الباحث القرآني

وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿الَّذِينَ يَبْخَلُونَ ويَأْمُرُونَ النّاسَ بِالبُخْلِ﴾ بَدَلٌ مِن ﴿كُلَّ مُخْتالٍ﴾ بَدَلَ كُلٍّ مِن كُلٍّ فَإنَّ المُخْتالَ بِالمالِ يَضِنُّ بِهِ غالِبًا ويَأْمُرُ غَيْرَهُ بِذَلِكَ، والظّاهِرُ أنَّ المُرادَ أنَّهم يَأْمُرُونَ حَقِيقَةً، وقِيلَ: كانُوا قُدْوَةً فَكَأنَّهم يَأْمُرُونَ أوْ هو خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أيْ هُمُ الَّذِينَ إلَخْ، أوْ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ يُعْرِضُونَ عَنِ الإنْفاقِ الغَنِيِّ عَنْهُ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ، ويَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ومَن يَتَوَلَّ فَإنَّ اللَّهَ هو الغَنِيُّ الحَمِيدُ﴾ فَإنَّ مَعْناهُ ومَن يُعْرِضْ عَنِ الإنْفاقِ فَإنَّ اللَّهَ سُبْحانَهُ غَنِيٌّ عَنْهُ وعَنْ إنْفاقِهِ مَحْمُودٌ في ذاتِهِ لا يَضُرُّهُ الإعْراضُ عَنْ شُكْرِهِ بِالتَّقَرُّبِ إلَيْهِ بِشَيْءٍ مِن نِعَمِهِ جَلَّ جَلالُهُ، وقِيلَ: تَقْدِيرُهُ مُسْتَغْنًى عَنْهم، أوْ مَوْعُودُونَ بِالعَذابِ أوْ مَذْمُومُونَ. وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ في مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلى إضْمارِ أعْنِي أوْ عَلى أنَّهُ نَعْتٌ - لِكُلِّ مُخْتالٍ - فَإنَّهُ مُخَصَّصٌ نَوْعًا ما مِنَ التَّخْصِيصِ فَساغَ وصْفُهُ بِالمَعْرِفَةِ وهَذا لَيْسَ بِشَيْءٍ، وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: جَوازُ مِثْلِ ذَلِكَ مَذْهَبُ الأخْفَشِ ولا يَخْفى ما في الجُمْلَةِ مِنَ الإشْعارِ بِالتَّهْدِيدِ لِمَن تَوَلّى، وقَرَأ نافِعٌ وابْنُ عامِرٍ - فَإنَّ اللَّهَ الغَنِيُّ - بِإسْقاطِ - هو - وكَذا في مَصاحِفِ المَدِينَةِ والشّامِ وهو في القِراءَةِ الأُخْرى ضَمِيرُ فَصْلٍ، قالَ أبُو عَلِيٍّ: ولا يَحْسُنُ أنْ يَكُونَ مُبْتَدَأً وإلّا لِمَ لَمْ يَجُزْ حَذْفُهُ في القِراءَةِ الثّانِيَةِ لِأنَّ ما بَعْدَهُ صالِحٌ لِأنْ يَكُونَ خَبَرًا فَلا يَكُونُ هُناكَ دَلِيلٌ عَلى الحَذْفِ وهَذا مَبْنِيٌّ عَلى وُجُوبِ تَوافُقِ القِراءَتَيْنِ إعْرابًا ولَيْسَ بِلازِمٍ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب