الباحث القرآني

﴿قُلْ تَرَبَّصُوا﴾ تَهَكُّمٌ بِهِمْ، وتَهْدِيدٌ لَهم ﴿فَإنِّي مَعَكم مِنَ المُتَرَبِّصِينَ﴾ أتَرَبَّصُ هَلاكَكم كَما تَتَرَبَّصُونَ هَلاكِي، وفِيهِ عِدَةٌ كَرِيمَةٌ بِإهْلاكِهِمْ ﴿أمْ تَأْمُرُهم أحْلامُهُمْ﴾ أيْ عُقُولُهم وكانَتْ قُرَيْشُ يَدَّعُونَ أهْلَ الأحْلامِ والنُّهى - وذَلِكَ عَلى ما قالَ الجاحِظُ - لِأنَّ جَمِيعَ العالَمِ يَأْتُونَهم ويُخالِطُونَهم وبِذَلِكَ يُكْمَلُ العَقْلُ وهو يُكْمَلُ بِالمُسافِرَةِ وزِيادَةِ رُؤْيَةِ البِلادِ المُخْتَلِفَةِ والأماكِنِ المُتَبايِنَةِ ومُصاحَبَةِ ذَوِي الأخْلاقِ المُتَفاوِتَةِ وقَدْ حَصَلَ لَهُمُ الغَرَضُ بِدُونِ مَشَقَّةٍ، وقِيلَ لِعَمْرُو بْنِ العاصِ: ما بالُ قَوْمِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا وقَدْ وصَفَهُمُ اللَّهُ تَعالى بِالعَقْلِ ؟! فَقالَ: تِلْكَ عُقُولٌ كادَها اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ أيْ لَمْ يَصْحَبْها التَّوْفِيقُ فَلِذا لَمَّ يُؤْمِنُوا وكَفَرُوا - وأنا لا أرى في الآيَةِ دَلالَةً عَلى رُجْحانِ عُقُولِهِمْ – (p-37)ولَعَلَّها تَدُلُّ عَلى ضِدِّ ذَلِكَ ﴿بِهَذا﴾ التَّناقُصُ في المَقالِ فَإنَّ الكاهِنَ والشّاعِرَ يُكَوِّنانِ ذا عَقْلٍ تامٍّ وفَطِنَةٍ وقّادَةٍ والمَجْنُونُ مُغَطّى عَقْلُهُ مُخْتَلٌّ فِكْرُهُ وهَذا يُعْرِبُ عَنْ أنَّ القَوْمَ لِتَحَيُّرَهم وعَصَبِيَّتَهم وقَعُوا في حَيْصَ بَيْصَ حَتّى اضْطَرَبَتْ عُقُولُهم وتَناقَضَتْ أقْوالُهم وكَذَّبُوا أنْفُسَهم مِن حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ، وأمْرُ الأحْلامِ بِذَلِكَ مَجازٌ عَنِ التَّأْدِيَةِ إلَيْهِ بِعَلاقَةِ السَّبَبِيَّةِ كَما قِيلَ، وقِيلَ: جُعِلَتِ الأحْلامُ آمِرَةً عَلى الِاسْتِعارَةِ المَكْنِيَّةِ فَتُشَبَّهُ الأحْلامُ بِسُلْطانٍ مُطاعٍ تَشْبِيهًا مُضْمِرًا في النَّفْسِ، وتَثْبُتُ لَهُ الأمْرَ عَلى طَرِيقِ التَّخْيِيلِ ﴿أمْ هم قَوْمٌ طاغُونَ﴾ مُجاوِزُونَ الحُدُودَ في المُكابَرَةِ والعِنادِ لا يَحُومُونَ حَوْلَ الرُّشْدِ والسَّدادِ ولِذَلِكَ يَقُولُونَ ما يَقُولُونَ مِنَ الأكاذِيبِ المُحَصَّنَةِ الخارِجَةِ عَنْ دائِرَةِ العُقُولِ، وقَرَأ مُجاهِدٌ «بَلْ هم»
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب