّ كَرْبٍ﴾ سِوى ذَلِكَ بِأنْ (p-193)يَمُنَّ عَلَيْكم بِالفَناءِ ﴿ثُمَّ أنْتُمْ﴾ بَعْدَ عِلْمِكم بِقُدْرَتِهِ تَعالى عَلى ذَلِكَ ﴿تُشْرِكُونَ﴾ بِهِ أنْفُسَكم وأهْواءَكم فَتَعْبُدُونَها ﴿قُلْ هو القادِرُ عَلى أنْ يَبْعَثَ عَلَيْكم عَذابًا مِن فَوْقِكُمْ﴾ بِأنْ يَحْجِبَكم عَنِ النَّظَرِ في المَلَكُوتِ أوْ بِأنْ يَقْهَرَكم بِاحْتِجابِكم بِالمَعْقُولاتِ والحُجُبِ الرُّوحانِيَّةِ ﴿أوْ مِن تَحْتِ أرْجُلِكُمْ﴾ بِأنْ لا يُسَهِّلَ عَلَيْكُمُ القِيامَ عَلى بابِ الرُّبُوبِيَّةِ بِنَعْتِ الخِدْمَةِ وطَلَبِ الوَصْلَةِ أوْ بِأنْ يَحْجِبَكم بِالحُجُبِ الطَّبِيعِيَّةِ ﴿أوْ يَلْبِسَكم شِيَعًا﴾ فِرَقًا مُخْتَلِفَةً كُلُّ فِرْقَةٍ عَلى دِينِ قُوَّةٍ مِنَ القُوى تُقابِلُ الفِرْقَةَ الأُخْرى أوْ يَجْعَلَ أنْفُسَكم مُخْتَلِفَةَ العَقائِدِ كُلُّ فِرْقَةٍ عَلى دِينِ دَجّالٍ ﴿ويُذِيقَ بَعْضَكم بَأْسَ بَعْضٍ﴾ بِالمُنازَعاتِ والمُجادَلاتِ حَسْبَما يَقْتَضِيهِ الِاخْتِلافُ ﴿لِكُلِّ نَبَإٍ﴾ أيْ ما يُنَبَّأُ عَنْهُ ﴿مُسْتَقَرٌّ﴾ أيْ مَحَلُّ وُقُوعٍ واسْتِقْرارٍ ﴿وسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ حِينَ يَكْشِفُ عَنْكم حُجُبَ أبْدانِكم ﴿وإذا رَأيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ في آياتِنا﴾ بِإظْهارِ صِفاتِ نُفُوسِهِمْ وإثْباتِ العِلْمِ والقُدْرَةِ لَها ﴿فَأعْرِضْ عَنْهُمْ﴾ لِأنَّهم مَحْجُوبُونَ مُشْرِكُونَ ﴿وما عَلى الَّذِينَ يَتَّقُونَ﴾ وهُمُ المُتَجَرِّدُونَ عَنْ صِفاتِهِمْ ﴿مِن حِسابِهِمْ﴾ أيْ مِن حِسابِ هَؤُلاءِ المَحْجُوبِينَ ﴿مِن شَيْءٍ ولَكِنْ ذِكْرى﴾ أيْ فَلْيُذَكِّرُوهم بِالزَّجْرِ والرَّدْعِ ﴿لَعَلَّهم يَتَّقُونَ﴾ يَحْتَرِزُونَ عَنِ الخَوْضِ
وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ المَعْنى أنَّ المُتَجَرِّدِينَ لا يَحْتَجِبُونَ بِواسِطَةِ مُخالَطَةِ المَحْجُوبِينَ ولَكِنْ ذَكَّرْناهم لَعَلَّهم يَزِيدُونَ في التَّقْوى ﴿وذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهم لَعِبًا ولَهْوًا﴾ أيِ اتْرُكِ الَّذِينَ عادَتُهُمُ اللَّعِبُ واللَّهْوُ إلَخْ فَإنَّهم قَدْ حُجِبُوا بِما رَسَخَ فِيهِمْ مِن سَماعِ الإنْذارِ وتَأْثِيرِهِ فِيهِمْ ﴿وذَكِّرْ بِهِ﴾ أيْ بِالقُرْءانِ كَراهَةَ ﴿أنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِما كَسَبَتْ﴾ أيْ تُحْجَبَ بِكَسْبِها بِأنْ يَصِيرَ لَها مَلَكَةٌ أيْ ذَكِّرْ مَن لَمْ يَكُنْ دِينُهُ اللَّعِبَ واللَّهْوَ لِئَلّا يَكُونَ دِينُهُ ذَلِكَ، وأمّا مَن وصَلَ إلى ذَلِكَ الحَدِّ فَلا يَنْفَعُهُ التَّذْكِيرُ ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِما كَسَبُوا لَهم شَرابٌ مِن حَمِيمٍ﴾ وهو شِدَّةُ الشَّوْقِ إلى الكَمالِ ﴿وعَذابٌ ألِيمٌ﴾ وهو الحِرْمانُ عَنْهُ بِسَبَبِ الِاحْتِجابِ بِما كَسَبُوا ﴿قُلْ أنَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُنا ولا يَضُرُّنا﴾ أيْ أنَعْبُدُ مَن لَيْسَ لَهُ قُدْرَةً عَلى شَيْءٍ أصْلًا إذْ لا وُجُودَ لَهُ حَقِيقَةً ﴿ونُرَدُّ عَلى أعْقابِنا﴾ بِالشِّرْكِ ﴿بَعْدَ إذْ هَدانا اللَّهُ﴾ إلى التَّوْحِيدِ الحَقِيقِيِّ ﴿كالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ﴾ مِنَ الوَهْمِ والتَّخَيُّلِ في الأرْضِ أيْ أرْضِ الطَّبِيعَةِ ومَهامِهِ النَّفْسِ ﴿حَيْرانَ﴾ لا يَدْرِي أيْنَ يَذْهَبُ ﴿لَهُ أصْحابٌ﴾ مِنَ الفِكْرِ والقُوى النَّظَرِيَّةِ ﴿يَدْعُونَهُ إلى الهُدى﴾ الحَقِيقِيِّ يَقُولُونَ ﴿ائْتِنا﴾ فَإنَّ الطَّرِيقَ الحَقَّ عِنْدَنا وهو لا يَسْمَعُ ﴿قُلْ إنَّ هُدى اللَّهِ﴾ وهو طَرِيقُ التَّوْحِيدِ ﴿هُوَ الهُدى﴾ وغَيْرُهُ غَيْرُهُ ﴿وأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ العالَمِينَ﴾ بِمَحْوِ صِفاتِنا ﴿وأنْ أقِيمُوا الصَّلاةَ﴾ الحَقِيقِيَّةَ وهو الحُضُورُ القَلْبِيُّ
قالَ ابْنُ عَطاءَ: إقامَةُ الصَّلاةِ حِفْظُها مَعَ اللَّهِ تَعالى بِالأسْرارِ ﴿واتَّقُوهُ﴾ أيِ اجْعَلُوهُ سُبْحانَهُ وِقايَةً بِالتَّخَلُّصِ عَنْ وُجُودِكم ﴿وهُوَ الَّذِي إلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ بِالفَناءِ فِيهِ سُبْحانَهُ ﴿وهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ﴾ أيْ سَمَواتِ الأرْواحِ ﴿والأرْضَ﴾ أيْ أرْضَ الجِسْمِ ﴿بِالحَقِّ﴾ أيْ قائِمًا بِالعَدْلِ الَّذِي هو مُقْتَضى ذاتِهِ ﴿ويَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ وهو وقْتُ تَعَلُّقِ إرادَتِهِ القَدِيمَةِ بِالظُّهُورِ في التَّعَيُّناتِ ﴿قَوْلُهُ الحَقُّ﴾ لِاقْتِضائِهِ ما اقْتَضاهُ عَلى أحْسَنِ نِظامٍ ولَيْسَ في الإمْكانِ أبْدَعُ مِمّا كانَ، ﴿ولَهُ المُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ في الصُّورِ﴾ وهو وقْتُ إفاضَةِ الأرْواحِ عَلى صُوَرِ المَكْنُوناتِ الَّتِي هي مَيِّتَةٌ بِأنْفُسِها بَلْ لا وُجُودَ لَها ولا حَياةَ.
﴿عالِمُ الغَيْبِ﴾ أيْ حَقائِقِ عالَمِ الأرْواحِ ويُقالُ لَهُ المَلَكُوتُ ﴿والشَّهادَةِ﴾ أيْ صُوَرِ عالَمِ الأشْباحِ ويُقالُ لَهُ المُلْكُ ﴿وهُوَ الحَكِيمُ﴾ الَّذِي أفاضَ عَلى القَوابِلِ حَسَبَ القابِلِيّاتِ ﴿الخَبِيرُ﴾ بِأحْوالِها ومِقْدارِ قابِلِيّاتِها لا حَكِيمَ غَيْرُهُ ولا خَبِيرَ سِواهُ
{"ayah":"وَهُوَ ٱلَّذِی خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِٱلۡحَقِّۖ وَیَوۡمَ یَقُولُ كُن فَیَكُونُۚ قَوۡلُهُ ٱلۡحَقُّۚ وَلَهُ ٱلۡمُلۡكُ یَوۡمَ یُنفَخُ فِی ٱلصُّورِۚ عَـٰلِمُ ٱلۡغَیۡبِ وَٱلشَّهَـٰدَةِۚ وَهُوَ ٱلۡحَكِیمُ ٱلۡخَبِیرُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق