الباحث القرآني
﴿ومَن أظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلى اللَّهِ كَذِبًا﴾ بِادِّعائِهِ أنَّ لَهُ جَلَّ شَأْنُهُ شَرِيكًا وبِقَوْلِهِ المَلائِكَةُ بَناتُ اللَّهِ، و﴿هَؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ﴾ وعُدَّ مِن ذَلِكَ وصْفُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ المَوْعُودِ في الكِتابَيْنِ بِخِلافِ أوْصافِهِ والِاسْتِفْهامُ لِلِاسْتِعْظامِ الِادِّعائِيِّ، والمَشْهُورُ أنَّ المُرادَ إنْكارُ أنْ يَكُونَ أحَدٌ أظْلَمُ مِمَّنْ فَعَلَ ذَلِكَ أوْ مُساوِيًا لَهُ، والتَّرْكِيبُ وإنْ لَمْ يَدُلَّ عَلى إنْكارِ المُساواةِ وضْعًا كَما قالَ العَلّامَةُ الثّانِي في شَرْحِ المَقاصِدِ وحَواشِي الكَشّافِ يَدُلُّ عَلَيْهِ اسْتِعْمالًا فَإذا قُلْتَ: لا أفْضَلَ في البَلَدِ مِن زَيْدٍ فَمَعْناهُ أنَّهُ أفْضَلُ مِنَ الكُلِّ بِحَسْبِ العُرْفِ، والسِّرُّ في ذَلِكَ أنَّ النِّسْبَةَ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ إنَّما تُتَصَوَّرُ غالِبًا لا سِيَّما في بابِ المُغالَبَةِ بِالتَّفاوُتِ زِيادَةً ونُقْصانًا فَإذا لَمْ يَكُنْ أحَدُهُما أزْيَدَ يَتَحَقَّقُ النُّقْصانُ لا مَحالَةَ
وادَّعى بَعْضُ المُتَأخِّرِينَ أنَّهُ سَنَحَ لَهُ في تَوْجِيهِ ذَلِكَ نُكْتَةٌ حَسَنَةٌ ودَقِيقَةٌ مُسْتَحْسَنَةٌ وهي أنَّ المُتَساوِيَيْنِ بَلِ المُتَقارِبِينَ في نَفْسِ الأمْرِ لا يَسْلَمُ كُلُّ واحِدٍ مِنهُما أنْ يُفَضَّلَ عَلَيْهِ صاحِبُهُ فَإنَّ كُلَّ أحَدٍ لا يَقْدِرُ عَلى أنْ يَقْدُرَ كُلَّ شَيْءٍ حَقَّ قَدْرِهِ، وكُلُّ إنْسانٍ لا يَقْوى عَلى أنْ يَعْرِفَ كُلَّ أمْرٍ عَلى ما هو عَلَيْهِ فَإنَّ الأفْهامَ في مُقابَلَةِ الأوْهامِ مُتَفاوِتَةٌ والعُقُولَ في مُدافَعَةِ الشُّكُوكِ مُتَبايِنَةٌ فَإذا حَكَمَ بَعْضُ النّاسِ مَثَلًا بِالمُساواةِ بَيْنَ المُتَساوِيَيْنِ في نَفْسِ الأمْرِ فَقَدْ يَحْكُمُ البَعْضُ الآخَرُ بِرُجْحانِ ذَلِكَ عَلى حَسَبِ مُنْتَهى أفْهامِهِمْ ومَبْلَغِ عُقُولِهِمْ ومُدْرَكِ ادِّراكِهِمْ فَكُلُّ ما يُوجَدُ مَن يُساوِيهِ في نَفْسِ الأمْرِ يُوجَدُ مَن يَفْضُلُ عَلَيْهِ بِحَسْبِ اعْتِقادِ النّاسِ بَلْ كُلَّما يُوجَدُ مَن يُقارِبُهُ فِيهِ يُوجَدُ مَن يَفُوقُهُ في ظُنُونِ العامَّةِ ويَنْعَكِسُ بِعَكْسِ النَّقِيضِ إلى قَوْلِنا كُلَّما لا يُوجَدُ مَن يَفْضُلُ عَلَيْهِ لا يُوجَدُ مَن يُساوِيهِ بَلْ مَن يُقارِبُهُ أيْضًا وهو المَطْلُوبُ، وبِالجُمْلَةِ أنْ إثْباتَ المُساوِي يَسْتَلْزِمُ إثْباتَ الرّاجِحِ الفاضِلِ، فَنَفْيُّ الفاضِلِ يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ المُساوِي لِأنَّ نَفْيَ اللّازِمِ يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ المَلْزُومِ كَما أنَّ إثْباتَ المَلْزُومِ يَسْتَلْزِمُ إثْباتَ اللّازِمِ، وفِيهِ تَأمَّلْ
وادَّعى بَعْضُ المُحَقِّقِينَ أنَّ دَلالَةَ التَّرْكِيبِ عَلى نَفْيِ المُساواةِ وضْعِيَّةٌ لِأنَّ غَيْرَ الأفْضَلِ إمّا مُساوٍ أوْ أنْقَصُ (p-121)فاسْتُعْمِلَ في أحَدِ فَرْدَيْهِ قالَ ابْنُ الصّائِغِ في مَسْألَةِ الكُحْلِ: إنَّ ما رَأيْتُ رَجُلًا أحْسَنَ في عَيْنِهِ الكُحْلُ مِنهُ في عَيْنِ زَيْدٍ وإنْ كانَ نَصًّا في نَفْيِ الزِّيادَةِ وهي تَصْدُقُ بِالزِّيادَةِ والنُّقْصانِ إلّا أنَّ المُرادَ الأخِيرُ وهو مِن قَصْرِ الشَّيْءِ عَلى بَعْضِ أفْرادِهِ كالدّابَّةِ، انْتَهى. وأنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هَذا بِاعْتِبارِ العُرْفِ أيْضًا ﴿أوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ﴾ كَأنْ كَذَّبَ بِالقُرْآنِ الَّذِي جُمْلَتُهُ الآيَةُ النّاطِقَةُ بِأنَّ أهْلَ الكِتابِ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أبْناءَهم أوْ بِسائِرِ المُعْجِزاتِ الَّتِي أُيِّدَ بِها رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِأنْ سَمّاها سِحْرًا، وعُدَّ مِن ذَلِكَ تَحْرِيفُ الكِتابِ وتَغْيِيرُ نُعُوتِهِ ﷺ الَّتِي ذَكَرَها اللَّهُ تَعالى فِيهِ، وإنَّما ذَكَرَ (أوْ)، وهم جَمَعُوا بَيْنَ الأمْرَيْنِ إيذانًا بِأنَّ كُلًّا مِنهُما وحْدَهُ بالِغٌ غايَةَ الإفْراطِ في الظُّلْمِ عَلى النَّفْسِ، وقِيلَ: نُبِّهَ بِكَلِمَةِ (أوْ) عَلى أنَّهم جَمَعُوا بَيْنَ أمْرَيْنِ مُتَناقِضَيْنِ يَعْنِي أنَّهم أثْبَتُوا المَنفِيَّ ونَفَوُا الثّابِتَ، والمُرادُ بِالمُتَناقِضِينَ أمْرانِ مِن شَأْنِهِما أنْ لا يُجْمَعَ بَيْنَهُما عُرْفًا أوْ يُقالَ: إنَّ مِن نَفَيِّ الثّابِتَ بِالبُرْهانِ يَكُونُ بِنَفْيِ ما لَمْ يَثْبُتْ بِهِ أوْلى كَذَلِكَ في الطَّرَفِ الآخَرِ، فالجَمْعُ بَيْنَهُما جَمْعٌ بَيْنَ المُتَناقِضِينَ مِن هَذا الوَجْهِ
وادَّعى بَعْضُهم أنَّ وجْهَ التَّناقُضِ المُشْعَرِ بِهِ هَذا العَطْفُ أنَّ الِافْتِراءَ عَلى اللَّهِ تَعالى دَعْوى وُجُوبِ القَبُولِ بِلا حُجَّةِ ما يُنْسَبُ إلَيْهِ تَعالى وتَكْذِيبُ الآياتِ دَعْوى أنَّهُ يَجِبُ أنْ لا يُقْبَلَ ما يُنْسَبُ إلَيْهِ تَعالى ولَوْ أُقِيمَ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ ويَجِبُ أنْ يُنْكِرَ التَّنْبِيهَ ويَرْتَكِبَ المُكابَرَةَ بِناءً عَلى أنَّ الرَّسُولَ يَجِبُ أنْ يَكُونُ مَلَكًا
ولا يَخْفى أنَّ في دَعْوى التَّناقُضِ خَفاءً، وهَذِهِ التَّوْجِيهاتُ لا تَرْفَعُهُ (إنَّهُ) أيِ الشَّأْنُ، والمُرادُ أنَّ الشَّأْنَ الخَطِيرَ هَذا وهو ﴿لا يُفْلِحُ﴾ أيْ لا يَفُوزُ بِمَطْلُوبٍ ولا يَنْجُو مِن مَكْرُوهٍ ﴿الظّالِمُونَ﴾
12
- مِن حَيْثُ أنَّهم ظالِمُونَ فَكَيْفَ يُفْلِحُ الأظْلَمُ مِن حَيْثُ أنَّهُ أظْلَمُ،
{"ayah":"وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا أَوۡ كَذَّبَ بِـَٔایَـٰتِهِۦۤۚ إِنَّهُۥ لَا یُفۡلِحُ ٱلظَّـٰلِمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق