الباحث القرآني
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَلَوْلا إذا بَلَغَتِ الحُلْقُومَ﴾ إلَخْ تَبْكِيتٌ كَما سَمِعْتَ وذَلِكَ بِاعْتِبارِ تَكْذِيبِهِمْ بِما نَطَقَ بِهِ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿نَحْنُ خَلَقْناكُمْ﴾ إلَخْ أعْنِي الآياتِ الدّالَّةَ عَلى كَوْنِهِمْ تَحْتَ مَلَكُوتِهِ تَعالى مِن حَيْثُ ذَواتِهِمْ ومِن حَيْثُ طَعامِهِمْ وشَرابِهِمْ وسائِرِ أسْبابِ مَعايِشِهِمْ - ولَوْلا - لِلتَّحْضِيضِ بِإظْهارِ عَجْزِهِمْ، ( وإذا ) ظَرْفِيَّةٌ، ( والحُلْقُومَ ) مَجْرى الطَّعامِ وضَمِيرُ ( بَلَغَتِ ) لِلنَّفْسِ لِانْفِهامِها مِنَ الكَلامِ وإنْ لَمْ يَجْرِ لَها ذِكْرٌ قَبْلُ، والمُرادُ بِها الرُّوحُ بِمَعْنى البُخارِ المُنْبَعِثِ عَنِ القَلْبِ دُونَ النَّفْسِ النّاطِقَةِ فَإنَّها لا تُوصَفُ بِما ذُكِرَ وكَأنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلى القَوْلِ بِتَجَرُّدِ النَّفْسِ النّاطِقَةِ وهي المُسَمّاةُ بِالرُّوحِ الأمْرِيَّةِ، وأنَّها لا داخِلَ البَدَنِ ولا خارِجَهُ ولا تَتَّصِفُ بِصِفاتِ الأجْسامِ كالصُّعُودِ والنُّزُولِ وغَيْرِهِما عَلى ما اخْتارَهُ حُجَّةُ الإسْلامِ الغَزالِيُّ وجَماعَةٌ مِنَ المُحَقِّقِينَ، ومَذْهَبُ السَّلَفِ أنَّ النَّفْسَ النّاطِقَةَ وهي الرُّوحُ المُشارُ إلَيْها بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿ويَسْألُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحِ مِن أمْرِ رَبِّي﴾ [الإسْراءَ: 85] جِسْمٌ لَطِيفٌ جِدًّا سارَ في البَدَنِ سَرَيانَ ماءِ الوَرْدِ في الوَرْدِ وهو حَيٌّ بِنَفْسِهِ يَتَّصِفُ بِالخُرُوجِ والدُّخُولِ وغَيْرِهِما مِن صِفاتِ الأجْسامِ وقَدْ رَدَّ العَلّامَةُ ابْنُ القَيِّمِ قَوْلَ الغَزالِيِّ ومَن وافَقَهُ بِأدِلَّةٍ كَثِيرَةٍ ذَكَرَها في كِتابِهِ الرُّوحِ، ووَصْفُها بِبُلُوغِ الحُلْقُومِ عَلَيْهِ ظاهِرٌ.
وأمّا عَلى القَوْلِ بِالتَّجَرُّدِ وعَدَمِ التَّحَيُّزِ فَقِيلَ: المُرادُ بِهِ ضَعْفُ التَّعَلُّقِ بِالبَدَنِ وقُرْبُ انْقِطاعِهِ عَنْهُ فَكَأنَّهُ قِيلَ: فَلَوْلا إذا حانَ انْقِطاعُ تَعَلُّقِ الرُّوحِ بِالبَدَنِ ﴿وأنْتُمْ﴾ أيُّها الخاسِرُونَ حَوْلَ صاحِبِها ﴿حِينَئِذٍ﴾ أيْ حِينَ إذْ بَلَغَتِ الحُلْقُومُ ووَصَلَتْ إلَيْهِ أوْ حانَ انْقِطاعُ تَعَلُّقِها ﴿تَنْظُرُونَ﴾ إلى ما يُقاسِيهِ مِنَ الغَمَراتِ، وقِيلَ: ( تَنْظُرُونَ ) حالَكم ووَجْهُهُ أنَّهم يَعْلَمُونَ أنَّ ما جَرى عَلَيْهِ يَجْرِي عَلَيْهِمْ فَكَأنَّهم شاهَدُوا حالَ أنْفُسِهِمْ ولَيْسَ بِذاكَ.
وقَرَأ عِيسى حِينِئِذٍ بِكَسْرِ النُّونِ إتْباعًا لِحَرَكَةِ الهَمْزَةِ في إذْ ﴿ونَحْنُ أقْرَبُ إلَيْهِ﴾ أيِ المُحْتَضَرِ المَفْهُومِ مِنَ الكَلامِ ﴿مِنكُمْ﴾ والمُرادُ بِالقُرْبِ العِلْمُ وهو مِن إطْلاقِ السَّبَبِ وإرادَةِ المُسَبَّبِ فَإنَّ القُرْبَ أقْوى سَبَبٍ لِلِاطِّلاعِ والعِلْمِ، وقالَ غَيْرُ واحِدٍ: المُرادُ القُرْبُ عِلْمًا وقُدْرَةً أيْ نَحْنُ أقْرَبُ إلَيْهِ مِن كُلِّ ذَلِكَ مِنكم حَيْثُ لا تَعْرِفُونَ مِن حالِهِ إلّا ما تُشاهِدُونَهُ مِن آثارِ الشِّدَّةِ مِن غَيْرِ أنْ تَقِفُوا عَلى كُنْهِها وكَيْفِيَّتِها وأسْبابِها الحَقِيقِيَّةِ ولا أنْ تَقْدِرُوا عَلى مُباشَرَةِ دَفْعِها إلّا بِما لا يُنْجِعُ شَيْئًا ونَحْنُ المُسْتَوْلُونَ لِتَفاصِيلِ أحْوالِهِ بِعِلْمِنا وقُدْرَتِنا أوْ بِمَلائِكَةِ المَوْتِ ﴿ولَكِنْ لا تُبْصِرُونَ﴾ لا تُدْرِكُونَ كَوْنَنا أقْرَبَ إلَيْهِ مِنكم لِجَهْلِكم بِشُؤُونِنا وقَدْ عَلِمْتَ أنَّ الخِطابَ لِلْكُفّارِ، وقِيلَ: لا تُدْرِكُونَ كُنْهَ ما يَجْرِي عَلَيْهِ عَلى أنَّ الِاسْتِدْراكَ مِن تَنْظُرُونَ والإبْصارُ مِنَ البَصَرِ بِالعَيْنِ تَجَوُّزٌ بِهِ عَنِ الإدْراكِ أوْ هو مِنَ البَصِيرَةِ بِالقَلْبِ وقِيلَ: أُرِيدَ بِأقْرَبِيَّتِهِ تَعالى إلَيْهِ مِنهم أقْرَبِيَّةُ رُسُلِهِ عَزَّ وجَلَّ أيْ ورُسُلُنا الَّذِينَ يَقْبِضُونَ رُوحَهُ ويُعالِجُونَ إخْراجَها أقْرَبُ إلَيْهِ مِنهم ولَكِنْ لا تُبْصِرُونَهُمْ
{"ayahs_start":83,"ayahs":["فَلَوۡلَاۤ إِذَا بَلَغَتِ ٱلۡحُلۡقُومَ","وَأَنتُمۡ حِینَىِٕذࣲ تَنظُرُونَ","وَنَحۡنُ أَقۡرَبُ إِلَیۡهِ مِنكُمۡ وَلَـٰكِن لَّا تُبۡصِرُونَ"],"ayah":"فَلَوۡلَاۤ إِذَا بَلَغَتِ ٱلۡحُلۡقُومَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











