الباحث القرآني

وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿أفَسِحْرٌ﴾ هَذا تَوْبِيخٌ وتَقْرِيعٌ لَهم حَيْثُ كانُوا يُسَمُّونَهُ سِحْرًا كَأنَّهُ قِيلَ: كُنْتُمْ تَقُولُونَ لِلْوَحْيِ الَّذِي أُنْذِرُكم بِهَذا سِحْرًا أفَهَذا المُصَدِّقُ لَهُ سِحْرٌ أيْضًا وتَقْدِيمُ الخَبَرِ لِأنَّهُ المَقْصُودُ بِالإنْكارِ والمَدارُ لِلتَّوْبِيخِ. ﴿أمْ أنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ﴾ أيْ أمْ أنْتُمْ عُمْيٌ عَنِ المُخْبَرِ بِهِ كَما كُنْتُمْ في الدُّنْيا عُمْيًا عَنِ الخَبَرِ والفاءُ مُؤْذِنَةٌ بِما ذُكِرَ وذَلِكَ لِأنَّها لَمّا كانَتْ تَقْتَضِي مَعْطُوفًا عَلَيْهِ يُصَحُّ تَرَتُّبُ الجُمْلَةِ أعْنِي سِحْرَ هَذا عَلَيْهِ وكانَتْ هَذِهِ جُمْلَةً وارِدَةً تَقْرِيعًا مِثْلَ هَذِهِ النّارِ إلَخْ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِن تَقْدِيرِ ذَلِكَ عَلى وجْهٍ يُصَحُّ التَّرَتُّبُ ويَكُونُ مَدْلُولًا عَلَيْهِ مِنَ السِّياقِ ﴿فَقَدَرَ﴾ كُنْتُمْ تَقُولُونَ إلى آخِرِهِ، ودَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ﴾ وقَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿هَذِهِ النّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ﴾ وفي الكَشْفِ إنَّ هَذا نَظِيرُ ما تَسْتَدِلُّ بِحُجَّةٍ فَيَقُولُ الخَصْمُ: هَذا باطِلٌ فَتَأْتِي بِحُجَّةٍ أوْضَحِ مِنَ الأوَّلِ مُسْكِتَةٍ وتَقُولُ: أفَباطِلٌ هَذا ؟! تُعَيِّرُهُ بِالإلْزامِ بِأنَّ مَقالَتَهُ الأُولى كانَتْ باطِلَةً، وفي مِثْلِهِ جازَ أنَّ يُقَدَّرُ القَوْلُ عَلى مَعْنى أفَتَقُولَ باطِلٌ هَذا وأنْ لا يُقَدَّرَ لِابْتِنائِهِ عَلى كَلامِ الخَصْمِ وهَذا أبْلَغُ، ( وأمْ ) كَما هو الظّاهِرُ مُنْقَطِعَةٌ، وفي البَحْرِ لِما قِيلَ لَهم: هَذِهِ النّارُ وقَفُوا عَلى الجِهَتَيْنِ اللَّتَيْنِ يُمَكَّنُ مِنهُما دُخُولُ الشَّكِّ في أنَّها النّارُ وهي إمّا أنْ يَكُونَ ( ثُمَّ ) سِحْرٌ يَلْبَسُ ذاتَ المَرْأى، وإمّا أنْ يَكُونَ في ناظِرِ النّاظِرِ اخْتِلالٌ، والظّاهِرُ أنَّهُ جَعَلَ ( أمْ ) مُعادَلَةً والأوَّلُ أبْعَدُ مَغْزى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب