الباحث القرآني

﴿فَراغَ إلى أهْلِهِ﴾ أيْ ذَهَبَ إلَيْهِمْ عَلى خِفْيَةٍ مِن ضَيْفِهِ، نَقَلَ أبُو عُبَيْدَةَ أنَّهُ لا يُقالُ: راغَ إلّا إذا ذَهَبَ عَلى خِفْيَةٍ، وقالَ: يُقالُ رَوَغَ اللُّقْمَةَ إذا غَمَسَها في السَّمْنِ حَتّى تُرْوى، قالَ ابْنُ المُنِيرِ: وهو مِن هَذا المَعْنى لِأنَّها تُذْهَبُ مَغْمُوسَةً في السَّمْنِ حَتّى تُخْفى، ومِن مَقْلُوبِ الرَّوْغِ غَوْرُ الأرْضِ والجُرْحِ لِخَفائِهِ وسائِرُ مَقْلُوباتِهِ قَرِيبَةٌ مِن هَذا المَعْنى، وقالَ الرّاغِبُ: الرَّوْغُ المَيْلُ عَلى سَبِيلِ الِاحْتِيالِ، ومِنهُ راغَ الثَّعْلَبُ، وراغَ فَلانُ إلى فُلانٍ مالَ نَحْوَهُ لِأمْرٍ يُرِيدُهُ مِنهُ بِالِاحْتِيالِ، ويُعْلَمُ مِنهُ أنَّ لِاعْتِبارٍ قُيِّدَ الخِفْيَةُ وجْهًا وهو أمْرٌ يَقْتَضِيهِ المَقامُ أيْضًا لِأنَّ مَن يَذْهَبُ إلى أهْلِهِ لِتَدارُكِ الطَّعامِ يَذْهَبُ كَذَلِكَ غالِبًا، وتُشْعِرُ الفاءُ بِأنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ يُبادِرُ بِالذَّهابِ ولَمْ يُمَهَّلْ وقَدْ ذَكَرُوا أنَّ مِن أدَبِ المُضِيفِ أنْ يُبادِرَ بِالقِرى مِن غَيْرِ أنْ يَشْعُرَ بِهِ الضَّيْفُ حَذَرًا مِن أنْ يَمْنَعَهُ الضَّيْفُ، أوْ يَصِيرَ مُنْتَظَرًا ﴿فَجاءَ بِعِجْلٍ﴾ هو ولَدُ البَقَرَةِ كَأنَّهُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِتَصَوُّرِ عِجْلَتِهِ الَّتِي تُعْدَمُ مِنهُ إذا صارَ ثَوْرًا ﴿سَمِينٍ﴾ مُمْتَلَئِ الجَسَدِ بِالشَّحْمِ واللَّحْمِ يُقالُ: سَمِنَ - كَسَمِعَ - سَمانَةً بِالفَتْحِ وسَمْنًا - كَعِنَبٍ - فَهو سامِنٌ وسَمِينٌ، وكَحَسَنِ السَّمِينِ خِلْقَةً كَذا في القامُوسِ، وفي البَحْرِ يُقالُ: سَمِنَ سَمَّنا فَهو سَمِينٌ شُذُوذًا في المَصْدَرِ، واسْمُ الفاعِلِ والقِياسُ سَمِنَ وسَمَنَ، وقالُوا: سامَنَ إذا حَدَثَ لَهُ السَّمْنُ انْتَهى، والفاءُ فَصَيْحَةٌ أفْصَحَتْ عَنْ جُمَلٍ قَدْ حُذِفَتْ ثِقَةً بِدَلالَةِ الحالِ عَلَيْها، وإيذانًا بِكَمالِ سُرْعَةِ المَجِيءِ بِالطَّعامِ أيْ فَذَبَحَ عِجْلًا فَحَنَذَهُ فَجاءَ بِهِ، وقالَ بَعْضُهم إنَّهُ كانَ مُعَدًّا عِنْدَهُ حَنِيذًا قَبْلَ مَجِيئِهِمْ لِمَن يَرِدُ عَلَيْهِ مِنَ الضُّيُوفِ فَلا حاجَةَ إلى تَقْدِيرِ ما ذُكِرَ، والمَشْهُورُ اليَوْمَ أنَّ الذَّبْحَ لِلضَّيْفِ إذا ورَدَ أبْلَغُ في إكْرامِهِ مِنَ الإتْيانِ بِما هُيِّءَ مِنَ الطَّعامِ قَبْلَ وُرُودِهِ، وكانَ كَما رُوِيَ عَنْ قَتادَةِ عامَّةُ مالِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ البَقْرُ ولَوْ كانَ عِنْدَهُ أطْيَبُ لَحْمًا مِنهُ لَأكْرَمَهم بِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب