الباحث القرآني
﴿يا مَعْشَرَ الجِنِّ والإنْسِ﴾ شُرُوعٌ في حِكايَةِ ما سَيَكُونُ مِن تَوْبِيخِ المَعْشَرَيْنِ وتَقْرِيعِهِمْ بِتَفْرِيطِهِمْ فِيما يَتَعَلَّقُ بِخاصَّةِ أنْفُسِهِمْ ﴿ألَمْ يَأْتِكُمْ﴾ في الدُّنْيا ﴿رُسُلٌ﴾ مِن عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ كائِنَةٌ ﴿مِنكُمْ﴾ أيْ مِن جُمْلَتِكم لَكِنْ لا عَلى أنْ يَأْتِيَ كُلُّ رَسُولٍ كُلَّ واحِدٍ مِنَ الأُمَمِ ولا عَلى أنَّ أُولَئِكَ الرُّسُلَ عَلَيْهِمُ السَّلامُ مَن جِنْسِ الفَرِيقَيْنِ مَعًا بَلْ عَلى أنْ يَأْتِيَ كُلَّ أُمَّةٍ رَسُولٌ خاصٌّ بِها وعَلى أنْ تَكُونَ مِنَ الإنْسِ خاصَّةً إذِ المَشْهُورُ أنَّهُ لَيْسَ مِنَ الجِنِّ رُسُلٌ وأنْبِياءُ ونَظِيرُهُ في هَذا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يَخْرُجُ مِنهُما اللُّؤْلُؤُ والمَرْجانُ﴾ فَإنَّهُما إنَّما يَخْرُجانِ مِنَ المِلْحِ فَقَطْ كَما سَيَأْتِي تَحْقِيقُهُ إنْ شاءَ اللَّهُ تَعالى.
والفَرّاءُ قَدَّرَ هُنا مُضافًا لِذَلِكَ أيْ مِن أحَدِكم وقالَ غَيْرُ واحِدٍ: المُرادُ بِالرُّسُلِ ما يَعُمُّ رُسُلَ الرُّسُلِ وقَدْ ثَبَتَ أنَّ الجِنَّ اسْتَمَعُوا لِلْقُرْآنِ وأنْذَرُوا بِهِ قَوْمَهم فَقَدْ قالَ سُبْحانَهُ: ﴿وإذْ صَرَفْنا إلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الجِنِّ يَسْتَمِعُونَ القُرْآنَ﴾ إلى قَوْلِهِ عَزَّ وجَلَّ: ﴿ولَّوْا إلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ﴾ وعَنِ الضَّحّاكِ وغَيْرِهِ أنَّ اللَّهَ تَعالى أرْسَلَ لِلْجِنِّ رُسُلًا مِنهم وصَرَّحَ بَعْضُهم أنَّ رَسُولًا مِنهم يُسَمّى يُوسُفَ وظاهِرُ الآيَةِ يَقْتَضِي إرْسالَ الرُّسُلِ إلى كُلٍّ مِنَ المَعْشَرَيْنِ مِن جِنْسِهِمْ وادَّعى بَعْضٌ قِيامَ الإجْماعِ عَلى أنَّهُ لَمْ يُرْسَلْ إلى الجِنِّ رَسُولٌ مِنهم وإنَّما أُرْسِلَ إلَيْهِمْ مَنِ الإنْسِ وهَلْ كانَ ذَلِكَ قَبْلَ بَعْثَةِ نَبِيِّنا عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ أمْ لا الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الكَلْبِيُّ الثّانِي قالَ: كانَ الرُّسُلُ يُرْسَلُونَ إلى الإنْسِ حَتّى بُعِثَ مُحَمَّدٌ ﷺ إلى الإنْسِ والجِنِّ ﴿يَقُصُّونَ عَلَيْكم آياتِي﴾ الَّتِي أوْحَيْتُها إلَيْهِمْ والجُمْلَةُ صِفَةٌ أُخْرى لِرُسُلٍ مُحَقِّقَةٌ لِما هو المُرادُ مِن إرْسالِهِمْ مِنَ التَّبْلِيغِ والإنْذارِ وقَدْ حَصَلَ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إلى الثَّقَلَيْنِ ﴿ويُنْذِرُونَكُمْ﴾ أيْ يُخَوِّفُونَكم بِما في تَضاعِيفِها مِنَ القَوارِعِ ﴿لِقاءَ يَوْمِكم هَذا﴾ أيْ يَوْمَ الحَشْرِ الَّذِي قَدْ عايَنُوا فِيهِ ما عايَنُوا ﴿قالُوا﴾ اسْتِئْنافٌ بَيانِيٌّ والمَقْصُودُ مِنهُ حِكايَةُ قَوْلِهِمْ: كَيْفَ يَقُولُونَ وكَيْفَ يَعْتَرِفُونَ ﴿شَهِدْنا عَلى أنْفُسِنا﴾ أيْ بِإيتاءِ الرُّسُلِ وقَصِّهِمْ وإنْذارِهِمْ وبِمُقابَلَتِهِمْ إيّاهم بِالكُفْرِ والتَّكْذِيبِ وقَوْلُهُ سُبْحانَهُ: ﴿وغَرَّتْهُمُ الحَياةُ الدُّنْيا﴾ مَعَ ما عُطِفَ عَلَيْهِ اعْتِراضٌ لِبَيانِ ما أدّاهم في الدُّنْيا إلى ارْتِكابِ القَبائِحِ الَّتِي ارْتَكَبُوها وألْجَأهم في الآخِرَةِ إلى الِاعْتِرافِ بِالكُفْرِ واسْتِيجابِ العَذابِ وذَمٌّ لَهم بِذَلِكَ وتَسْفِيهٌ لِرَأْيِهِمْ فَلا تَكْرارَ في الشَّهادَتَيْنِ أيْ واغْتَرُّوا في الدُّنْيا بِالحَياةِ الدَّنِيئَةِ واللَّذّاتِ الخَسِيسَةِ الفانِيَةِ وأعْرَضُوا عَنِ النَّعِيمِ المُقِيمِ الَّذِي بَشَّرَتْ بِهِ الرُّسُلُ عَلَيْهِمُ السَّلامُ واجْتَرَؤُوا عَلى ارْتِكابِ ما يَجُرُّهم إلى العَذابِ المُؤَبَّدِ الَّذِي أنْذَرُوهم إيّاهُ ﴿وشَهِدُوا﴾ في الآخِرَةِ ﴿عَلى أنْفُسِهِمْ أنَّهم كانُوا﴾ في الدُّنْيا ﴿كافِرِينَ﴾ (130) بِالآياتِ والنُّذُرِ واضْطُرُّوا إلى الِاسْتِسْلامِ لِأشَدِّ العَذابِ وفي ذَلِكَ مِن تَحَسُّرِهِمْ وتَحْذِيرِ السّامِعِينَ عَنْ مِثْلِ صَنِيعِهِمْ ما لا مَزِيدَ عَلَيْهِ.
{"ayah":"یَـٰمَعۡشَرَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ أَلَمۡ یَأۡتِكُمۡ رُسُلࣱ مِّنكُمۡ یَقُصُّونَ عَلَیۡكُمۡ ءَایَـٰتِی وَیُنذِرُونَكُمۡ لِقَاۤءَ یَوۡمِكُمۡ هَـٰذَاۚ قَالُوا۟ شَهِدۡنَا عَلَىٰۤ أَنفُسِنَاۖ وَغَرَّتۡهُمُ ٱلۡحَیَوٰةُ ٱلدُّنۡیَا وَشَهِدُوا۟ عَلَىٰۤ أَنفُسِهِمۡ أَنَّهُمۡ كَانُوا۟ كَـٰفِرِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق