الباحث القرآني
﴿وإذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إلى الرَّسُولِ تَرى أعْيُنَهم تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ﴾ عَطْفٌ عَلى ﴿لا يَسْتَكْبِرُونَ﴾، و(إذا) في مَوْضِعِ نَصْبٍ بِـ (تَرى)، وجُمْلَةُ (تَفِيضُ) في مَوْضِعِ الحالِ، والرُّؤْيَةُ بَصَرِيَّةٌ أيْ ذَلِكَ بِسَبَبِ أنَّهم لا يَسْتَكْبِرُونَ، وأنَّهم إذا سَمِعُوا القُرْآنَ رَأيْتَ أعْيُنَهم فائِضَةً مِنَ الدَّمْعِ، وجَوَّزَ السَّمِينُ وغَيْرُهُ الِاسْتِئْنافَ وأيًّا ما كانَ فَهو بَيانٌ لِرِقَّةِ قُلُوبِهِمْ وشَدَّةِ خَشْيَتِهِمْ ومُسارَعَتِهِمْ إلى قَبُولِ الحَقِّ وعَدَمِ إبائِهِمْ إيّاهُ، والظّاهِرُ عَوْدُ ضَمِيرِ (سَمِعُوا) لِلَّذِينِ قالُوا إنّا نَصارى
وقَدْ تَقَدَّمَ أنَّ الظّاهِرَ فِيهِ العُمُومُ وقِيلَ: يَتَعَيَّنُ هُنا إرادَةُ البَعْضِ وهو مَن جاءَ مِنَ الحَبَشَةِ إلى النَّبِيِّ ﷺ لِأنَّ كُلَّ النَّصارى لَيْسُوا كَذَلِكَ، والفَيْضُ الصُّبابُ عَنِ امْتِلاءٍ ووُضِعَ هُنا مَوْضِعَ الِامْتِلاءِ بِإقامَةِ المُسَبِّبِ مَقامَ السَّبَبِ أيْ تَمْتَلِئُ مِنَ الدَّمْعِ أوْ قُصِدَ المُبالَغَةُ فَجُعِلَتْ أعْيُنُهم بِأنْفُسِها تَفِيضُ مِن أجْلِ الدَّمْعِ قالَهُ في الكَشّافِ، وأرادَ عَلى ما في الكَشْفِ أنَّ الدَّمْعَ عَلى الأوَّلِ هو الماءُ المَخْصُوصُ وعَلى الثّانِي الحَدَثُ، وهو عَلى الأوَّلِ مَبْدَأٌ مادِّيٌّ وعَلى الثّانِي سَبَبِيٌّ، وفي الانْتِصافِ أنَّ هَذِهِ العِبارَةَ أبْلَغُ العِباراتِ وهي ثَلاثُ مَراتِبَ فالأُولى فاضَ دَمْعُ عَيْنِهِ وهَذا هو الأصْلُ، والثّانِيَةُ مُحَوَّلَةٌ مِن هَذِهِ وهي فاضَتْ عَيْنُهُ دَمْعًا فَإنَّهُ قَدْ حُوِّلَ فِيها الفِعْلُ إلى العَيْنِ مَجازًا ومُبالَغَةً ثُمَّ نَبَّهَ عَلى الأصْلِ والحَقِيقَةِ بِنَصْبِ ما كانَ فاعِلًا عَلى التَّمْيِيزِ، والثّالِثَةُ ما في النَّظْمِ الكَرِيمِ وفِيها التَّحْوِيلُ المَذْكُورُ إلّا أنَّها أبْلَغُ مِنَ الثّانِيَةِ بِاطِّراحِ التَّنْبِيهِ عَلى الأصْلِ وعَدَمِ نَصْبِ التَّمْيِيزِ وإبْرازِهِ في صُورَةِ التَّعْلِيلِ وجَوَّزَ الزَّمَخْشَرِيُّ أنْ تَكُونَ مِن هَذِهِ هي الدّاخِلَةُ عَلى التَّمْيِيزِ وهو مَرْدُودٌ وإنْ كانَ الكُوفِيُّونَ ذَهَبُوا إلى جَوازِ تَعْرِيفِ التَّمْيِيزِ وأنَّهُ يُشْتَرَطُ تَنْكِيرُهُ كَما هو مَذْهَبُ الجُمْهُورِ لِأنَّ التَّمْيِيزَ المَنقُولَ عَنِ الفاعِلِ يَمْتَنِعُ دُخُولُ (مِن) عَلَيْهِ وإنْ كانَتْ مَقْدِرَةً مَعَهُ فَلا يَجُوزُ تَفَقَّأ زَيْدٌ مِن شَحْمٍ فَلْيُفْهَمْ، ﴿مِمّا عَرَفُوا مِنَ الحَقِّ﴾ مِنِ الأوْلى لِابْتِداءِ الغايَةِ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ وقَعَ حالًا مِنَ الدَّمْعِ أيْ حالَ كَوْنِهِ ناشِئًا مِن مَعْرِفَةِ الحَقِّ وجُوِّزَ أنْ تَكُونَ تَعْلِيلِيَّةً مُتَعَلِّقَةً بِـ (تَفِيضُ) أيْ أنْ يَفِيضَ دَمْعُهم بِسَبَبِ عِرْفانِهِمْ
وجُوِّزَ عَلى تَقْدِيرِ كَوْنِها لِلِابْتِداءِ أنْ تَتَعَلَّقَ بِذَلِكَ أيْضًا لَكِنْ يَجُوزُ عَلى تَقْدِيرِ اتِّحادِ مُتَعَلِّقِ (مِن) هَذِهِ و(مِن) في ﴿مِنَ الدَّمْعِ﴾ القَوْلُ بِاتِّحادِ مَعْناهُما فَإنَّهُ يَتَعَلَّقُ حَرْفا جَرٍّ بِمَعْنًى بِعامِلٍ واحِدٍ، و(مِنَ) الثّانِيَةُ لِلتَّبْعِيضِ مُتَعَلِّقَةٌ بِـ (عَرَفُوا) عَلى مَعْنى أنَّهم عَرَفُوا بَعْضَ الحَقِّ فَأبْكاهم فَكَيْفَ لَوْ عَرَفُوهُ كُلَّهُ وقَرَءُوا القُرْآنَ وأحاطُوا بِالسُّنَّةِ أوْ لِبَيانِ (ما) بِناءً عَلى أنَّها مَوْصُولَةٌ، ونَصَّ أبُو البَقاءِ عَلى أنَّها مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ وقَعَ حالًا مِنَ العائِدِ المَحْذُوفِ ولَمْ يَذْكُرِ الِاحْتِمالَ الأوَّلَ وقُرِئَ (تُرى أعْيُنُهُمْ) عَلى صِيغَةِ المَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ (يَقُولُونَ) اسْتِئْنافٌ مَبْنِيٌّ عَلى (p-5)سُؤالٍ نَشَأ مِن حِكايَةِ حالِهِمْ عِنْدَ سَماعِ القُرْآنِ كَأنَّهُ قِيلَ: ماذا يَقُولُونَ فَأُجِيبَ يَقُولُونَ: (رَبَّنا آمنا) بِما أُنْزِلَ أوْ بِمَن أُنْزِلَ عَلَيْهِ أوْ بِهِما
وقالَ أبُو البَقاءِ: إنَّهُ حالٌ مِنَ الضَّمِيرِ في (عَرَفُوا) وقالَ السَّمِينُ: يَجُوزُ الأمْرانِ وكَوْنُهُ حالًا مِنَ الضَّمِيرِ المَجْرُورِ في (أعْيُنِهِمْ) لِما أنَّ المُضافَ جُزْؤُهُ كَما في قَوْلِهِ تَعالى ﴿ونَزَعْنا ما في صُدُورِهِمْ مِن غِلٍّ إخْوانًا﴾
فاكْتُبْنا مَعَ الشّاهِدَيْنِ 38 أيِ اجْعَلْنا عِنْدَكَ مَعَ مُحَمَّدٍ ﷺ وأُمَّتِهِ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ يَوْمَ القِيامَةِ عَلى ما رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ أوْ مَعَ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ بِحَقِّيَّةٍ نَبِيِّكَ ﷺ وكِتابِكَ كَما نُقِلَ عَنِ الجَبائِيِّ ورُوِيَ بِمَعْناهُ عَنِ الحَسَنِ.
{"ayah":"وَإِذَا سَمِعُوا۟ مَاۤ أُنزِلَ إِلَى ٱلرَّسُولِ تَرَىٰۤ أَعۡیُنَهُمۡ تَفِیضُ مِنَ ٱلدَّمۡعِ مِمَّا عَرَفُوا۟ مِنَ ٱلۡحَقِّۖ یَقُولُونَ رَبَّنَاۤ ءَامَنَّا فَٱكۡتُبۡنَا مَعَ ٱلشَّـٰهِدِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق