﴿وفِي مُوسى﴾ عَطْفٌ عَلى ﴿وتَرَكْنا فِيها﴾ بِتَقْدِيرِ عامِلٍ لَهُ أيْ وجَعَلْنا في مُوسى، والجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلى الجُمْلَةِ، أوْ هو عَطْفٌ عَلى ( فِيها ) بِتَغْلِيبِ مَعْنى عامِلِ الآيَةِ، أوْ سُلُوكِ طَرِيقِ المُشاكَلَةِ في عَطْفِهِ عَلى الأوْجُهِ الَّتِي ذَكَرَها النُّحاةُ في نَحْوِ:
عَلَفْتُها تِبْنًا وماءً بارِدًا لا يُصَحُ تَسْلِيطُ التَّرْكِ بِمَعْنى الإبْقاءِ عَلى قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿وفِي مُوسى﴾ فَقَوْلُ أبِي حَيّانَ: لا حاجَةَ إلى إضْمارِ ( تَرَكْنا ) لِأنَّهُ قَدْ أمْكَنَ العامِلَ في المَجْرُورِ تَرَكْنا الأوَّلَ فِيهِ بَحْثٌ، وقِيلَ: ( في مُوسى ) خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أيْ ( وفي مُوسى ) آيَةٌ، وجَوَّزَ ابْنُ عَطِيَّةَ. وغَيْرُهُ أنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلى قَوْلِهِ تَعالى: ( وفي الأرْضِ ) وما بَيْنَهُما اعْتِراضٌ لِتَسْلِيَتِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ عَلى ما مَرَّ، وتُعُقِّبَهُ في البَحْرِ بِأنَّهُ بَعِيدٌ جِدًّا يُنَزَّهُ القُرْآنُ الكَرِيمُ عَنْ مِثْلِهِ ﴿إذْ أرْسَلْناهُ﴾ قِيلَ: بَدَلٌ مِن ( مُوسى )، وقِيلَ: هو مَنصُوبٌ بِآيَةٍ، وقِيلَ: بِمَحْذُوفٍ أيْ كائِنَةٌ وقْتَ إرْسالِنا، وقِيلَ: بِتَرْكِنا.
﴿إلى فِرْعَوْنَ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ﴾ هو ما ظَهَرَ عَلى يَدَيْهِ مِنَ المُعْجِزاتِ الباهِرَةِ، والسُّلْطانُ يُطْلَقُ عَلى ذَلِكَ مَعَ شُمُولِهِ لِلْواحِدِ والمُتَعَدِّدِ لِأنَّهُ في الأصْلِ مَصْدَرٌ.
{"ayah":"وَفِی مُوسَىٰۤ إِذۡ أَرۡسَلۡنَـٰهُ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ بِسُلۡطَـٰنࣲ مُّبِینࣲ"}