الباحث القرآني

﴿فَإذا انْشَقَّتِ السَّماءُ﴾ أيِ انْصَدَعَتْ يَوْمَ القِيامَةِ، وحَدِيثُ امْتِناعِ الخَرْقِ حَدِيثُ خُرافَةٍ، ومَثْلُهُ ما يَقُولُهُ أهْلُ الهَيْئَةِ اليَوْمَ في السَّماءِ عَلى أنَّ الِانْشِقاقَ فِيها عَلى زَعْمِهِمْ أيْضًا مُتَصَوَّرٌ ﴿فَكانَتْ ورْدَةً﴾ أيْ كالوَرْدَةِ في الحُمْرَةِ، والمُرادُ بِها النُّورُ المَعْرُوفُ قالَهُ الزَّجّاجُ وقَتادَةُ، وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ وأبُو صالِحٍ: كانَتْ مِثْلَ لَوْنِ الفَرَسِ الوَرْدِ، والظّاهِرُ أنَّ مُرادَهُما كانَتْ حَمْراءَ. وقالَ الفَرّاءُ: أُرِيدَ لَوْنَ الفَرَسِ الوَرْدِ يَكُونُ في الرَّبِيعِ إلى الصُّفْرَةِ، وفي الشِّتاءِ إلى الحُمْرَةِ، وفي اشْتِدادِ البَرْدِ إلى الغَبَرَةِ فَشَبَّهَ تَلَوُّنَ السَّماءِ بِتَلَوُّنِ الوَرْدِ مِنَ الخَيْلِ، ورُوِيَ هَذا عَنِ الكَلْبِيُّ أيْضًا، وقالَ أبُو الجَوْزاءِ: ﴿ورْدَةً﴾ صَفْراءُ والمُعَوَّلُ عَلَيْهِ إرادَةُ الحُمْرَةِ، ونُصِبَ ﴿ورْدَةً﴾ عَلى أنَّهُ خَبَرُ - كانَ - وفي الكَلامِ تَشْبِيهٌ بَلِيغٌ، وقَرَأ عَبِيدُ بْنُ عُمَيْرٍ «ورْدَةٌ» بِالرَّفْعِ عَلى أنَّ - كانَ - تامَّةٌ أيْ فَحَصَلَتْ سَماءٌ ورْدَةٌ فَيَكُونُ مِن بابِ التَّجْرِيدِ لِأنَّهُ بِمَعْنى كانَتْ مِنها، أوْ فِيها سَماءُ ورْدَةُ مَعَ أنَّ المَقْصُودَ أنَّها نَفْسَها كَذَلِكَ فَهو كَقَوْلِ قَتادَةَ بْنِ مَسْلَمَةَ: ؎فَلَئِنْ بَقَيْتَ لَأرْحَلَنَّ بِغَزْوَةٍ نَحْوَ المَغانِمِ أوْ يَمُوتُ كَرِيمُ حَيْثُ عَنى بِالكَرِيمِ نَفْسَهُ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿كالدِّهانِ﴾ خَبَرٌ ثانٍ لِكانَتْ - أوْ نَعَتٌ - لِوَرْدَةٍ - أوْ حالٌ (p-114) مِنَ اسْمِ - كانَتْ - عَلى رَأْيِ مَن أجازَهُ أيْ كَدِهْنِ الزَّيْتِ كَما قالَ تَعالى: ( كالمُهْلِ ) [الكَهْفَ: 29، الدُّخانِ: 45، المَعارِجَ: 8] وهو دُرْدِيُّ الزَّيْتِ، وهو ما جُمِعَ دِهْنٍ كَقِرْطٍ وقِراطٍ، أوَ اسْمٌ لِما يُدْهَنُ بِهِ كالحِزامِ والأدامِ، وعَلَيْهِ قَوْلُهُ في وصْفِ عَيْنَيْنِ كَثِيرَتَيِ التَّذارُفِ: ؎كَأنَّهُما مَزادَتا مُتَعَجِّلٍ ∗∗∗ فَرِيّانِ لَمّا يُسْلَقا بِدِهانِ وهُوَ الدُّهْنُ أيْضًا إلّا أنَّهُ أخَصَّ لِأنَّهُ الدُّهْنُ بِاعْتِبارِ إشْرابِهِ الشَّيْءِ، ووَجْهُ الشَّبَهِ الذَّوَبانِ وهو في السَّماءِ عَلى مَقِيلٍ مِن حَرارَةِ جَهَنَّمَ وكَذا الحُمْرَةُ، وقِيلَ: اللَّمَعانُ، وقالَ الحَسَنُ: أيْ كالدِّهانِ المُخْتَلِفَةِ لِأنَّها تَتَلَوَّنُ ألْوانًا وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ: الدِّهانُ الأدِيمُ الأحْمَرُ ومِنهُ قَوْلُ الأعْشى: ؎وأجْرَدَ مِن فُحُولِ الخَيْلِ طِرْفٍ ∗∗∗ كَأنَّ عَلى شَواكِلِهِ دِهانًا وهُوَ مُفْرِدٌ، أوْ جَمْعٌ، واسْتَدَلَّ لِلثّانِي بِقَوْلِهِ: ؎تَبِعْنَ الدِّهانَ الحُمْرَ كُلَّ عَشِيَّةٍ ∗∗∗ بِمَوْسِمِ بَدْرٍ أوْ بِسُوقِ عُكاظِ وإذا شَرْطِيَّةٌ جَوابُها مُقَدَّرٌ أيْ كانَ ما كانَ مِمّا لا تُطِيقُهُ قُوَّةُ البَيانِ، أوْ وجَدْتَ أمْرًا هائِلًا، أوْ رَأيْتَ ما يُذْهِلُ النّاظِرِينَ وهو النّاصِبُ لإذا، ولِهَذا كانَ مُفَرَّعًا ومُسَبِّبًا عَمّا قَبْلَهُ لِأنَّ في إرْسالِ الشُّواظِ ما هو سَبَبٌ لِحُدُوثِ أمْرٍ هائِلٍ، أوْ رُؤْيَتِهِ في ذَلِكَ الوَقْتِ ﴿فَبِأيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ فَإنَّ الإخْبارَ بِنَحْوِ ما ذُكِرَ مِمّا يَزْجُرُ عَنِ الشَّرِّ فَهو لُطْفٌ أيُّ لُطْفٍ ونِعْمَةٌ أيُّ نِعْمَةٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب