الباحث القرآني

﴿وتَرى كَثِيرًا مِنهُمْ﴾ أيْ مِن أُولَئِكَ اليَهُودِ - كَما رُوِيَ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ - والخِطابُ لِسَيِّدِ المُخاطَبِينَ - صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ - أوْ لِكُلِّ مَن يَصْلُحُ لِلْخِطابِ، والرُّؤْيَةُ بَصَرِيَّةٌ، وقِيلَ: قَلْبِيَّةٌ، وقَوْلُهُ: ﴿يُسارِعُونَ في الإثْمِ والعُدْوانِ﴾ في مَوْضِعِ الحالِ مِن (p-179)( كَثِيرًا ) المَوْصُوفِ بِالجارِّ والمَجْرُورِ، وقِيلَ: مَفْعُولٌ ثانٍ لِـ( تَرى ) والمُسارَعَةُ مُبادَرَةُ الشَّيْءِ بِسُرْعَةٍ، وإيثارُ ( في ) عَلى ( إلى ) لِلْإشارَةِ إلى تَمَكُّنِهِمْ فِيما يُسارِعُونَ إلَيْهِ تَمَكُّنَ المَظْرُوفِ في ظَرْفِهِ، وإحاطَتِهِ بِأعْمالِهِمْ، وقَدْ مَرَّتِ الإشارَةُ إلى ذَلِكَ. والمُرادُ بِالإثْمِ الحَرامُ، وقِيلَ: الكَذِبُ مُطْلَقًا، وقِيلَ: الكَذِبُ بِقَوْلِهِمْ ( آمَنّا ) لِأنَّهُ إمّا إخْبارٌ أوْ إنْشاءٌ مُتَضَمِّنٌ الإخْبارَ بِحُصُولِ صِفَةِ الإيمانِ لَهُمْ، واسْتُدِلَّ عَلى التَّخْصِيصِ بِقَوْلِهِ تَعالى الآتِي: ﴿عَنْ قَوْلِهِمُ الإثْمَ﴾ وأنْتَ تَعْلَمُ أنَّهُ لا يَقْتَضِيهِ، وقِيلَ: المُرادُ بِهِ الكُفْرُ، ورُوِيَ ذَلِكَ عَنِ السُّدِّيِّ، ولَعَلَّ الدّاعِيَ لِتَخْصِيصِهِ بِهِ كَوْنُهُ الفَرْدَ الكامِلَ، والمُرادُ مِنَ العُدْوانِ الظُّلْمُ، أوْ مُجاوَزَةُ الحَدِّ في المَعاصِي، وقِيلَ: الإثْمُ ما يَخْتَصُّ بِهِمْ، والعُدْوانُ ما يَتَعَدّى إلى غَيْرِهِمْ، والكَلامُ مَسُوقٌ لِوَصْفِهِمْ بِسُوءِ الأعْمالِ بَعْدَ وصْفِهِمْ بِسُوءِ الِاعْتِقادِ. ﴿وأكْلِهِمُ السُّحْتَ﴾ أيِ الحَرامَ مُطْلَقًا، وقالَ الحَسَنُ: الرِّشْوَةُ في الحُكْمِ، والتَّنْصِيصُ عَلى ذَلِكَ بِالذِّكْرِ - مَعَ انْدِراجِهِ في المُتَقَدِّمِ - لِلْمُبالَغَةِ في التَّقْبِيحِ ﴿لَبِئْسَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ﴾ أيْ لَبِئْسَ شَيْئًا يَعْمَلُونَهُ هَذِهِ الأُمُورُ، فَـ( ما ) نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ وقَعَتْ تَمْيِيزًا لِضَمِيرِ الفاعِلِ المُسْتَتِرِ في ( بِئْسَ ) والمَخْصُوصُ بِالذَّمِّ مَحْذُوفٌ - كَما أشَرْنا إلَيْهِ - وجُوِّزَ جَعْلُ ( ما ) مَوْصُولَةً فاعِلَ ( بِئْسَ ) والجَمْعُ بَيْنَ صِيغَتَيِ الماضِي والمُسْتَقْبَلِ لِلدَّلالَةِ عَلى الِاسْتِمْرارِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب