الباحث القرآني

﴿فَأوْجَسَ مِنهم خِيفَةً﴾ فَأضْمَرَ في نَفْسِهِ مِنهم خَوْفًا لَمّا رَأى عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ إعْراضَهم عَنْ طَعامِهِ وظَنَّ أنَّ ذَلِكَ لِشَرٍّ يُرِيدُونَهُ فَإنَّ أكْلَ الضَّيْفِ أمْنَةٌ ودَلِيلٌ عَلى انْبِساطِ نَفْسِهِ ولِلطَّعامِ حُرْمَةٌ وذِمامٌ والِامْتِناعُ مِنهُ وحْشَةٌ مُوجِبَةٌ لِظَنِّ الشَّرِّ. وعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ وقَعَ في نَفْسِهِ أنَّهم مَلائِكَةٌ أُرْسِلُوا لِلْعَذابِ فَخافَ ﴿قالُوا لا تَخَفْ﴾ إنّا رُسُلُ اللَّهِ تَعالى، عَنْ يَحْيى بْنِ شَدّادٍ مَسْحَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ العِجْلَ بِجَناحِهِ فَقامَ يُدْرَجُ حَتّى لَحِقَ بِأُمِّهِ فَعَرِفَهم وأمِنَ مِنهم، وعَلى ما رُوِيَ عَنِ الحَبْرِ أنَّ هَذا لِمُجَرَّدِ تَأْمِينِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ، وقِيلَ: مَعَ تَحْقِيقِ أنَّهم مَلائِكَةٌ وعِلْمِهِمْ بِما أُضْمِرَ في نَفْسِهِ إمّا بِإطْلاعِ اللَّهِ تَعالى إيّاهم عَلَيْهِ، أوْ إطْلاعِ مَلائِكَتِهِ الكِرامِ الكاتِبِينَ عَلَيْهِ وإخْبارِهِمْ بِهِ، أوْ بِظُهُورِ أمارَتِهِ في وجْهِهِ الشَّرِيفِ فاسْتُدِلُّوا بِذَلِكَ عَلى الباطِنِ ﴿وبَشَّرُوهُ﴾ وفي سُورَةِ [الصّافّاتِ: 112] ﴿وبَشَّرْناهُ﴾ أيْ بِواسِطَتِهِمْ ﴿بِغُلامٍ﴾ (p-13)هُوَ عِنْدَ الجُمْهُورِ إسْحاقُ ابْنُ سارَةَ وهو الحَقُّ لِلتَّنْصِيصِ عَلى أنَّهُ المُبَشَّرُ بِهِ في سُورَةِ هُودِ، والقِصَّةُ واحِدَةُ، وقالَ مُجاهِدٌ: إسْماعِيلَ ابْنَ هاجَرِ كَما رَواهُ عَنْهُ ابْنُ جَرِيرٍ وغَيْرُهُ ولا يَكادُ يُصَحُّ ﴿عَلِيمٍ﴾ عِنْدَ بُلُوغِهِ واسْتِوائِهِ، وفِيهِ تَبْشِيرٌ بِحَياتِهِ وكانَتِ البِشارَةُ بِذِكْرٍ لِأنَّهُ أسَرٌ لِلنَّفْسِ وأبْهَجٌ، ووَصَفَهُ بِالعِلْمِ لِأنَّها الصِّفَةُ الَّتِييَخْتَصُّ بِها الإنْسانُ الكامِلُ لا الصُّورَةَ الجَمِيلَةَ والقُوَّةَ ونَحْوَهُما، وهَذا عِنْدَ غَيْرِ الأكْثَرِينَ مِن أهْلِ هَذا الزَّمانِ فَإنَّ العِلْمَ عِنْدَهم لا سِيَّما العِلْمُ الشَّرْعِيُّ رَذِيلَةٌ لا تُعادِلُها رَذِيلَةٌ والجَهْلُ فَضِيلَةٌ لا تُوازِنُها فَضِيلَةٌ، وفي صِيغَةِ المُبالَغَةِ مَعَ حَذْفِ المَعْمُولِ ما لا يَخْفى مِمّا يُوجِبُ السُّرُورَ، وعَنِ الحَسَنِ ( عَلِيمٍ ) نَبِيٌّ ووَقَعَتِ البِشارَةُ بَعْدَ التَّأْنِيسِ، وفي ذَلِكَ إشارَةٌ إلى أنَّ دَرْءَ المَفْسَدَةِ أهَمُّ مِن جَلْبِ المَصْلَحَةِ، وذَكَرَ بَعْضُهم أنَّ عِلْمَهُ عَلَيْهِ السَّلامُ بِأنَّهم مَلائِكَةٌ مِن حَيْثُ بَشَّرُوهُ بِغَيْبٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب