الباحث القرآني
(p-38)
سُورَةُ الحَشْرِ
قالَ البِقاعِيُّ: وتُسَمّى سُورَةَ - بَنِي النَّضِيرِ - وأخْرَجَ البُخارِيُّ وغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ جُبَيْرٍ قالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبّاسٍ سُورَةُ الحَشْرِ، قالَ: قُلْ: سُورَةُ بَنِي النَّضِيرِ، قالَ ابْنُ حَجَرٍ: كَأنَّهُ كَرِهَ تَسْمِيَتَها بِالحَشْرِ لِئَلّا يُظَنَّ أنَّ المُرادَ بِهِ يَوْمُ القِيامَةِ وإنَّما المُرادُ ها هُنا إخْراجُ بَنِي النَّضِيرِ.
وهِيَ مَدَنِيَّةٌ، وآيُها أرْبَعٌ وعِشْرُونَ بِلا خِلافٍ، ومُناسَبَتُها لِما قَبْلَها أنَّ في آخِرِ تِلْكَ ﴿كَتَبَ اللَّهُ لأغْلِبَنَّ أنا ورُسُلِي﴾ [المُجادَلَةَ: 21] وفي أوَّلِ هَذِهِ ﴿فَأتاهُمُ اللَّهُ مِن حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وقَذَفَ في قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ﴾ [الحَشْرَ: 2] وفي آخِرِ تِلْكَ ذَكَرَ مَن حادَّ اللَّهَ ورَسُولَهُ، وفي أوَّلِ هَذِهِ ذَكَرَ مَنشاقّاللَّهَ ورَسُولَهُ، وأنَّ في الأُولى ذَكَرَ حال المُنافِقِينَ واليَهُودِ وتَوَلِّيَ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، وفي هَذِهِ ذَكَرَ ما حَلَّ بِاليَهُودِ وعَدَمَ إغْناءِ تَوَلِّي المُنافِقِينَ إيّاهم شَيْئًا، فَقَدْ رُوِيَ أنَّ بَنِي النَّضِيرِ كانُوا قَدْ صالَحُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلى أنْ لا يَكُونُوا عَلَيْهِ ولا لَهُ فَلَمّا ظَهَرَ يَوْمَ بَدْرٍ قالُوا: هو النَّبِيُّ الَّذِي نُعِتَ في التَّوْراةِ لاتُرَدُّلَهُ رايَةٌ فَلَمّا هُزِمَ المُسْلِمُونَ يَوْمَ أُحُدٍ ارْتابُوا ونَكَثُوا، فَخَرَجَ كَعْبُ بْنُ الأشْرَفِ في أرْبَعِينَ راكِبًا إلى مَكَّةَ فَحالَفُوا عَلَيْهِ قُرَيْشًا عِنْدَ الكَعْبَةِ فَأخْبَرَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ الرَّسُولَ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِذَلِكَ فَأمَرَ بِقَتْلِ كَعْبٍ فَقَتَلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ غِيلَةً وهو عَرُوسٌ بَعْدَ أنْ أخَذَ بِفَوْدِ رَأْسِهِ أخُوهُ رِضاعًا أبُو نائِلَةَ سِلْكانُ بْنُ سَلامَةَ أحَدُ بَنِي عَبْدِ الأشْهَلِ، وكانَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ قَدِ اطَّلَعَ مِنهم عَلى خِيانَةٍ حِينَ أتاهم يَسْتَعِينُهم في دِيَةِ المُسْلِمِينَ مِن بَنِي عامِرٍ اللَّذَيْنِ قَتَلَهُما عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ عِنْدَ مُنْصَرَفِهِ مِن بِئْرِ مَعُونَةَ فَهَمُّوا بِطَرْحِ الحَجَرِ عَلَيْهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَعَصَمَهُ اللَّهُ تَعالى، وبَعْدَ أنْ قُتِلَ كَعْبٌ بِأشْهُرٍ عَلى الصَّحِيحِ لا عَلى الأثَرِ كَما قِيلَ: أمَرَ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِالتَّهَيُّؤِ لِحَرْبِهِمْ والسَّيْرِ إلَيْهِمْ وكانَ ذَلِكَ سَنَةَ أرْبَعٍ في شَهْرِ رَبِيعٍ الأوَّلِ وكانُوا بِقَرْيَةٍ يُقالُ لَها: الزَّهْرَةُ فَسارَ المُسْلِمُونَ مَعَهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ وهو عَلى حِمارٍ مَخْطُومٍ بِلِيفٍ. وقِيلَ: عَلى جَمَلٍ واسْتَعْمَلَ عَلى المَدِينَةِ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ حَتّى إذا نَزَلَ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِهِمْ وجَدَهم يَنُوحُونَ عَلى كَعْبٍ، وقالُوا: ذَرْنا نَبْكِي شُجُونًا ثُمَّ ائْتَمِرْ أمْرَكَ فَقالَ: اخْرُجُوا مِنَ المَدِينَةِ فَقالُوا: المَوْتُ أقْرَبُ لَنا مِن ذَلِكَ فَتَنادَوْا بِالحَرْبِ، وقِيلَ: اسْتَمْهَلُوهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ عَشَرَةَ أيّامٍ لِيَتَجَهَّزُوا لِلْخُرُوجِ ودَسَّ المُنافِقُونَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ وأضْرابُهُ إلَيْهِمْ أنْ لا يَخْرُجُوا مِنَ الحِصْنِ فَإنْ قاتَلُوكم فَنَحْنُ مَعَكم ولْنَنْصُرَنَّكم وإنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكم فَدُرِّبُوا عَلى الأزِقَّةِ وحَصَّنُوها ثُمَّ أجْمَعُوا عَلى الغَدْرِ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقالُوا: اخْرُجْ في ثَلاثِينَ مِن أصْحابِكَ ويَخْرُجُ مِنّا ثَلاثُونَ لِيَسْمَعُوا مِنكَ فَإنْ صَدَّقُوكَ آمَنّا كُلُّنا فَفَعَلَ فَقالُوا: كَيْفَ نَفْهَمُ ونَحْنُ سِتُّونَ اخْرُجْ في ثَلاثَةٍ ويَخْرُجُ إلَيْكَ ثَلاثَةٌ مِن عُلَمائِنا فَفَعَلَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ فاشْتَمَلُوا عَلى الخَناجِرَ وأرادُوا الفَتْكَ فَأرْسَلَتِ امْرَأةٌ مِنهم ناصِحَةً إلى أخِيها وكانَ مُسْلِمًا فَأخْبَرَتْهُ بِما أرادُوا فَأسْرَعَ إلى الرَّسُولِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَسارَّهُ بِخَبَرِهِمْ قَبْلَ أنْ يَصِلَ إلَيْهِمْ فَلَمّا كانَ مِنَ الغَدِ غَدا عَلَيْهِمْ بِالكَتائِبِ فَحاصَرَهم - عَلى ما قالَ ابْنُ هِشامٍ في سِيرَتِهِ - سِتَّ لَيالٍ، وقِيلَ: إحْدى وعِشْرِينَ لَيْلَةً فَقَذَفَ اللَّهُ تَعالى في قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ وأيِسُوا مِن نَصْرِ المُنافِقِينَ فَطَلَبُوا الصُّلْحَ فَأبى عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ عَلَيْهِمْ إلّا الجَلاءَ عَلى أنْ يَحْمِلَ كُلُّ ثَلاثَةِ أبْياتٍ عَلى بَعِيرِ ما شاؤُوا مِنَ المَتاعِ فَجُلُوا إلى الشّامِ إلى أرِيحا وأذْرِعاتٍ إلّا أهْلَ بَيْتَيْنِ مِنهم آلُ سَلامِ (p-39)
بْنِ أبِي الحَقِيقِ وآلُ كِنانَةَ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ أبِي الحَقِيقِ وآلُ حُيَيِّ بْنِ أخْطَبَ فَلَحِقُوا بِخَيْبَرَ ولَحِقَتْ طائِفَةٌ بِالحِيرَةِ وقَبَضَ النَّبِيُّ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ أمْوالَهم وسِلاحَهم فَوَجَدَ خَمْسِينَ دِرْعًا وخَمْسِينَ بَيْضَةً وثَلاثَمِائَةٍ وأرْبَعِينَ سَيْفًا وكانَ ابْنُ أُبَيٍّ قَدْ قالَ لَهم: مَعِي ألْفانِ مِن قَوْمِي وغَيْرِهِمْ أُمِدُّكم بِها وتَمُدُّكم قُرَيْظَةُ وحُلَفاؤُكم مِن غَطَفانَ فَلَمّا نازَلَهم صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ اعْتَزَلَتْهم قُرَيْظَةُ وخَذَلَهُمُ ابْنُ أُبَيٍّ وحُلَفاؤُهم مِن غَطَفانَ فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى قَوْلَهُ عَزَّ وجَلَّ:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴿سَبَّحَ لِلَّهِ ما في السَّماواتِ وما في الأرْضِ وهو العَزِيزُ الحَكِيمُ﴾ إلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿واللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [الحَشْرَ: 6] وتَقَدَّمَ الكَلامُ عَلى نَظِيرِ هَذِهِ الجُمْلَةِ في صَدْرِ سُورَةِ الحَدِيدِ، وكَرَّرَ المَوْصُولَها هُنا لِزِيادَةِ التَّقْرِيرِ والتَّنْبِيهِ عَلى اسْتِقْلالِ كُلٍّ مِنَ الفَرِيقَيْنِ بِالتَّسْبِيحِ،
{"ayah":"سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَمَا فِی ٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡحَكِیمُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق