الباحث القرآني

﴿هَذا ما تُوعَدُونَ﴾ إشارَةٌ إلى الجَنَّةِ، والتَّذْكِيرُ لِما أنَّ المُشارَ إلَيْهِ هو المُسَمّى مِن غَيْرِ قَصْدِ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ فَضْلًا عَنْ تَذْكِيرِهِ وتَأْنِيثِهِ فَإنَّهُما مِن أحْكامِ اللَّفْظِ العَرَبِيِّ كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَلَمّا رَأى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هَذا رَبِّي﴾ وقَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿ولَمّا رَأى المُؤْمِنُونَ الأحْزابَ قالُوا هَذا ما وعَدَنا اللَّهُ ورَسُولُهُ﴾ ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِتَذْكِيرِ الخَبَرِ، وقِيلَ: هو إشارَةٌ إلى الثَّوابِ. وقِيلَ: إلى مَصْدَرِ ﴿أُزْلِفَتْ﴾ والجُمْلَةُ بِتَقْدِيرِ قَوْلٍ وقَعَ حالًا مِنَ المُتَّقِينَ أوْ مِنَ الجَنَّةِ والعامِلُ أُزْلِفَتْ أيْ مَقُولًا لَهم أوْ مَقُولًا في حَقِّها هَذا ما تُوعَدُونَ، أوِ اعْتِراضٌ بَيْنَ المُبْدَلِ مِنهُ أعْنِي ( لِلْمُتَّقِينَ ) والبَدَلِ أعْنِي الجارَّ والمَجْرُورَ وفِيهِ بُعْدٌ. وصِيغَةُ المُضارِعِ لِاسْتِحْضارِ الصُّورَةِ الماضِيَةِ، وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ وأبُو عَمْرٍو (يُوعَدُونَ) بِياءِ الغَيْبَةِ، والجُمْلَةُ عَلى هَذِهِ القِراءَةِ قِيلَ: اعْتِراضٌ أوْ حالٌ مِنَ الجَنَّةِ، وقالَ أبُو حَيّانَ: هي اعْتِراضٌ، والمُرادُ هَذا القَوْلُ هو الَّذِي وقَعَ الوَعْدُ بِهِ وهو كَما تَرى، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿لِكُلِّ أوّابٍ﴾ أيْ رَجّاعٍ إلى اللَّهِ تَعالى بَدَلٌ مِنَ المُتَّقِينَ بِإعادَةِ الجارِّ أوْ مِن ( لِلْمُتَّقِينَ ) عَلى أنْ يَكُونَ الجارُّ والمَجْرُورُ بَدَلًا مِنَ الجارِّ والمَجْرُورِ ﴿حَفِيظٍ﴾ حَفِظَ ذُنُوبَهُ حَتّى رَجَعَ عَنْها كَما رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ وسَعِيدِ بْنِ سِنانٍ، وقَرِيبٌ مِنهُ ما أخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ وابْنُ أبِي شَيْبَةَ وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ يُونُسَ بْنِ خَبّابٍ قالَ: قالَ لِي مُجاهِدٌ: ألا أُنَبِّئُكَ بِالأوّابِ الحَفِيظِ؟ هو الرَّجُلُ يَذْكُرُ ذَنْبَهُ إذا خَلا فَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعالى مِنهُ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ قَتادَةَ قالَ: أيْ حَفِيظٍ لِما اسْتَوْدَعَهُ اللَّهُ تَعالى مِن حَقِّهِ ونِعْمَتِهِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ كُنّا نَعُدُّ الأوّابَ الحَفِيظَ الَّذِي يَكُونُ في المَجْلِسِ فَإذا أرادَ أنْ يَقُومَ قالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ما أصَبْتُ في مَجْلِسِي هَذا. وقِيلَ: هو الحافِظُ لِتَوْبَتِهِ مِنَ النَّقْضِ ولا يُنافِيهِ صِيغَةُ ( أوّابٍ ) كَما لا يَخْفى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب