الباحث القرآني
﴿فَبِأيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿حُورٌ﴾ بَدَلٌ مِن ﴿خَيْراتٌ﴾ وهو جَمْعُ حَوْراءَ وكَذا جَمْعُ أحْوَرَ، والمُرادُ بِيضٌ كَما أخْرَجَهُ ابْنُ المُنْذِرِ وغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ورَوَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ أيْضًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ:
وقالَ ابْنُ الأثِيرِ: الحَوْراءُ هي الشَّدِيدَةُ بَياضُ العَيْنِ الشَّدِيدَةُ سَوادُها، وفي القامُوسِ الحَوَرُ بِالتَّحْرِيكِ أنْ يَشْتَدَّ بَياضُ بَياضَ العَيْنِ وسَوادُ سَوادَها وتَسْتَدِيرُ حَدَقَتُها وتَرِقُّ جُفُونُها ويُبَيِّضُ ما حَوالَيْها أوْ شَدَّةُ بَياضِها وسَوادِها في بَياضِ الجَسَدِ، أوِ اسْوِدادُ العَيْنِ كُلِّها مِثْلُ الظِّباءِ ولا يَكُونُ في بَنِي آدَمَ بَلْ يُسْتَعارُ لَها. وإذا صَحَّ حَدِيثُ أمِّ سَلَمَةَ لَمْ يَعْدِلْ في القُرْآنِ عَنْ تَفْسِيرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ.
﴿مَقْصُوراتٌ في الخِيامِ﴾ أيْ مُخَدِّراتٍ يُقالُ: امْرَأةٌ قَصِيرَةٌ ومَقْصُورَةٌ أيْ مُخَدَّرَةٌ مُلازِمَةٌ لِبَيْتِها لا تَطُوفُ في الطُّرُقِ، قالَ كُثَيْرُ عَزَّةَ:
؎وأنْتِ الَّتِي حَبَّبْتِ كُلَّ قَصِيرَةٍ إلَيَّ ولَمْ تَشْعُرْ بِذاكَ القَصائِرُ
؎عَنَيْتُ قَصِيراتِ الحِجالِ ولَمْ أُرِدْ ∗∗∗ قِصارَ الخُطا شَرَّ النِّساءِ البَحاتِرِ
والنِّساءُ يُمْدَحْنَ بِمُلازَمَتِهِنَّ البُيُوتَ لِدَلالَتِها عَلى صِيانَتِهِنَّ كَما قالَ قَيْسُ بْنُ الأسْلَتِ:
؎وتَكْسَلُ عَنْ جاراتِها فَيَزُرْنَها ∗∗∗ وتَغْفُلُ عَنْ أبْياتِهِنَّ فَتُعْذَرُ
وهَذا التَّفْسِيرُ مَأْثُورٌ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ والحَسَنِ والضَّحّاكِ وهو رِوايَةٌ عَنْ مُجاهِدٍ، وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ وهُنادُ بْنُ السَّرِيِّ وابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ أنَّهُ قالَ: ﴿مَقْصُوراتٌ﴾ قُلُوبُهُنَّ وأبْصارُهُنَّ ونُفُوسُهُنَّ عَلى أزْواجِهِنَّ، والأوَّلُ أظْهَرُ، و ﴿فِي الخِيامِ﴾ عَلَيْهِ مُتَعَلِّقٌ بِمَقْصُوراتٍ، وعَلى الثّانِي يُحْتَمَلُ ذَلِكَ، ويُحْتَمَلُ كَوْنُهُ صِفَةً ثانِيَةً لِحُورٍ فَلا تَغْفَلُ، والخِيامُ جَمْعُ خَيْمَةَ - وهي عَلى ما في البَحْرِ - بَيْتٌ مِن خَشَبٍ وثُمامٍ وسائِرِ الحَشِيشِ، وإذا كانَ مِن شَعْرٍ فَهو بَيْتٌ ولا يُقالُ لَهُ خَيْمَةً وقالَ غَيْرُ واحِدٍ: هي كُلُّ بَيْتٍ مُسْتَدِيرٍ أوْ ثَلاثَةُ أعْوادٍ أوْ أرْبَعَةٌ يُلْقى عَلَيْها الثُّمامُ ويُسْتَظَلُّ بِها في الحَرِّ أوْ كُلُّ بَيْتٍ يُبْنى مِن عِيدانِ الشَّجَرِ وتُجْمَعُ أيْضًا عَلى خَيْماتٍ وخَيْمُ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ وخِيَمُ بِالفَتْحِ وكَعِنَبِ - والخِيامُ هُنا بُيُوتٌ مِن لُؤْلُؤٍ - أخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ وجَماعَةٌ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهُ قالَ: الخَيْمَةُ مِن لُؤْلُؤَةٍ واحِدَةٍ مُجَوَّفَةٍ أرْبَعَةِ فَراسِخَ لَها أرْبَعَةُ آلافِ مِصْراعٍ مِن ذَهَبٍ، وأخْرَجَ جَماعَةٌ عَنْ أبِي الدَّرْداءِ أنَّهُ قالَ: الخَيْمَةُ لُؤْلُؤَةٌ واحِدَةٌ لَها سَبْعُونَ بابًا مِن دُرٍّ، وأخْرَجَ البُخارِيُّ ومُسْلِمٌ والتِّرْمِذِيُّ وغَيْرُهم عَنْ أبِي مُوسى الأشْعَرِيِّ «عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ أنَّهُ قالَ: الخَيْمَةُ دُرَّةٌ مُجَوَّفَةٌ طُولُها في السَّماءِ سِتُّونَ مَيْلًا في كُلِّ زاوِيَةٍ مِنها لِلْمُؤْمِنِ (p-124)أهْلٌ لا يَراهُمُ الآخَرُونَ يَطُوفُ عَلَيْهِمُ المُؤْمِنُ»، إلى ذَلِكَ مِنَ الأخْبارِ، وقَوْلُهُ سُبْحانَهُ: ﴿فِيهِنَّ﴾ إلَخْ دُونَ ما تَقَدَّمَ في الجَنَّتَيْنِ السّابِقَتَيْنِ أعْنِي قَوْلَهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ﴾ إلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿كَأنَّهُنَّ الياقُوتُ والمَرْجانُ﴾ [الرَّحْمَنِ: 58] في المَدْحِ عِنْدَ مَن فَضَّلَهُما عَلى الأخِيرَتَيْنِ قِيلَ لِما في ﴿مَقْصُوراتٌ﴾ عَلى التَّفْسِيرِ الثّانِي مِنَ الإشْعارِ بِالقَسْرِ في القَصْرِ، وأمّا عَلى تَفْسِيرِهِ الأوَّلِ فَكَوْنُهُ دُونَهُ ظاهِرٌ وإنْ لَمْ يُلاحِظْ كَوْنَها مُخَدَّرَةً فِيما تَقَدَّمَ، أوْ يَجْعَلُ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿كَأنَّهُنَّ الياقُوتُ والمَرْجانُ﴾ كِنايَةٌ عَنْهُ لِأنَّهُما مِمّا يُصانُ كَما قِيلَ: (جَوْهَرَةٌ أحْقاقُها الخُدُورُ) ومَن ذَهَبَ إلى تَفْضِيلِ الأخِيرَتَيْنِ يَقُولُ: هَذا أمْدَحُ لِعُمُومِ ﴿خَيْراتٌ حِسانٌ﴾ الصِّفاتُ الحَسَنَةُ خُلُقًا وخَلْقًا ويَدْخُلُ في ذَلِكَ قَصْرُ الطَّرْفِ وغَيْرُهُ مِمّا يَدُلُّ عَلَيْهِ التَّشْبِيهُ بِالياقُوتِ والمَرْجانِ، والمُرادُ بِالقاصِرِ عَلى التَّفْسِيرِ الثّانِي لِمَقْصُوراتٍ القاصِرُ الطَّبِيعِيُّ بِقَرِينَةِ المَقامِ فَيَكُونُ فِيهِ إشارَةٌ إلى تَعَذُّرِ تَرْكِ القَصْرِ مِنهُنَّ، و﴿قاصِراتُ الطَّرْفِ﴾ رُبَّما يُوهِمُ أنَّ القَصْرَ بِاخْتِيارِهِنَّ فَمَتى شِئْنَ قَصَرْنَ ومَتى لَمْ يَشَأْنَ لَمْ يَقْصُرْنَ.
{"ayahs_start":71,"ayahs":["فَبِأَیِّ ءَالَاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ","حُورࣱ مَّقۡصُورَ ٰتࣱ فِی ٱلۡخِیَامِ"],"ayah":"فَبِأَیِّ ءَالَاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق