الباحث القرآني
﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إلَهَ إلا هُوَ﴾ وحْدَهُ سُبْحانَهُ ﴿عالِمُ الغَيْبِ﴾ وهو ما لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ عِلْمُ مَخْلُوقٍ وإحْساسُهُ أصْلًا وهو الغَيْبُ المُطْلَقُ ﴿والشَّهادَةِ﴾ وهو ما يُشاهِدُهُ مَخْلُوقٌ.
قالَ الرّاغِبُ: الشُّهُودُ والشَّهادَةُ الحُضُورُ مَعَ المُشاهَدَةِ إمّا بِالبَصَرِ أوْ بِالبَصِيرَةِ، وقَدْ يُعْتَبَرُ الحُضُورُ مُفْرَدًا لَكِنَّ الشُّهُودَ بِالحُضُورِ المُجَرَّدِ أوْلى والشَّهادَةُ مَعَ المُشاهَدَةِ أوْلى، وحَمْلُ الغَيْبِ عَلى المُطْلَقِ هو المُتَبادَرُ، وألْ فِيهِ لِلِاسْتِغْراقِ إذْ لا قَرِينَةَ لِلْعَهْدِ، ومَقامُ المَدْحِ يَقْتَضِيهِ مَعَ قَوْلِهِ تَعالى: ”عَلّامُ الغُيُوبِ“ [المائِدَةَ: 109، 116، التَّوْبَةَ: 78، سَبَأ: 48] فَيَشْمَلُ كُلَّ غَيْبٍ واجِبًا كانَ أوْ مُمْكِنًا مَوْجُودًا أوْ مَعْدُومًا أوْ مُمْتَنِعًا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ عِلْمُ مَخْلُوقٍ، ويُطْلَقُ الغَيْبُ عَلى ما لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ عِلْمُ مَخْلُوقٍ مُعَيَّنٍ وهو الغَيْبُ المُضافُ أيِ الغَيْبُ بِالنِّسْبَةِ إلى ذَلِكَ المَخْلُوقِ وهو عَلى ما قِيلَ: مُرادُ الفُقَهاءِ في قَوْلِهِمْ: مُدَّعِي عِلْمِ الغَيْبِ كافِرٌ، وهَذا قَدْ يَكُونُ مِن عالَمِ الشَّهادَةِ كَما لا يَخْفى، وذِكْرُ الشَّهادَةِ مَعَ أنَّهُ إذا كانَ كُلُّ غَيْبٍ مَعْلُومًا لَهُ تَعالى كانَ كُلُّ شَهادَةٍ مَعْلُومًا لَهُ سُبْحانَهُ بِالطَّرِيقِ الأوْلى مِن بابِ قَوْلِهِ عَزَّ وجَلَّ: ﴿لا يُغادِرُ صَغِيرَةً ولا كَبِيرَةً إلا أحْصاها﴾ [الكَهْفَ: 49]، وقِيلَ: الغَيْبُ ما لا يَقَعُ عَلَيْهِ الحِسُّ مِنَ المَعْدُومِ أوِ المَوْجُودِ الَّذِي لا يُدْرَكُ، والشَّهادَةُ ما يَقَعُ عَلَيْهِ الإدْراكُ بِالحِسِّ.
وقالَ الإمامُ أبُو جَعْفَرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ: الغَيْبُ ما لَمْ يَكُنْ والشَّهادَةُ ما كانَ، وقالَ الحَسَنُ: الغَيْبُ السِّرُّ والشَّهادَةُ العَلانِيَةُ، وقِيلَ: الأوَّلُ الدُّنْيا بِما فِيها والثّانِي الآخِرَةُ بِما فِيها، وقِيلَ: الأوَّلُ الجَواهِرُ المُجَرَّدَةُ وأحْوالُها والثّانِي الأجْرامُ والأجْسامُ وأعْراضُها، وفِيهِ أنَّ في ثُبُوتِ المُجَرَّداتِ خِلافًا قَوِيًّا، وأكْثَرُ السَّلَفِ عَلى نَفْيِها، وتَقْدِيمُ الغَيْبِ لِأنَّ العِلْمَ بِهِ كالدَّلِيلِ عَلى العِلْمِ بِالشَّهادَةِ، وقِيلَ: لِتَقَدُّمِهِ عَلى الشَّهادَةِ فَإنَّ كُلَّ شَهادَةٍ كانَ غَيْبًا وما بَرَزَ ما بَرَزَ إلّا مِن خَزائِنِ الغَيْبِ، وصاحِبُ القِيلِ الأخِيرِ يَقُولُ: إنَّ تَقْدِيمَ الغَيْبِ لِتَقَدُّمِهِ في الوُجُودِ وتَعَلُّقِ العِلْمِ القَدِيمِ بِهِ، واسْتُدِلَّ بِالآيَةِ عَلى أنَّهُ تَعالى عالِمٌ بِجَمِيعِ المَعْلُوماتِ، ووَجْهُهُ ما أشَرْنا إلَيْهِ، وتَتَضَمَّنُ عَلى ما قِيلَ: دَلِيلًا آخَرَ عَلَيْهِ لِأنَّها تَدُلُّ عَلى أنَّهُ لا مَعْبُودَ إلّا هو ويَلْزَمُهُ أنْ يَكُونَ سُبْحانَهُ خالِقًا لِكُلِّ شَيْءٍ بِالِاخْتِيارِ كَما هو الواقِعُ في نَفْسِ الأمْرِ، والخَلْقُ بِالِاخْتِيارِ يَسْتَحِيلُ بِدُونِ العِلْمِ، ومِن هُنا قِيلَ: الِاسْتِدْلالُ بِها عَلى هَذا المَطْلَبِ أوْلى مِنَ الِاسْتِدْلالِ بِقَوْلِهِ تَعالى: ”واللَّهُ بِكُلِ شَيْءٍ عَلِيمٌ“ [البَقَرَةَ: 282، النِّساءَ: 176، النُّورَ: 35، 64، الحُجُراتِ: 16، التَّغابُنَ: 11] ﴿هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾ بِرَحْمَةٍ تَلِيقُ بِذاتِهِ سُبْحانَهُ، والتَّأْوِيلُ وإنْ ذَكَرَهُ عُلَماءُ أجِلّاءُ مِنَ الماتُرِيدِيَّةِ والأشاعِرَةِ لا يَحْتاجُ إلَيْهِ سَلَفِيٌّ كَما حَقَّقَ في التَّمْيِيزِ وغَيْرِهِ.
{"ayah":"هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِی لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَۖ عَـٰلِمُ ٱلۡغَیۡبِ وَٱلشَّهَـٰدَةِۖ هُوَ ٱلرَّحۡمَـٰنُ ٱلرَّحِیمُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق