الباحث القرآني

(p-65)﴿أفَرَأيْتَ الَّذِي تَوَلّى﴾ أيْ عَنِ اتِّباعِ الحَقِّ والثَّباتِ عَلَيْهِ ﴿وأعْطى قَلِيلا﴾ أيْ شَيْئًا قَلِيلًا، أوْ إعْطاءً قَلِيلًا ﴿وأكْدى﴾ أيْ قَطَعَ العَطاءَ مِن قَوْلِهِمْ حَفَرَ فَأكْدى إذا بَلَغَ إلى كُدْيَةٍ أيْ صَلابَةٍ في الأرْضِ فَلَمْ يُمْكِنْهُ الحَفْرُ، قالَ مُجاهِدٌ وابْنُ زَيْدٍ: نَزَلَتْ في الوَلِيدِ بْنِ المُغِيرَةِ كانَ قَدْ سَمِعَ قِراءَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ وجَلَسَ إلَيْهِ ووَعَظَهُ فَقَرُبَ مِنَ الإسْلامِ وطَمِعَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ ثُمَّ إنَّهُ عاتَبَهُ رَجُلٌ مِنَ المُشْرِكِينَ، وقالَ لَهُ: أتَتْرُكُ مِلَّةَ آبائِكَ ؟! ارْجِعْ إلى دِينِكَ واثْبُتْ عَلَيْهِ وأنا أتَحَمَّلُ عَنْكَ كُلَّ شَيْءٍ تَخافُهُ في الآخِرَةِ لَكِنْ عَلى أنْ تُعْطِيَنِي كَذا وكَذا مِنَ المالِ فَوافَقَهُ الوَلِيدُ عَلى ذَلِكَ ورَجَعَ عَمّا هَمَّبِهِ مِنَ الإسْلامِ وضَلَّ ضَلالًا بَعِيدًا، وأعْطى بَعْضَ المالِ لِذَلِكَ الرَّجُلِ ثُمَّ أمْسَكَ عَنْهُ وشَحَّ، وقالَ الضَّحّاكُ: هو النَّضْرُ بْنُ الحارِثِ أعْطى خَمْسَ قَلائِصَ لِفَقِيرٍ مِنَ المُهاجِرِينَ حَتّى ارْتَدَّ عَنْ دِينِهِ وضَمِنَ لَهُ أنْ يَحْمِلَ عَنْهُ مَأْثَمَ رُجُوعِهِ، وقالَ السُّدِّيُّ: نَزَلَتْ في العاصِ بْنِ وائِلٍ السَّهْمِيِّ كانَ يُوافِقُ النَّبِيَّ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ في بَعْضِ الأُمُورِ، وقالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: في أبِي جَهْلٍ قالَ: واللَّهِ ما يَأْمُرُ مُحَمَّدٌ إلّا بِمَكارِمِ الأخْلاقِ، والأوَّلُ هو الأشْهَرُ الأنْسَبُ لِما بَعْدَهُ مِن قَوْلِه ِسُبْحانَهُ: ﴿أعِنْدَهُ عِلْمُ الغَيْبِ﴾ إلى آخِرِهِ، وأمّا ما في الكَشّافِ مِن أنَّها نَزَلَتْ في عُثْمانَ بْنِ عَفّانَ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ كانَ يُعْطِي مالَهُ في الخَيْرِ فَقالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أبِي سَرْحٍ: يُوشِكُ أنْ لا يَبْقى لَكَ شَيْءٌ فَقالَ عُثْمانُ: إنَّ لِي ذُنُوبًا وخَطايا وإنِّي أطْلُبُ بِما أصْنَعُ رِضا اللَّهِ تَعالى وأرْجُو عَفْوَهُ فَقالَ عَبْدُ اللَّهِ: أعْطِنِي ناقَتَكَ بِرَحْلِها وأنا أحْمِلُ عَنْكَ ذُنُوبَكَ كُلَّها فَأعْطاهُ وأشْهَدَ عَلَيْهِ وأمْسَكَ عَنِ العَطاءِ فَباطِلٌ - كَما قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ - ولا أصْلَ لَهُ، وعُثْمانُ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ مُنَزَّهٌ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ، ( وأفَرَأيْتَ ) هُنا عَلى ما في البَحْرِ بِمَعْنى أخْبِرْنِي ومَفْعُولُها الأوَّلُ المَوْصُولُ، والثّانِي الجُمْلَةُ الِاسْتِفْهامِيَّةُ، والفاءُ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَهُوَ يَرى﴾ لِلتَّسَبُّبِ عَمّا قَبْلَهُ أيْ عِنْدَهُ عِلْمٌ بِالأُمُورِ الغَيْبِيَّةِ فَهو بِسَبَبِ ذَلِكَ يَعْلَمُ أنَّ صاحِبَهُ يَتَحَمَّلُ عَنْهُ يَوْمَ القِيامَةِ ما يَخافُهُ، وقِيلَ: يَرى أنَّ ما سَمِعَهُ مِنَ القُرْآنِ باطِلٌ: وقالَ الكَلْبِيُّ: المَعْنى أأُنْزِلَ عَلَيْهِ قُرْآنٌ فَرَأى أنَّ ما صَنَعَهُ حَقٌّ، وأيًّا ما كانَ - فَيَرى - مِنَ الرُّؤْيَةِ القَلْبِيَّةِ، وجُوِّزَ أنْ تَكُونَ مِنَ الرُّؤْيَةِ البَصَرِيَّةِ أيْ فَهو يُبْصِرُ ما خَفِيَ عَنْ غَيْرِهِ مِمّا هو غَيْبٌ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب