الباحث القرآني

﴿وأمْدَدْناهم بِفاكِهَةٍ ولَحْمٍ مِمّا يَشْتَهُونَ﴾ أيْ وزِدْناهم عَلى ما كانَ لَهم مِن مَبادِي التَّنَعُّمِ وقْتًا فَوَقَتا مِمّا يَشْتَهُونَ مِن فُنُونِ النَّعْماءِ وألْوانِ الآلاءِ، وأصْلُ المَدِّ الجَرُّ، ومِنهُ المُدَّةُ لِلْوَقْتِ المُمْتَدِّ ثُمَّ شاعَ في الزِّيادَةِ، وغَلَبَ الإمْدادُ في المَحْبُوبِ، والمَدُّ في المَكْرُوهِ وكَوْنُهُ وقْتًا بَعْدَ وقْتٍ مَفْهُومِ المَدِّ نَفْسِهِ ﴿يَتَنازَعُونَ فِيها كَأْسًا﴾ أيْ يَتَجاذَبُونَها في الجَنَّةِ هم وجُلَساؤُهم تَجاذُبَ مُلاعَبَةٍ كَما يَفْعَلُ ذَلِكَ النَّدامى بَيْنَهم في الدُّنْيا لِشِدَّةِ سُرُورِهِمْ قالَ الأخْطَلُ: ؎نازَعْتُهُ طَيِّبَ الرّاحِ الشَّمُولِ وقَدْ صاحَ الدَّجاجُ وحانَتْ وقْعَةُ السّارِي وقِيلَ: التَّنازُعُ مَجازٌ عَنِ التَّعاطِي، والكَأْسُ مُؤَنَّثٌ سَماعِيٌّ كالخَمْرِ، ولا تُسَمّى كَأْسًا عَلى المَشْهُورِ إلّا إذا امْتَلَأتْ خَمْرًا أوْ كانَتْ قَرِيبَةً مِنَ الِامْتِلاءِ، وقَدْ تُطْلَقُ عَلى الخَمْرِ نَفْسِها مَجازًا لِعَلاقَةِ المُجاوَرَةِ، وقالَ الرّاغِبُ: الكَأْسُ الإناءُ بِما فِيهِ مِنَ الشَّرابِ ويُسَمّى كُلَّ واحِدٍ مِنهُما بِانْفِرادِهِ كَأْسًا، وفَسَّرَها بَعْضُهم هُنا بِالإناءِ بِما فِيهِ مِنَ الخَمْرِ، وبَعْضُهم بِالخَمْرِ، والأوَّلُ أوْفَقُ بِالتَّجاذُبِ، والثّانِي بِقَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿لا لَغْوٌ فِيها﴾ أيْ في شُرْبِها حَيْثُ لا يَتَكَلَّمُونَ في أثْناءِ الشُّرْبِ بِلَغْوِ الحَدِيثِ وسَقْطِ الكَلامِ ﴿ولا تَأْثِيمٌ﴾ ولا يَفْعَلُونَ ما يُؤْثَمُ بِهِ فاعِلُهُ أيْ يُنْسَبُ إلى الإثْمِ لَوْ فَعَلَهُ في دارِ التَّكْلِيفِ كَما هو دَيْدَنُ النَّدامى في الدُّنْيا وإنَّما يَتَكَلَّمُونَ بِالحِكَمِ وأحاسِنِ الكَلامِ ويَفْعَلُونَ ما يَفْعَلُهُ الكِرامُ، وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ وأبُو عَمْرُو «لا لَغْوَ» «ولا تَأْثِيمَ» بِفَتْحِهِما
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب