الباحث القرآني
﴿وأنْذِرْ﴾ أيْ عِظْ وخَوِّفْ يا مُحَمَّدُ بِهِ أيْ بِما يُوحى أوْ بِالقُرْآنِ كَما رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما والزَّجّاجِ، وقِيلَ: أيْ بِاللَّهِ تَعالى ورُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الضَّحّاكِ
وهَذا أمْرٌ مِنهُ سُبْحانَهُ وتَعالى لِنَبِيِّهِ ﷺ بَعْدَما حَكى سُبْحانَهُ وتَعالى لَهُ أنَّ مِنَ الكَفَرَةِ مَن لا يَتَّعِظُ ولا يَتَأثَّرُ قَدِ التَحَقَ بِالأمْواتِ وانْتَظَمَ في سِلْكِ الجَماداتِ فَما يَنْجَعُ فِيهِ دَواءُ الإنْذارِ ولا يُفِيدُهُ العِظَةُ والتِّذْكارُ إذْ يُنْذَرُ مَن يُتَوَقَّعُ في الجُمْلَةِ مِنهُمُ الِانْتِفاعُ ويُرْجى مِنهُمُ القَبُولُ والسَّماعُ وهُمُ المُشارُ إلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿الَّذِينَ يَخافُونَ أنْ يُحْشَرُوا إلى رَبِّهِمْ﴾ فالمُرادُ مِنَ المَوْصُولِ المَجُوزُونَ لِلْحَشْرِ عَلى الوَجْهِ الآتِي سَواءً كانُوا جازِمِينَ بِأصْلِهِ كَأهْلِ الكِتابِ وبَعْضِ المُشْرِكِينَ المُعْتَرِفِينَ بِالبَعْثِ المُتَرِدِّدِينَ في شَفاعَةِ آبائِهِمُ الأنْبِياءِ كالأوَّلِينَ أوْ في شَفاعَةِ الأصْنامِ كالآخِرِينَ أوِ المُتَرَدِّدِينَ فِيهِما مَعًا كَبَعْضِ الكَفَرَةِ الَّذِينَ يُعْلَمُ مِن حالِهِمْ أنَّهم إذا سَمِعُوا بِحَدِيثِهِ يَخافُونَ أنْ يَكُونُ حَقًّا، وأمّا المُنْكِرُونَ لِلْحَشْرِ رَأْسًا والقائِلُونَ بِهِ القاطِعُونَ بِشَفاعَةِ آبائِهِمْ أوْ بِشَفاعَةِ الأصْنامِ فَهم خارِجُونَ مِمَّنْ أُمِرَ بِإنْذارِهِمْ كَذا قالَ شَيْخُ الإسْلامِ
ورُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ والحَسَنِ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهم أنَّ المُرادَ بِالمَوْصُولِ المُؤْمِنُونَ وارْتَضاهُ غَيْرُ واحِدٍ إلّا أنَّهم قَيَّدُوا بِالمُفَرِّطِينَ لِأنَّهُ المُناسِبُ لِلْإنْذارِ ورَجاءَ التَّقْوى، وتَعَقَّبَهُ الشَّيْخُ بِأنَّهُ مِمّا لا يُساعِدُهُ السِّباقُ ولا السِّياقُ بَلْ فِيهِ ما يَقْضِي بِعَدَمِ صِحَّتِهِ وبَيَّنَهُ بِما سَيُذْكَرُ قَرِيبًا إنْ شاءَ اللَّهُ تَعالى، وقِيلَ: المُرادُ المُؤْمِنُونَ والكافِرُونَ وعَلَّلَهُ الإمامُ الرّازِيُّ بِأنَّهُ لا عاقِلَ إلّا وهو يَخافُ الحَشْرَ سَواءٌ قَطَعَ بِحُصُولِهِ أوْ كانَ شاكًّا فِيهِ لِأنَّهُ بِالِاتِّفاقِ غَيْرُ مَعْلُومِ البُطْلانِ بِالضَّرُورَةِ فَكانَ هَذا الخَوْفُ قائِمًا في حَقِّ الكُلِّ، وبِأنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ كانَ مَبْعُوثًا إلى الكُلِّ فَكانَ مَأْمُورًا بِالتَّبْلِيغِ إلَيْهِ ولا يُخْفى ما فِيهِ، والمَفْعُولُ الثّانِي لِلْإنْذارِ إمّا بِالعَذابِ الأُخْوَرِيِّ المَدْلُولِ عَلَيْهِ بِما في حَيِّزِ الصِّلَةِ، وإمّا مُطْلَقُ العَذابِ الَّذِي ورَدَ بِهِ الوَعِيدُ والتَّعَرُّضُ لِعُنْوانِ الرُّبُوبِيَّةِ بِتَحْقِيقِ المَخافَةِ إمّا بِاعْتِبارِ أنَّ التَّرْبِيَةَ المَفْهُومَةَ مِنها مُقْتَضِيَةٌ خِلافَ ما خافُوا لِأجْلِهِ الحَشْرَ، وإمّا بِاعْتِبارِ أنَّها مُنْبِئَةٌ عَنِ المالِكِيَّةِ المُطْلَقَةِ والتَّصَرُّفِ الكُلِّيِّ كَما قِيلَ والمُرادُ مِنَ الحَشْرِ إلَيْهِ سُبْحانَهُ الحَشْرُ إلى المَكانِ الَّذِي جَعَلَهُ عَزَّ وجَلَّ مَحِلًّا لِاجْتِماعِهِمْ ولِلْقَضاءِ عَلَيْهِمْ فَلا تَصْلُحُ الآيَةُ دَلِيلًا لِلْمُجَسِّمَةِ (p-158)وقَوْلُهُ سُبْحانَهُ: ﴿لَيْسَ لَهم مِن دُونِهِ ولِيٌّ ولا شَفِيعٌ﴾ في حَيِّزِ النَّصْبِ عَلى الحالِيَّةِ مِن ضَمِيرِ (يُحْشُرُوا) والعامِلُ فِيهِ فِعْلُهُ، ونَقَلَ الإمامُ عَنِ الزَّجّاجِ أنَّهُ حالٌ مِن ضَمِيرِ (يَخافُونَ)، والأوَّلُ أوْلى ومَن دُونَهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وقَعَ حالًا مِنِ اسْمِ لَيْسَ لِأنَّهُ في الأصْلِ صِفَةٌ لَهُ فَلَمّا قُدِّمَ عَلَيْهِ انْتَصَبَ عَلى الحالِيَّةِ، والحالُ الأُولى لِإخْراجِ الحَشْرِ الَّذِي لَمْ يُقَيَّدْ بِها عَنْ حَيِّزِ الخَوْفِ وتَحْقِيقِ أنَّ ما نِيطَ بِهِ الخَوْفُ تِلْكَ الحالَةُ لا الحَشْرُ كَيْفَما كانَ ضَرُورَةَ أنَّ المُعْتَرِفِينَ بِهِ الجازِمِينَ بِنُصْرَةِ غَيْرِهِ تَعالى بِمَنزِلَةِ المُنْكِرِينَ لَهُ في عَدَمِ الخَوْفِ الَّذِي يَدُورُ عَلَيْهِ أمْرُ الإنْذارِ، والحالُ الثّانِيَةُ لِتَحْقِيقِ مَدارِ خَوْفِهِمْ وهو فِقْدانُ ما عَلَّقُوا بِهِ رَجاءَهم وذَلِكَ إنَّما هو غَيْرُهُ سُبْحانَهُ كَما في قَوْلِهِ جَلَّ شَأْنُهُ: ﴿ومَن لا يُجِبْ داعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ في الأرْضِ ولَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أوْلِياءُ﴾ ولَيْسَتْ لِإخْراجِ الوَلِيِّ الَّذِي لَمْ يُقَيَّدْ بِها عَنْ حَيِّزِ الِانْتِفاءِ لِاسْتِلْزامِهِ ثُبُوتَ وِلايَتِهِ تَعالى لَهم كَما في قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿وما لَكم مِن دُونِ اللَّهِ مِن ولِيٍّ ولا نَصِيرٍ﴾ وذَلِكَ فاسِدٌ، والمَعْنى أنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخافُونَ حَشْرَهم غَيْرَ مَنصُورِينَ مِن جِهَةِ أنْصارِهِمْ بِزَعْمِهِمْ، قالَهُ شَيْخُ الإسْلامِ ثُمَّ قالَ: ومِن هَذا اتَّضَحَ أنْ لا سَبِيلَ إلى كَوْنِ المُرادِ بِالخائِفِينَ المُفَرِّطِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ إذْ لَيْسَ لَهم ولِيٌّ ولا شَفِيعٌ سَواءً - عَزَّ وجَلَّ - لِيَخافُوا الحَشْرَ بِدُونِ نُصْرَتِهِ وإنَّما الَّذِي يَخافُونَهُ الحَشْرُ بِدُونِ نُصْرَتِهِ سُبْحانَهُ انْتَهى، وهو تَحْقِيقٌ لَمْ أرَهُ لِغَيْرِهِ، ويَصْغُرُ لَدَيْهِ ما في التَّفْسِيرِ الكَبِيرِ، ولَعَلَّ ما رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ والحَسَنِ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهم لَمْ يَثْبُتْ عَنْهُما فَتَدَبَّرْ
لَعَلَّهم يَتَّقُونَ
15
- أيْ لِكَيْ يَخافُوا في الدُّنْيا ويَنْتَهُوا عَنِ الكُفْرِ والمَعاصِي، كَما رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما وهو عَلى هَذا تَعْلِيلٌ لِلْأمْرِ بِالإنْذارِ، وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ حالًا عَنْ ضَمِيرِ الأمْرِ أيْ أنْذِرْهم راجِيًا تَقْواهم أوْ مِنَ المَوْصُولِ أيْ أنْذِرْهم مَرْجُوًّا مِنهُمُ
{"ayah":"وَأَنذِرۡ بِهِ ٱلَّذِینَ یَخَافُونَ أَن یُحۡشَرُوۤا۟ إِلَىٰ رَبِّهِمۡ لَیۡسَ لَهُم مِّن دُونِهِۦ وَلِیࣱّ وَلَا شَفِیعࣱ لَّعَلَّهُمۡ یَتَّقُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق