الباحث القرآني
﴿وهم يَنْهَوْنَ عَنْهُ﴾ الضَّمِيرُ المَرْفُوعُ لِلْمُشْرِكِينَ والمَجْرُورُ لِلْقُرْآنِ أيْ لا يَقْنَعُونَ بِما ذُكِرَ مِن تَكْذِيبِهِ وعَدِّهِ حَدِيثَ خُرافَةٍ بَلْ يَنْهَوْنَ النّاسَ عَنِ اسْتِماعِهِ لِئَلّا يَقِفُوا عَلى حَقِّيَّتِهِ فَيُؤْمِنُوا بِهِ ويَنْأوْنَ عَنْهُ أيْ يَتَباعَدُونَ عَنْهُ بِأنْفُسِهِمْ إظْهارًا لِغايَةِ نُفُورِهِمْ عَنْهُ وتَأْكِيدًا لِنَهْيِهِمْ فَإنَّ اجْتِنابَ النّاهِي عَنِ المَنهِيِّ عَنْهُ مِن مُتَمِّماتِ النَّهْيِ، ولَعَلَّ ذَلِكَ كَما قالَ شَيْخُ الإسْلامِ: هو السِّرُّ في تَأْخِيرِ النَّأْيِ عَنِ النَّهْيِ وهَذا هو التَّفْسِيرُ الَّذِي أخْرَجَهُ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ وابْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وغَيْرُهم عَنْ مُجاهِدٍ رَحْمَةُ اللَّهِ تَعالى عَلَيْهِ، وقِيلَ: الضَّمِيرُ المَجْرُورُ لِلرَّسُولِ ﷺ عَلى مَعْنى يَنْهَوْنَ النّاسَ عَنِ الإيمانِ بِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ ويَتَباعَدُونَ عَنْهُ وهو التَّفْسِيرُ الَّذِي أخْرَجَهُ أبْناءُ جَرِيرٍ والمُنْذِرِ وأبِي حاتِمٍ ومَرْدَوَيْهِ مِن طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما وأخْرَجَهُ أيْضًا ابْنُ جَرِيرٍ مِن طَرِيقِ العَوْفِيِّ ورُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الحَنَفِيَّةِ والسُّدِّيِّ والضَّحّاكِ، وقِيلَ: الضَّمِيرُ المَرْفُوعُ لِأبِي طالِبٍ وأتْباعِهِ أوْ أضْرابِهِ، والمَجْرُورُ (p-127)لِلنَّبِيِّ ﷺ عَلى مَعْنى يَنْهَوْنَ عَنْ أذِيَّتِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ ولا يُؤْمِنُونَ بِهِ
أخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ هِلالٍ أنَّهُ قالَ: إنَّ الآيَةَ نَزَلَتْ في عُمُومَةِ النَّبِيِّ ﷺ وكانُوا عَشْرَةً، وكانُوا أشَدَّ النّاسِ مَعَهُ في العَلانِيَةِ وأشَدَّ النّاسِ عَلَيْهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ في السِّرِّ، وقِيلَ: ضَمِيرُ الجَمْعِ لِأبِي طالِبٍ وحْدَهُ وجُمِعَ اسْتِعْظامًا لِفِعْلِهِ حَتّى كَأنَّهُ مِمّا لا يَسْتَقِلُّ بِهِ واحِدٌ، وقِيلَ: إنَّهُ نَزَلَ مَنزِلَةَ أفْعالٍ مُتَعَدِّدَةٍ فَيَكُونُ كَقَوْلِهِ: قِفا عِنْدَ المازِنِيِّ، ولا يَخْفى بُعْدُهُ، ورَوى هَذا القَوْلَ جَماعَةٌ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما أيْضًا
ورُوِيَ عَنْ مُقاتِلٍ «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كانَ عِنْدَ أبِي طالِبٍ يَدْعُوهُ لِلْإسْلامِ فاجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ إلَيْهِ يُرِيدُونَ سُوءًا بِالنَّبِيِّ ﷺ فَقالَ مُنْشِدًا:
؎واللَّهِ لَنْ يَصِلُوا إلَيْكَ بِجَمْعِهِمْ حَتّى أُوَسَّدَ في التُّرابِ دَفِينًا
؎فاصْدَعْ بِأمْرِكَ ما عَلَيْكَ غَضاضَةٌ ∗∗∗ وأبْشِرْ وقَرَّ بِذاكَ مِنكَ عُيُونًا
؎ودَعَوْتَنِي وزَعَمْتَ أنَّكَ ناصِحٌ ∗∗∗ ولَقَدْ صَدَقْتَ وكُنْتَ ثَمَّ أمِينًا
؎وعَرَضْتَ دِينًا لا مَحالَةَ أنَّهُ ∗∗∗ مِن خَيْرِ أدْيانِ البَرِيَّةِ دِينًا
؎لَوْلا المَلامَةُ أوْ حَذارِي سُبَّةً ∗∗∗ لَوَجَدْتَنِي سَمْحًا بِذاكَ مُبِينًا
فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ». وفِيها عَلى هَذا القَوْلِ والَّذِي قَبْلَهُ التِفاتٌ، ورَدَّ الإمامُ القَوْلَ الأخِيرَ بِأنَّ جَمِيعَ الآياتِ المُتَقَدِّمَةِ في ذَمِّ فِعْلِ المُشْرِكِينَ فَلا يُناسِبُهُ ذِكْرُ النَّهْيِ عَنْ أذِيَّتِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ وهو غَيْرُ مَذْمُومٍ. ونُظِرَ فِيهِ بِأنَّ الذَّمَّ بِالمَجْمُوعِ مِن حَيْثُ هو مَجْمُوعٌ. وبِهَذِهِ الآيَةِ عَلى هَذِهِ الرِّوايَةِ اسْتَدَلَّ بَعْضُ مَنِ ادَّعى أنَّ أبا طالِبٍ لَمْ يُؤْمِن بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ وسَيَأْتِي إنْ شاءَ اللَّهُ تَعالى تَحْقِيقُ هَذا المَطْلَبِ في مَوْضِعِهِ
والنَّأْيُ لازِمٌ يَتَعَدّى بِعْنَ كَما في الآيَةِ. ونُقِلَ عَنِ الواحِدِيِّ أنَّهُ سَمِعَ تَعْدِيَتَهُ بِنَفْسِهِ عَنِ المُبَرِّدِ وأنْشَدَ: أُعاذِلُ إنْ يُصْبِحْ صَدًى بِقَفْرَةٍ بَعِيدَةٍ نَآنِي زائِرِي وقَرِيبِي وخَرَّجَهُ البَعْضُ عَلى الحَذْفِ والإيصالِ، ولا يَخْفى ما في (يَنْهَوْنَ ويَنْأوْنَ) مِنَ التَّجْنِيسِ البَدِيعِ وقُرِئَ (ويَنَوْنَ) عَنْهُ ﴿وإنْ يُهْلِكُونَ﴾ أيْ وما يُهْلِكُونَ بِذَلِكَ ﴿إلا أنْفُسَهُمْ﴾ بِتَعْرِيضِها لِأشَدِّ العَذابِ وأفْظَعِهُ وهو عَذابُ الضَّلالِ والإضْلالِ.، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وما يَشْعُرُونَ﴾
62
- حالٌ مِن ضَمِيرِ يُهْلِكُونَ أيْ يَقْصُرُونَ الإهْلاكَ عَلى أنْفُسِهِمْ والحالُ أنَّهم غَيْرُ شاعِرِينَ لا بِإهْلاكِهِمْ أنْفُسَهم ولا بِاقْتِصارِ ذَلِكَ عَلَيْها مِن غَيْرِ أنْ يَضُرُّوا بِذَلِكَ شَيْئًا مِنَ القُرْآنِ أوِ النَّبِيَّ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ. وإنَّما عَبَّرَ عَنْهُ بِالإهْلاكِ مَعَ أنَّ المَنفِيَّ عَنْ غَيْرِهِمْ مُطْلَقُ الضَّرَرِ لِلْإيذانِ بِأنَّ ما يَحِيقُ بِهِمْ هو الهَلاكُ لا الضَّرَرُ المُطْلَقُ عَلى أنَّ مَقْصِدَهم لَمْ يَكُنْ مُطْلَقَ المُمانَعَةِ فِيما ذَكَرُوا بَلْ كانُوا يَبْغُونَ الغَوائِلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ الَّذِي هو نِظامُ عِقْدِ لَآلِئِ الآياتِ القُرْآنِيَّةِ
وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ الإهْلاكُ مُعْتَبَرًا بِالنِّسْبَةِ إلى الَّذِينَ يُضِلُّونَهم بِالنَّهْيِ فَقَصْرُهُ عَلى أنْفُسِهِمْ حِينَئِذٍ مَعَ شُمُولِهِ لِلْفَرِيقَيْنِ مَبْنِيٌّ عَلى تَنْزِيلِ عَذابِ الضَّلالِ عِنْدَ عَذابِ الإضْلالِ مَنزِلَةَ العَدَمِ. ونَفْيُ الشُّعُورِ -عَلى ما في البَحْرِ- أبْلَغُ مِن نَفْيِ العِلْمِ كَأنَّهُ قِيلَ: وما يُدْرِكُونَ ذَلِكَ أصْلًا
{"ayah":"وَهُمۡ یَنۡهَوۡنَ عَنۡهُ وَیَنۡـَٔوۡنَ عَنۡهُۖ وَإِن یُهۡلِكُونَ إِلَّاۤ أَنفُسَهُمۡ وَمَا یَشۡعُرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











